صلاح قابيل.. فنان طاردته الحياة بعد الرحيل!
• أُشيع أنه دُفن حيًا وزعم البعض أنه صافحه بعد وفاته
حقق الفنان المصري صلاح قابيل حضوره المميز، كممثل يمتلك موهبة متفردة، وامتد مشواره الفني لأكثر من ثلاثة عقود، وقدّم العديد من الأعمال السينمائية والدرامية، ونال تقدير النقاد والجمهور، وطاردته الشائعات في حياته وحتى بعد رحيله في 3 ديسمبر 1992 عن عمر ناهز 61 عامًا. ترك النجم صلاح قابيل رصيدًا فنيًا بالغ الثراء والتنوع، وشارك خلال مشواره الفني، فيما يقرب من 300 عمل فني، سواء على مستوى السينما أو التلفزيون أو الإذاعة أو المسرح، لعب خلالها أدوار الشر والكوميديا والرومانسية ببراعة شديدة، ونال جميعها إعجاب الملايين من متابعيه ومحبيه. وقدّم للسينما حوالي 72 فيلمًا، من أبرزها "بين القصرين" 1962))، و"زقاق المدق" (1963) للمخرج حسن الإمام، و"نحن لا نزرع الشوك" (1970)، إخراج حسين كمال، و"أغنية على الممر" (1972)، إخراج علي عبدالخالق، و"ليلة القبض على فاطمة" (1984)، إخراج هنري بركات، و"البريء" (1986)، للمخرج عاطف الطيب، و"الإرهاب" (1989) مع نادية الجندي، وإخراج نادر جلال، و"الراقصة والسياسي" (1990) إخراج سمير سيف، و"مهمة في تل أبيب" (1992) إخراج نادر جلال.
شارك قابيل في عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية، منها “القاهرة والناس” (1972)، إخراج محمد فاضل، و”زينب والعرش” (1979)، إخراج يحيى العلمي، و”بكيزة وزغلول” (1986)، إخراج أحمد بدرالدين، و”ضمير أبلة حكمت” (1991)، للمخرجة إنعام محمد علي.
الجبل والليالي
وظهر النجم الكبير على الشاشة للمرة الأخيرة، عندما شارك في الجزء الرابع من المسلسل الشهير “ليالي الحلمية” (1992)، ونتيجة لوفاته المفاجئة، تم تغيير سيناريو الجزء الخامس والأخير من المسلسل، وحُذِف دور “الحاج علاّم السماحي”، وظهرت صورته كمتوفى في بعض المشاهد.
وترشح صلاح قابيل، لدور “علوان البكري” في المسلسل الشهير “ذئاب الجبل” (1992)، تأليف محمد صفاء عامر وإخراج مجدي أبوعميرة، وقام بتصوير خمسة مشاهد، ولكن رحيله المفاجئ حال دون مواصلة تجسيد هذه الشخصية.
وذهب الدور بعد ذلك إلى الفنان عبدالله غيث، الذي وافته المنية أيضًا قبل أن يستكمل تصوير آخر ثمانية مشاهد من الدور، وقام المؤلف محمد صفاء عامر بتعديل النهاية لتوافق الأحداث الدرامية للمسلسل.
بدأت رحلة صلاح قابيل بمولده في 27 يونيو عام 1931، بقرية العزيزية بمركز منيا القمح في محافظة الشرقية (شمال شرق القاهرة)، وكان لديه ثلاثة أشقاء (عصمت وكريمة وعبدالمحسن)، وكان والده يعمل في مهنة التدريس، وتوفت والدته في سن مبكرة حين كان في الثامنة من عمره. واكتشف موهبته في المدرسة الابتدائية، وشارك في الحفلات المدرسية بإلقاء الخطب والتمثيل.
وانتقل الطفل صلاح مع أسرته للعيش في القاهرة، والتحق بالمدرسة الخديوية الثانوية، وهناك شارك بفرقة التمثيل، وقدّم من خلالها بعض العروض على المسرح المدرسي. ووقتها ارتاد دور المسرح والسينما، وشاهد الكثير من أعمال نجوم مسرح الأربعينيات، مثل يوسف وهبي وأنور وجدي ونجيب الريحاني وفاطمة رشدي.
