عندما انطلقت مرحلة العهد الجديد التي ارتكزت على الشفافية والعدالة، كنا أمام ملحمة وطنية فريدة ودولة حديثة، ونهج جديد ومسيرة مختلفة ترسم للكويت سياسة نوعية بالمنطقة تعتمد على مكونات الدولة من سلطة وشعب وأرض.

كان الخطاب السامي يتلو على مسامعنا حب الوطن واحترام إرثه الديموقراطي والدستوري وسيادة القانون، فكنا مع مسؤولية جديدة وهي المشاركة على ثوابت وطنية تنبذ القبلية والطائفية والفئوية.

Ad

كثيراً ما كنا نعول أن العهد الجديد بداية مختلفة للكويت، بداية متغيرة للعلاقة بين السلطات التي تقود زمام الأمر، وبعد مسافة قصيرة من طريق (كويت العهد الجديد) كانت العثرة الأولى وهي عدم وجود بذور نهج مختصة بالمرحلة الحالية تمهد لقواعد وأسس وأعراف تختلف عن المرحلة السابقة.

المصالحة الوطنية التي كانت بين المؤسسة الحاكمة والشعب، تبنت مبادئ الاحترام والثقة المتبادلة وتعزيز المشاركة الفعلية أصبحت اليوم منكوبة تغوص في أمواج الشك والريبة، ورؤية كويت 2035 والتنمية المستدامة تقتصر في عيون المواطن على إصلاح الطرق التالفة ومعالجة نقص الأدوية المستمرة.

حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس 2022 وعودة مجلس 2020 كأنه أعاد على مسمعي خطاب نابليون بونابرت (جنود حرسي القديم) الذي صدح به 1814 قبل هروبه من منفاه الأول حالماً بعودة فرنسا النابليونية، لكن الحلم تبخر والحرس القديم رحل مع القوة الجديدة.

تغير المجالس التشريعية قبل مدتها الدستورية أمسى ظاهرة متكررة أوصلت المواطن لكراهية المشاركة في الحياة الديموقراطية، كما خلق شبه يقين أن الحل لا محالة مع أي مجلس قادم وانقطاع التواصل بين السلطات أمر حتمي.

النهج الجديد يجب أن يضع رؤية شاملة لكل المجالات وإصلاحات كبيرة للمنظومة التشريعية والاقتصادية والاجتماعية تغير البنية القديمة إلى بنية تتواكب مع التطورات الحديثة والطفرة الصناعية في العالم، والديموقراطية الفردية التي انطلقت من الستينيات لا تتماشى مع ثقافة التغيير ولا تحقق النهضة المخطط لها في رؤية 35، كما أن أجهزة الإدارة العامة تحتاج لكثير من التنقيح والتعديل حتى تسير المنظومة لأحد أهداف العهد الجديد وهي استدامة النجاح في عمل الحكومة والبرلمان.

صيانة الدستور في ظل العجز المستمر لعمل الحكومة ضرب من الخيال، وشعار حرمة التعديلات الدستورية أداة قتل تزهق التطلعات المستقبلية وتشل مقدمة العهد الجديد، ومسيرة الألف ميل لن تبدأ ووقود التعاون والثقة يحترق دون فائدة.

وآخر ما أقول بالمصالحة الوطنية المسكوبة، شعلة الخطابات السيادية التي تنير النهج الجديد وتضع المصابيح هدى لمسيرة الأمة تحتاج لخطوات وطنية تزيد وميضها وتؤكد المضي في دولة سيادة القانون التي تعزز المواطنة وتحارب الفساد بكل أنواعه.