عرف العرب اثنين من الدهاة غيرا وجه التاريخ ليس العربي فحسب، بل من دون مبالغة، هما أثّرا وغيّرا مسار التاريخين الإسلامي والعالمي، إنهما عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان فمن غيرهما، فبعيدا عن العواطف سواء أكانت كرها أو إعجابا، فهما شخصيتان مثيرتان للجدل، فريدتان في الحنكة السياسية، وعبقريتان في وقت الشدائد والملمات.
فمعاوية بن أبي سفيان أقام إمبراطورية عربية إسلامية شاسعة مرهوبة الجانب، وأما عمرو بن العاص فيكفيه أنه شارك في فتح الشام، حيث لقب هناك بأرطبون العرب، وبعدها توج بطولاته بفتح مصر وما بعدها، فهو لا يقتحم المخاطر رغما عنه، حتى يقوم بالبحث عن مخارج النجاة منها، ولكنه يقتحم الخطر قائلا: عليكم بكل مزلقة مهلكة، لثقته بدهائه كلما ثاب واحتاج إليه، فليس من عزم الأمور دهاء لا ينتفع منه صاحبه في المضمار، ولا يرجى من نفعه قط إلا أنه لجام.
وحصل أن تحاور هذان الداهيتان بعد أن كبرا ودق عودهما، فسأل معاوية عمرو بن العاص قائلا: ما بلغ من عقلك؟ فرد عمرو: ما دخلت في شيء قط إلا وخرجت منه، فقال معاوية: ولكنني ما دخلت في شيء قط وأردت الخروج منه، فقال عمرو: يا أمير المؤمنين، ما بقي مما تستلذه؟ قال معاوية: أما النساء فلا أرب لي فيهن، وأما الثياب فقد لبست من لينها وجيدها حتى وهى بها جلدي فما أدري أيها ألين، وأما الطعام فقد أكلت من لذيذه وطيبه، حتى ما أدري أيها ألذ وأطيب، ثم استطرد قائلا: فما شيء ألذ عندي من شراب بارد في يوم صائف، ومن أن أنظر إلى بني وبني بني يدورون حولي.
بعدها قال معاوية سائلاً: فما بقي منك يا عمرو؟ قال عمرو: مال أغرسه فأصيب من ثمرته وغلته، ثم التفت معاوية إلى خادمه وردان وسأله: ما بقي منك يا وردان؟ فرد وردان: صنيعة كريمة سنية أعلقها في أعناق قوم ذوي فضل واصطبار، لا يكافئونني بها حتى ألقى الله تعالى، وتكون لعقبي في أعقابهم بعدي، فقال معاوية: تباً لمجلسنا سائر اليوم، إن هذا العبد غلبني وغلبك.
ملحوظة: منقول من التراث بتصرف.
فمعاوية بن أبي سفيان أقام إمبراطورية عربية إسلامية شاسعة مرهوبة الجانب، وأما عمرو بن العاص فيكفيه أنه شارك في فتح الشام، حيث لقب هناك بأرطبون العرب، وبعدها توج بطولاته بفتح مصر وما بعدها، فهو لا يقتحم المخاطر رغما عنه، حتى يقوم بالبحث عن مخارج النجاة منها، ولكنه يقتحم الخطر قائلا: عليكم بكل مزلقة مهلكة، لثقته بدهائه كلما ثاب واحتاج إليه، فليس من عزم الأمور دهاء لا ينتفع منه صاحبه في المضمار، ولا يرجى من نفعه قط إلا أنه لجام.
وحصل أن تحاور هذان الداهيتان بعد أن كبرا ودق عودهما، فسأل معاوية عمرو بن العاص قائلا: ما بلغ من عقلك؟ فرد عمرو: ما دخلت في شيء قط إلا وخرجت منه، فقال معاوية: ولكنني ما دخلت في شيء قط وأردت الخروج منه، فقال عمرو: يا أمير المؤمنين، ما بقي مما تستلذه؟ قال معاوية: أما النساء فلا أرب لي فيهن، وأما الثياب فقد لبست من لينها وجيدها حتى وهى بها جلدي فما أدري أيها ألين، وأما الطعام فقد أكلت من لذيذه وطيبه، حتى ما أدري أيها ألذ وأطيب، ثم استطرد قائلا: فما شيء ألذ عندي من شراب بارد في يوم صائف، ومن أن أنظر إلى بني وبني بني يدورون حولي.
بعدها قال معاوية سائلاً: فما بقي منك يا عمرو؟ قال عمرو: مال أغرسه فأصيب من ثمرته وغلته، ثم التفت معاوية إلى خادمه وردان وسأله: ما بقي منك يا وردان؟ فرد وردان: صنيعة كريمة سنية أعلقها في أعناق قوم ذوي فضل واصطبار، لا يكافئونني بها حتى ألقى الله تعالى، وتكون لعقبي في أعقابهم بعدي، فقال معاوية: تباً لمجلسنا سائر اليوم، إن هذا العبد غلبني وغلبك.
ملحوظة: منقول من التراث بتصرف.