وبعد تخرجه في المدرسة الثانوية، التحق بكلية الحقوق واستمر بها لمدة ثلاث سنوات، وشارك فيها أيضًا بفرقة التمثيل، وبعد وفاة والده التحق بمعهد التمثيل، ومنه التحق بمعهد الفنون المسرحية، ليبدأ رحلته في عالم الأضواء والشهرة، ويقدّم أهم الأدوار في تاريخ السينما والدراما المصرية.
قفص الاتهام
انطلقت شهرة صلاح قابيل في بداية ظهور التلفزيون المصري، أوائل الستينيات، وشارك في بطولة العديد من المسلسلات، وأصبح نجمًا معروفًا لدى جمهور الشاشة الصغيرة، ووقتها دخل قفص الاتهام من خلال برنامج تلفزيوني، يتناول عبر مشاهد درامية مرتجلة، محاكمة فنان، وفي إحدى الحلقات دخل قفص الاتهام أمام مجموعة من النقاد والفنانين، ولعب دور القاضي الفنان حسين رياض، وفي النهاية أثبت براءته من التهم المنسوبة إلى جيله بعدم تحمل المسؤولية.
وسار قابيل عكس تيار السينما التجارية، وأُسنِدت إليه أدوارٌ متميزة، منها دوره في فيلم “العصفور” (1972)، للمخرج يوسف شاهين، وكان يشارك في الفيلم الفنان محمود قابيل، وتناثرت أقاويل أنه شقيقه، والحقيقة أنه مجرد تشابه أسماء.
شائعات وحقائق
وخلال مسيرته الفنية، تعرض صابيل للكثير من الشائعات، ومنها التي لاحقته حتى بعد وفاته، مثل شائعة دفنه حيًّا، وردد البعض إن حارس مقبرته سمع صوت صراخ من الداخل وحين فتحها لاستطلاع الأمر وجده مستلقيًا على سلم المقبرة متوفيًا بسكتة قلبية، وتبين أنها شائعة لا أساس لها من الصحة، وأنه قبل الوفاة كان يعاني الصداع وارتفاعًا في ضغط الدم، حيث جرى نقله إلى المستشفى بعدها بسبب نزيف في المخ، وهو ما أدى إلى وفاته.
وتناثرت القصص الغريبة حول رحيل قابيل، وتكتم أبناؤه هذا الأمر عن والدتهم، وانتشرت الشائعة بروايات مختلفة، وقال البعض إنه سمع أصواتًا في القبر، ورواية ثانية أنه كان يمشي في الشارع، وقال آخرون إنهم ذهبوا لدفن أحد أقاربهم، ووجدوا الفنان الراحل ميتًا على سلم المقبرة!
وبعد مرور 24 عامًا على رحيل الفنان الكبير، تكشفت الحقيقة كاملة، حين قدّم الإعلامي عمرو الليثي حلقة من برنامجه “واحد من الناس” عن هذا الموضوع الذي أثار جدلًا كبيرًا لسنوات طويلة، ويعد من أشهر شائعات الوسط الفني في الربع قرن الأخير.
وبحث الليثي عن إجابات واضحة حول ما تردد بشأن دفن صلاح قابيل حيًا، وما زعمه البعض من أن الفنان الراحل حاول الخروج من المقبرة ولم يستطع، فتوفي على الدرج من الداخل، بل وصلت الشائعات إلى حد زعم البعض أنه قابل الفنان الراحل بعد خروجه من المقبرة وصافحه!
وقام المذيع المصري بدحض تلك الشائعات بالأدلة وشهادة الشهود من مقبرة الفنان الراحل الموجودة في ضاحية “التجمع الخامس” بالقاهرة، وتحدّث مع عمرو قابيل نجل الفنان الراحل، الذي سرد تفاصيل وفاة والده بنزيف في المخ في عام 1992، ودفنه في مساء نفس يوم وفاته قُرب المغرب.
والتقى الليثي بالحانوتي الذي دفن الفنان الراحل، وكذلك بحانوتي آخر دفن شخصًا آخر بعد قابيل في نفس المقبرة، وأكد الأول أن ما تردد غير صحيح بالمرة، فيما أكد الثاني أن جثمان الفنان الراحل لم يتحرك من مكانه يمينًا أو شمالًا.
