قد تكون من أهم الأسباب التي أدت إلى مباركة مشروع الربط الخليجي للكهرباء هي مواجهة أي تحديات مستقبلية أو حالات طوارئ قد تواجه المنطقة، وهذا بطبيعة الحال أمر حميد وشيء حسن، خصوصاً إذا ما لاحظنا أن دول مجلس التعاون الخليجي لا يقل استهلاكها من الطاقة الكهربائية (الرئيسة) مقدراً الـ60 غيغا واط وصولاً إلى أرقام تقارب الـ250 غيغا واط، كان المشروع متماشيا مع خطط المنطقة والإقليم خصوصاً في مواجهة التحديات الجيوسياسية آنذاك، فقد بدأ العمل به مطلع الألفية الجديدة، وانتهت أعماله عام 2013 بحسب الموقع الرسمي لهيئة الربط الكهربائي الخليجي.
الحكاية والرواية ليست هنا بتاتاً، فقد تغيرت المفاهيم ألف ألف مرة منذ انطلاق فكرة المشروع، والأفكار لا تبقى حبيسة الأدراج لدى أشقائنا في الخليج، بل دائما ما تجد لها منفذاً على أرض الواقع وحيزاً للتنفيذ الجاد. تغير النهج في دول الخليج العربي باستثناء دولة الكويت لتصبح دولاً ملتزمة بخطط لنزع الكربون من اقتصاداتها وذات طابع ملموس في إنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة، بل إن مشروع «بركة» الإماراتي للطاقة النووية بدأ يغذي الدولة بـ5.6 غيغا واط في مرحلته الأولى فقط، ناهيك طبعاً عن أن كل دول الخليج من البحرين إلى عمان قد توسعت في إنتاج الطاقة من الرياح والشمس بمشاريع لا تعد ولا تحصى.
الربط الكهربائي الخليجي له جوانب عدة بيئية إذا ما تم الانتفاع منها والتخطيط الجيد لها، فإذا ما كانت الدول التي تنتج الكهرباء تنتجها من مصادر منزوعة الكربون، فهي تغذي شبكاتها بطاقة نظيفة ناهيك عن تحقيق التزاماتها الأممية، وهنا يظهر قصور دور دولة الكويت مقارنة بشقيقاتها الخليجيات من جانب ومن جانب آخر حين يتمعن المرء بالإمكانات المتوافرة، فهي ما زالت تعتمد على المصادر الأحفورية بشكل رئيس مع انتقاص كبير من الإمكانات التي يمكن تحقيقها في تنوع سلة طاقتها كإنتاج الطاقة من النفايات والرياح والطاقة الشمسية بشكل موسع وأكبر، كما أن لمثل هذه المبادرات المنافع الجمة لانتزاع الكربون من الاقتصاد الكويتي، كما تشير له التقارير الأخيرة للمفوضية الأوروبية التي شكلت دولها مثالا يحتذى به حتى في أيام الحظر وكورونا، فحققت انخفاضات كربونية تصل الى 43% مقارنة بدول العالم ككل، والتي ارتفعت انبعاثاته مقارنة بسنة 1990 بنسبة تصل إلى 58%.
وعوداً على ذي بدء فإن الأصل هنا أن تبدأ دولة الكويت بالتنوع الطاقي شيئاً فشيئاً ليكون مشروع الربط الكهربائي أفضل فرصة لها من حيث تخفيف الانبعاثات والاستفادة المثلى من الطاقة المتجددة، وأن تكون فرصة كذلك لتحقيق التزاماتها الأممية فيما يخص التغير المناخي.