نجح حلفاء طهران في «توزيع الهدايا» على الأحزاب السنية والكردية، وضمنوا دعمهم في العودة إلى قانون الانتخابات القديم، الذي يخدم مصالح الأحزاب التقليدية بالعراق، ويمنع تغيير الأوزان داخل مجلس النواب، وعدم تكرار ما حصل في اقتراع 2021، حين خسر ممثلو الفصائل المسلحة أكثر من نصف مقاعدهم، مقابل صعود مستقلين وممثلين لحراك تشرين المدني، وزيادة كبيرة في مقاعد تيار مقتدى الصدر.
لكن فجر الاثنين، نجح البرلمان في إلغاء قانون الدوائر المتعددة الصغيرة، وأعاد العمل بقانون الدوائر الكبيرة المعروف بسانت ليغو، ورغم كل ما فعله المستقلون داخل قاعة مجلس النواب من محاولة إفشال الجلسة فإن «الهدايا السياسية» كانت كبيرة، والاعتصامات الشعبية في بغداد والمحافظات بقيت محدودة وصغيرة، وبدت قوات الأمن حازمة في تفريق التجمعات، وآخرها اعتصام معترض يحاول الصمود في الناصرية جنوب البلاد، حيث جرى إزالة خيام المعتصمين ليل الاثنين وصباح الثلاثاء، مقابل هدوء نسبي في بغداد والمدن الرئيسية.
وحصلت القوى الكردية على اتفاقات مهمة لحل أو تخفيف مشاكلها مع بغداد حول النفط والموازنة المالية، بينما حصل السنة على ترضيات مهمة في كركوك، وقضايا تخص جرائم الفساد ونحوها، حيث لم تعد جميعها تمنع من ترشحهم للانتخابات.
وبقي التيار الصدري، المنسحب من البرلمان والسياسة منذ الصيف، غير قادر على المبادرة القوية، فحراك تشرين المدني لم يستطع ترميم الثقة مع التيار، كما أن التيار نفسه يدرك أن حلفاء طهران أمسكوا السلطة بقوة وهيمنوا على جميع مفاصلها، وسيضربون بجدية مطلقة أي تحرك معارض.
وبموجب العودة إلى قانون الانتخابات القديم سيكون من الصعب على الحراك المدني المحافظة على مكاسبه في البرلمان، وسيضطر المرشحون إلى دخول تحالفات طائفية وقومية، وسيكون من المستبعد تشكيل تحالفات عابرة للانقسامات الدينية والعرقية، كما أن فكرة الانتخابات المبكرة (خلال عام)، والتي تضمنتها ورقة الحكومة الحالية، أصبحت من الماضي كما يبدو، إذ نص التشريع النيابي الاخير على وجوب تنظيم انتخابات للحكومات المحلية في المحافظات، دون أن يشير إلى أي تاريخ للانتخابات النيابية المقبلة، وسط إصرار على تغيير جذري في كادر مفوضية الانتخابات التي شكلها الكاظمي، وأشرفت على اقتراع 2021 الذي يعتبره حلفاء طهران «مؤامرة دولية» ضدهم، كادت تقصيهم من السلطة لسنوات طويلة لولا استقالة 73 نائبا من تيار الصدر، تركت المسرح أمامهم خاليا وسلمتهم مفاصل الدولة بنحو كامل وشامل تقريبا، حسب التقييم السائد في صالونات بغداد السياسية.