تفاصيل أخرى، كشفت حقيقة اللحظات الأخيرة في حياة صلاح قابيل، وتحديدًا يوم الثلاثاء 1 ديسمبر 1992، فبعدما تناول مع أسرته وجبة الإفطار ذهب إلى التصوير، ولكنه عاد إلى البيت مسرعًا بسبب ازدياد آلام الصداع التي كان يعانيه وكذلك ارتفاع السكر والضغط فجأة، وسقط مغشيًا عليه ونُقِل إلى المستشفى، وهناك تدهورت حالته وأصيب بجلطة في المخ وتوفي بعد بومين، وظل في المستشفى لمدة 38 ساعة حتى تم الانتهاء من تجهيز إجراءات الدفن، ووري الثري في المقبرة التي اشتراها بنفسه قبل ستة أشهر من وفاته.
حكاية زواج
ولاحقت الفنان صلاح قابيل بعد رحيله؛ شائعة زواجه من الفنانة وداد حمدي لعدة سنوات طويلة، بعد قصة حب جمعتهما، وتبين أنه لم تكن له علاقة بالفنانة الراحلة، ولم يتزوجا من الأساس، بخلاف أنهما لم يلتقيا في عمل فني من قبل، حتى تنشأ قصة حب بينهما.
والحقيقة أن قابيل تزوج مرة واحدة في حياته من أم أولاده في بداية حياته، عندما جاء مع أسرته من مدينة “منيا القمح” ليسكنوا فى ضاحية “مصر القديمة” بالقاهرة، وكانت جارته ونشأت بينهما قصة حب، وطلبها للزواج، وتزوجها عام 1961، وكانت تعمل مُعلمة، ثم تفرغت لتربية الأبناء (آمال وصفاء ودنيا والابن الأصغر عمرو).
المحطة الأخيرة
تمتع صلاح قابيل بعلاقات طيبة مع زملائه في الوسط الفني، وكان من أصدقائه المقربين رشوان توفيق وعزت العلايلي ويوسف شعبان وعبدالمحسن سليم، وهم من أبناء جيله، وتعاونوا معًا في أكثر من عمل فني، وكان دائم الاتصال بهم في المناسبات، حتى أيامه الأخيرة.
وكان آخر ظهور سينمائي للفنان الراحل في فيلم “القلب وما يعشق” بطولة سهير البابلي، ومحمد فؤاد، وصلاح قابيل، وحسن مصطفى، ومن إخراج أحمد النحاس. وجرى عرضه عام 1996، بعد رحيله بأربعة أعوام وحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا.
وأثارت النهاية المأساوية لهذا الفنان الموهوب، تساؤلات كثيرة عن مشواره في عالم التمثيل، وتألقه في فترة الستينيات، وصعوده لاحقًا إلى قمة النجومية مع أجيال من النجوم، منهم فريد شوقي وعادل إمام ونور الشريف ومحمود ياسين وأحمد زكي، ومن النجمات فاتن حمامة وشادية ونبيلة عبيد وإلهام شاهين وليلى علوي.
ورفض الفنان صلاح قابيل الكثير من الأعمال دون المستوى، وانحاز دائمًا للفن الجيد، وأثبت أن قيمة الممثل ليست بمساحة الدور، ولكن بإجادته تجسيد الشخصية، وظل حضوره على الشاشة، كافيًا ليدخل قلوب الملايين من عشاق أدائه المتميز.
وعاد الفتى المشاغب إلى المنزل، وأخبر والده بما حدث، وفي اليوم التالي اصطحبه إلى المدرسة، وتبيّن أن الناظر أراد أن يوجه إنذارًا لأسرته، بضرورة الاهتمام بابنهم المتفوق في دراسته, وتفريغ طاقته في أنشطة خطابة أو الانضمام لفرقة التمثيل، وبالفعل كانت المرة الأولى التي انضم فيها لفرقة تمثيل، وقدّم الكثير من العروض المسرحية، قبل انتقاله مع الأسرة إلى القاهرة.
وفي إحدى ليالي العرض، تعرّض قابيل لموقف محرج أمام الجمهور، حين تطلب المشهد أن يقوم بحركاتٍ راقصة، وفجأة سقط على الأرض، فنهض على الفور، وتعامل باحترافية مع الموقف، ليقنع الجمهور أن سقوطه جزء من السياق الدرامي، وضجت قاعة المسرح بالتصفيق.
