عدنا مجدداً إلى مشهد تبادل الاتهامات والقصف والتحريف والتهجم والتخوين بين مرتزقة فلان وعلان وشلة عوير وزوير، والردح بقوة من شبيحة المؤيدين والمعارضين للمشهد السياسي والعكس صحيح، حتى نزلوا بحوارهم إلى الحضيض في شهر رمضان الفضيل الذي يفترض أن تتهذب فيه الأنفس والأخلاق، لكن العلة والداء والمشكلة والكارثة في من يزيدون إشعال النيران ويستمتعون بلهيبها، ويتلذذون بالشتائم والكلمات التي تكشف عن معدنهم وهويتهم الحقيقية وبيئتهم التي يعيشون فيها.
فهؤلاء الذين ليس لهم صفة أو دور في المشهد السياسي فرضوا أنفسهم لتهويل الأوضاع عبر دسائسهم، والمشكلة ليست فيهم بقدر ارتباطها بمن يدعون التفوق على الجميع بعقولهم التي تحتاج إلى إعادة ضبط المصنع لأنهم أشخاص تحركهم المجاميع الفاشلة التي تستمتع بجر المشهد إلى الوحل وتعظيم الأمور، وكأننا أمام منحدر يصعب الابتعاد عنه، فهل هؤلاء الذين يعتقدون أنهم سياسيون من الطراز الأول سيدافعون عن قضايا الأمة وهم أدوات تنجرف وراء تغريدات لا فحوى لها ولا معنى ولا هدف؟
إن الحالة الصعبة التي يمر بها هؤلاء وغيرهم ممن لم يكشفوا عن أقنعتهم تؤكد مدى التراجع الذي تعانيه الساحة بهجمات مرتدة لأطراف تسعى جاهدة لتسميم عقول البعض بتوجهاتها وأفكارها الملوثة لتحقيق أغراضها غير المشروعة، وهو الأمر الذي يجب أن يعيه المخلصون لهذا الوطن لإعادة غربلة الأوضاع وتصحيح المسار وتفويت الفرصة على هذه الحفنة الساعية لتحقيق أهدافها الشخصية.
فليس من العيب الاعتراف بالخطأ ومعالجته وإعادة وضع النقاط على الحروف وترتيب الأحداث والمشاهد لتدارسها بعقلانية للنهوض مجدداً والاستمرار في تعديل الاعوجاج الذي عانيناه كثيراً، وعلى من يعتقدون أن أسلوب تزوير الحقائق سيمر مرور الكرام أن يدركوا أنهم على خطأ وأن التاريخ لن يرحمهم مهما طال الأمر، وسيأتي اليوم الذي تتضح فيه صورتهم كاملة.
إن المشهد المعقد نوعا ما والبهرجة التي يروج لها كلا الطرفين تؤكد أن هناك من يعمل جاهداً على تشويه العمل الديموقراطي وخلط الأوراق لخلق فوضى من شأنها تعطيل أي عمليات إصلاحية وكشف المزيد من المتلاعبين والمتجاوزين بعدما شهدنا سلسلة من الأحداث التي صدأت منابر متحدثيها من شدة زيفهم وتلاعبهم بالمفردات وقلب الحقائق، ولكن اعتقادهم ذلك خطأ لأنه لا تزال هناك عقول نيرة وواعية ومدركة للأحداث، ولن ينطلي عليها الكلام المعسول وأسلوب دغدغة المشاعر.
آخر السطر:
التاريخ سيسجل المواقف والمقالب والانعطاف والانكسار والتجاوز.