ولعب قابيل دور “عباس الحلو”، وأثناء تصوير أول مشاهده مع الفنانة شادية، ظهر عليه التوتر، ولكنها وقفت إلى جانبه، ونصحته بأن يتعامل مع الأمر ببساطة، ويتخلى عن رهبته أمام الكاميرا، وبالفعل استطاع أن يجسِّد الشخصية، وجذب الانتباه إلى موهبته في أول أدواره على الشاشة، وظلت نصيحة النجمة الكبيرة فارقة في مشواره الفني.
التقى الفنان صلاح قابيل النجمة فاتن حمامة في الكثير من الأعمال السينمائية، منها فيلم “ليلة القبض على فاطمة”، ومسلسبل “ضمير أبلة حكمت”، وجمع بينهما موقف طريف، قبل احترافه التمثيل.
وكشف قابيل في أحد لقاءاته التلفزيونية أنه قبل دخوله مجال التمثيل، امتهن وظيفة تابعة لبلدية القاهرة، حيث كان يعمل مفتشًا في الملاهى ودور العرض السينمائي والمحلات الكبرى الموجودة بالفنادق، وبعد فترة انتقل إلى “مرور القاهرة” بجوار مبنى الإذاعة والتلفزيون، وكُلِف بالشباك المخصّص للسيدات فقط.
وبمجرد أن تسلّم وظيفته الجديدة، وجد أول رخصة أمامه تخص الفنانة فاتن حمامة، وأرسلت سيدة نيابة عنها، لتجديد رخصة سيارتها، وعلى الفور وقّع على الأوراق، دون الرجوع إلى رئيسه في العمل، ولكن الأخير كان له رأي آخر، وكانت المشكلة أن رئيسه يريد أن يرى سيدة الشاشة، وأصر على أن تأتي بنفسها لاستلام الرخصة.
واعتبر قابيل أن ذلك تعنت من رئيسه، وهدّد باستقالته، وإزاء إصراره وقّع المدير على الأوراق، من دون أن يحقّق حلمه برؤية النجمة الشهيرة، بينما أصبح موظف المرور فيما بعد نجمًا سينمائيًا، والتقى بسيدة الشاشة في أعمال كثيرة.
الجبل والليالي
وظهر النجم الكبير على الشاشة للمرة الأخيرة، عندما شارك في الجزء الرابع من المسلسل الشهير “ليالي الحلمية” (1992)، ونتيجة لوفاته المفاجئة، تم تغيير سيناريو الجزء الخامس والأخير من المسلسل، وحُذِف دور “الحاج علاّم السماحي”، وظهرت صورته كمتوفى في بعض المشاهد.
وترشح صلاح قابيل، لدور “علوان البكري” في المسلسل الشهير “ذئاب الجبل” (1992)، تأليف محمد صفاء عامر وإخراج مجدي أبوعميرة، وقام بتصوير خمسة مشاهد، ولكن رحيله المفاجئ حال دون مواصلة تجسيد هذه الشخصية.
وذهب الدور بعد ذلك إلى الفنان عبدالله غيث، الذي وافته المنية أيضًا قبل أن يستكمل تصوير آخر ثمانية مشاهد من الدور، وقام المؤلف محمد صفاء عامر بتعديل النهاية لتوافق الأحداث الدرامية للمسلسل.
الفن والحقوقعمرو قابيل ينفي زواج والده من الفنانة وداد حمدي
بدأت رحلة صلاح قابيل بمولده في 27 يونيو عام 1931، بقرية العزيزية بمركز منيا القمح في محافظة الشرقية (شمال شرق القاهرة)، وكان لديه ثلاثة أشقاء (عصمت وكريمة وعبدالمحسن)، وكان والده يعمل في مهنة التدريس، وتوفت والدته في سن مبكرة حين كان في الثامنة من عمره. واكتشف موهبته في المدرسة الابتدائية، وشارك في الحفلات المدرسية بإلقاء الخطب والتمثيل.
وانتقل الطفل صلاح مع أسرته للعيش في القاهرة، والتحق بالمدرسة الخديوية الثانوية، وهناك شارك بفرقة التمثيل، وقدّم من خلالها بعض العروض على المسرح المدرسي. ووقتها ارتاد دور المسرح والسينما، وشاهد الكثير من أعمال نجوم مسرح الأربعينيات، مثل يوسف وهبي وأنور وجدي ونجيب الريحاني وفاطمة رشدي.
وبعد تخرجه في المدرسة الثانوية، التحق بكلية الحقوق واستمر بها لمدة ثلاث سنوات، وشارك فيها أيضًا بفرقة التمثيل، وبعد وفاة والده التحق بمعهد التمثيل، ومنه التحق بمعهد الفنون المسرحية، ليبدأ رحلته في عالم الأضواء والشهرة، ويقدّم أهم الأدوار في تاريخ السينما والدراما المصرية.
قفص الاتهام
انطلقت شهرة صلاح قابيل في بداية ظهور التلفزيون المصري، أوائل الستينيات، وشارك في بطولة العديد من المسلسلات، وأصبح نجمًا معروفًا لدى جمهور الشاشة الصغيرة، ووقتها دخل قفص الاتهام من خلال برنامج تلفزيوني، يتناول عبر مشاهد درامية مرتجلة، محاكمة فنان، وفي إحدى الحلقات دخل قفص الاتهام أمام مجموعة من النقاد والفنانين، ولعب دور القاضي الفنان حسين رياض، وفي النهاية أثبت براءته من التهم المنسوبة إلى جيله بعدم تحمل المسؤولية.
وسار قابيل عكس تيار السينما التجارية، وأُسنِدت إليه أدوارٌ متميزة، منها دوره في فيلم “العصفور” (1972)، للمخرج يوسف شاهين، وكان يشارك في الفيلم الفنان محمود قابيل، وتناثرت أقاويل أنه شقيقه، والحقيقة أنه مجرد تشابه أسماء.
تزوج مرة واحدة في حياته من أم أولاده في بداية حياته
شائعات وحقائق
وخلال مسيرته الفنية، تعرض صابيل للكثير من الشائعات، ومنها التي لاحقته حتى بعد وفاته، مثل شائعة دفنه حيًّا، وردد البعض إن حارس مقبرته سمع صوت صراخ من الداخل وحين فتحها لاستطلاع الأمر وجده مستلقيًا على سلم المقبرة متوفيًا بسكتة قلبية، وتبين أنها شائعة لا أساس لها من الصحة، وأنه قبل الوفاة كان يعاني الصداع وارتفاعًا في ضغط الدم، حيث جرى نقله إلى المستشفى بعدها بسبب نزيف في المخ، وهو ما أدى إلى وفاته.
وتناثرت القصص الغريبة حول رحيل قابيل، وتكتم أبناؤه هذا الأمر عن والدتهم، وانتشرت الشائعة بروايات مختلفة، وقال البعض إنه سمع أصواتًا في القبر، ورواية ثانية أنه كان يمشي في الشارع، وقال آخرون إنهم ذهبوا لدفن أحد أقاربهم، ووجدوا الفنان الراحل ميتًا على سلم المقبرة!
وبعد مرور 24 عامًا على رحيل الفنان الكبير، تكشفت الحقيقة كاملة، حين قدّم الإعلامي عمرو الليثي حلقة من برنامجه “واحد من الناس” عن هذا الموضوع الذي أثار جدلًا كبيرًا لسنوات طويلة، ويعد من أشهر شائعات الوسط الفني في الربع قرن الأخير.
وبحث الليثي عن إجابات واضحة حول ما تردد بشأن دفن صلاح قابيل حيًا، وما زعمه البعض من أن الفنان الراحل حاول الخروج من المقبرة ولم يستطع، فتوفي على الدرج من الداخل، بل وصلت الشائعات إلى حد زعم البعض أنه قابل الفنان الراحل بعد خروجه من المقبرة وصافحه!
وقام المذيع المصري بدحض تلك الشائعات بالأدلة وشهادة الشهود من مقبرة الفنان الراحل الموجودة في ضاحية “التجمع الخامس” بالقاهرة، وتحدّث مع عمرو قابيل نجل الفنان الراحل، الذي سرد تفاصيل وفاة والده بنزيف في المخ في عام 1992، ودفنه في مساء نفس يوم وفاته قُرب المغرب.
والتقى الليثي بالحانوتي الذي دفن الفنان الراحل، وكذلك بحانوتي آخر دفن شخصًا آخر بعد قابيل في نفس المقبرة، وأكد الأول أن ما تردد غير صحيح بالمرة، فيما أكد الثاني أن جثمان الفنان الراحل لم يتحرك من مكانه يمينًا أو شمالًا.
وكشف نجل الراحل أنه فوجئ بانتشار شائعة دفن والده حيًا، بعد مرور عام كامل على الوفاة، ثم تكرّر الأمر عند زيارته لأحد الأطباء، وأن الشائعات تطورت إلى حد زعم البعض أنه رأى الفنان بعد خروجه من المقبرة، وأنه سلًم عليه يدًا بيد، وبرر هذه الشائعات بأنها تعكس حب الناس للفنان الراحل.الممثل الموهوب يودع جمهوره في «ليالي الحلمية»
تفاصيل أخرى، كشفت حقيقة اللحظات الأخيرة في حياة صلاح قابيل، وتحديدًا يوم الثلاثاء 1 ديسمبر 1992، فبعدما تناول مع أسرته وجبة الإفطار ذهب إلى التصوير، ولكنه عاد إلى البيت مسرعًا بسبب ازدياد آلام الصداع التي كان يعانيه وكذلك ارتفاع السكر والضغط فجأة، وسقط مغشيًا عليه ونُقِل إلى المستشفى، وهناك تدهورت حالته وأصيب بجلطة في المخ وتوفي بعد بومين، وظل في المستشفى لمدة 38 ساعة حتى تم الانتهاء من تجهيز إجراءات الدفن، ووري الثري في المقبرة التي اشتراها بنفسه قبل ستة أشهر من وفاته.
حكاية زواج
ولاحقت الفنان صلاح قابيل بعد رحيله؛ شائعة زواجه من الفنانة وداد حمدي لعدة سنوات طويلة، بعد قصة حب جمعتهما، وتبين أنه لم تكن له علاقة بالفنانة الراحلة، ولم يتزوجا من الأساس، بخلاف أنهما لم يلتقيا في عمل فني من قبل، حتى تنشأ قصة حب بينهما.
والحقيقة أن قابيل تزوج مرة واحدة في حياته من أم أولاده في بداية حياته، عندما جاء مع أسرته من مدينة “منيا القمح” ليسكنوا فى ضاحية “مصر القديمة” بالقاهرة، وكانت جارته ونشأت بينهما قصة حب، وطلبها للزواج، وتزوجها عام 1961، وكانت تعمل مُعلمة، ثم تفرغت لتربية الأبناء (آمال وصفاء ودنيا والابن الأصغر عمرو).
«ذئاب الجبل» يشهد رحيله عن دور «علوان البكري»
تمتع صلاح قابيل بعلاقات طيبة مع زملائه في الوسط الفني، وكان من أصدقائه المقربين رشوان توفيق وعزت العلايلي ويوسف شعبان وعبدالمحسن سليم، وهم من أبناء جيله، وتعاونوا معًا في أكثر من عمل فني، وكان دائم الاتصال بهم في المناسبات، حتى أيامه الأخيرة.
وكان آخر ظهور سينمائي للفنان الراحل في فيلم “القلب وما يعشق” بطولة سهير البابلي، ومحمد فؤاد، وصلاح قابيل، وحسن مصطفى، ومن إخراج أحمد النحاس. وجرى عرضه عام 1996، بعد رحيله بأربعة أعوام وحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا.
وأثارت النهاية المأساوية لهذا الفنان الموهوب، تساؤلات كثيرة عن مشواره في عالم التمثيل، وتألقه في فترة الستينيات، وصعوده لاحقًا إلى قمة النجومية مع أجيال من النجوم، منهم فريد شوقي وعادل إمام ونور الشريف ومحمود ياسين وأحمد زكي، ومن النجمات فاتن حمامة وشادية ونبيلة عبيد وإلهام شاهين وليلى علوي.
ورفض الفنان صلاح قابيل الكثير من الأعمال دون المستوى، وانحاز دائمًا للفن الجيد، وأثبت أن قيمة الممثل ليست بمساحة الدور، ولكن بإجادته تجسيد الشخصية، وظل حضوره على الشاشة، كافيًا ليدخل قلوب الملايين من عشاق أدائه المتميز.
الفتى المشاغب يدخل الفن عن طريق المصادفة
ارتحل الفنان صلاح قابيل إلى عالم الفن منذ وقت مبكر، ولعبت المصادفة دورًا كبيرًا في احترافه التمثيل، وروى تلك الحكاية في حوار تلفزيوني نادر، حينما كان تلميذًا مشاغبًا أثناء المرحلة الابتدائية، وأصر ناظر المدرسة على عدم دخوله المدرسة نهائيًا.وعاد الفتى المشاغب إلى المنزل، وأخبر والده بما حدث، وفي اليوم التالي اصطحبه إلى المدرسة، وتبيّن أن الناظر أراد أن يوجه إنذارًا لأسرته، بضرورة الاهتمام بابنهم المتفوق في دراسته, وتفريغ طاقته في أنشطة خطابة أو الانضمام لفرقة التمثيل، وبالفعل كانت المرة الأولى التي انضم فيها لفرقة تمثيل، وقدّم الكثير من العروض المسرحية، قبل انتقاله مع الأسرة إلى القاهرة.
نجم الستينيات يواجه الاتهامات في محاكمة تلفزيونية
البطل الذكي يسقط على المسرح
قدم الفنان صلاح قابيل العديد من المسرحيات الكوميدية والتراجيدية، وحفلت كواليس تلك الأعمال بمواقف طريفة، ومنها بطولة مسرحية “الحلم يدخل القرية” (1983)، تأليف سعد مكاوي وإخراج سعد أردش. وقُدِّمت على خشبة مسرح السلام بالقاهرة، وحققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا.وفي إحدى ليالي العرض، تعرّض قابيل لموقف محرج أمام الجمهور، حين تطلب المشهد أن يقوم بحركاتٍ راقصة، وفجأة سقط على الأرض، فنهض على الفور، وتعامل باحترافية مع الموقف، ليقنع الجمهور أن سقوطه جزء من السياق الدرامي، وضجت قاعة المسرح بالتصفيق.
نصيحة شادية في «زقاق المدق»
التقى صلاح قابيل الفنانة شادية في أعمال فنية عدة، وكان لقاؤهما الأول في فيلم “زقاق المدق” (1963) عن رواية للأديب العالمي نجيب محفوظ، وإخراج حسن الإمام، وبطولة حسن يوسف وحسين رياض ومحمد رضا وعقيلة راتب ويوسف شعبان.ولعب قابيل دور “عباس الحلو”، وأثناء تصوير أول مشاهده مع الفنانة شادية، ظهر عليه التوتر، ولكنها وقفت إلى جانبه، ونصحته بأن يتعامل مع الأمر ببساطة، ويتخلى عن رهبته أمام الكاميرا، وبالفعل استطاع أن يجسِّد الشخصية، وجذب الانتباه إلى موهبته في أول أدواره على الشاشة، وظلت نصيحة النجمة الكبيرة فارقة في مشواره الفني.
«العصفور» يكشف حقيقة صلة قرابته بالفنان محمود قابي
موظف المرور يهدَّد بالاستقالة بسبب فاتن حمامة
التقى الفنان صلاح قابيل النجمة فاتن حمامة في الكثير من الأعمال السينمائية، منها فيلم “ليلة القبض على فاطمة”، ومسلسبل “ضمير أبلة حكمت”، وجمع بينهما موقف طريف، قبل احترافه التمثيل.وكشف قابيل في أحد لقاءاته التلفزيونية أنه قبل دخوله مجال التمثيل، امتهن وظيفة تابعة لبلدية القاهرة، حيث كان يعمل مفتشًا في الملاهى ودور العرض السينمائي والمحلات الكبرى الموجودة بالفنادق، وبعد فترة انتقل إلى “مرور القاهرة” بجوار مبنى الإذاعة والتلفزيون، وكُلِف بالشباك المخصّص للسيدات فقط.
وبمجرد أن تسلّم وظيفته الجديدة، وجد أول رخصة أمامه تخص الفنانة فاتن حمامة، وأرسلت سيدة نيابة عنها، لتجديد رخصة سيارتها، وعلى الفور وقّع على الأوراق، دون الرجوع إلى رئيسه في العمل، ولكن الأخير كان له رأي آخر، وكانت المشكلة أن رئيسه يريد أن يرى سيدة الشاشة، وأصر على أن تأتي بنفسها لاستلام الرخصة.
واعتبر قابيل أن ذلك تعنت من رئيسه، وهدّد باستقالته، وإزاء إصراره وقّع المدير على الأوراق، من دون أن يحقّق حلمه برؤية النجمة الشهيرة، بينما أصبح موظف المرور فيما بعد نجمًا سينمائيًا، والتقى بسيدة الشاشة في أعمال كثيرة.