لا يختلف اثنان على أن جراحات العمود الفقري تعد واحدة من أخطر الجراحات وأكثرها تعقيداً فضلاً عن كونها غاية تجميلية لحياة جديدة وطبيعية يعيشها المريض بعد أن يجريها.

وتتطلب جراحة العمود الفقري مهارة عالية للغاية ودقة وصبر لاسيما وأنها ترتبط بالأعصاب والحبل الشوكي ما يجعل من الجراح المتخصص في هذا النوع من العمليات عملة نادرة ووجهة مطلوبة لمريض العمود الفقري.

وفي هذا الشأن كان لوكالة الأنباء الكويتية «كونا» لقاء خاص مع الجراح المصري د. هاني عبدالجواد الذي يلقبه مرضاه بـ«ساحر العمود الفقري» و«وزير السعادة» و«طبيب المعجزات» بعد أن رسم البسمة على وجوههم وأعاد إليهم الأمل في حياة جديدة.

Ad


وقال د. عبدالجواد وهو أستاذ مساعد بقسم العظام بكلية الطب جامعة الأزهر واستشاري جراحة العمود الفقري للأطفال والكبار أنه أجرى العديد من الجراحات الخطيرة لتشوهات العمود الفقري والتحدب الشديد والتي وصلت إلى مرحلة كبيرة من التعقيد، معرباً عن سعادته بارتفاع نسب الشفاء لعملياته حتى في أكثر الحالات تعقيداً.

وأوضح أنه يستخدم في عملياته الجراحية أفضل تقنية بالعالم وهي تقنية «التثبيت ثلاثي الأبعاد للفقرات»، معتبراً أن المهارات الفردية للطبيب تُعد العامل الرئيس لنجاح مثل هذه العمليات «نظراً لأنها عمليات دقيقة وأي خطأ بسيط من الممكن أن يؤدي إلى شلل في الأطراف».

وأضاف أن «حالات اعوجاج العمود الفقري شائعة والنادر منها فقط هي الحالات المعقدة»، مبيناً أن تعافي الأطفال يسير بوتيرة أسرع من التعافي لدى الكبار «لأن مشاكل القنوات العصبية تكون أخطر».

وكشف أن آخر هذه العمليات كانت لطفلة كويتية تعاني من اعوجاج «خطير» في العمود الفقري وذهبت إلى مراكز طبية عديدة حول العالم حيث أكد الأطباء استحالة اجراء العملية الجراحية مضيفاً «بفضل الله تم اجراء العملية بنجاح وأصبحت حالة الطفلة الآن ممتازة».

وأضاف أن من بين أخطر العمليات الجراحية التي أجراها كانت لطفلة إماراتية مصابة باعوجاج في العمود الفقري ورفضت أكبر المراكز الطبية العالمية إجراء الجراحة لها، مبيناً أنها تمكنت من الوقوف على قدميها بعد ساعات من اجرائه «إحدى أخطر جراحات تشوه العمود الفقري».

كما أشار إلى حالة نادرة أخرى لطفلة سودانية كانت تُعاني من حالة نادرة جداً للتحدب في الظهر، مؤكداً أنه بعد جراحة استمرت حوالي 6 ساعات تمكنت الطفلة من الوقوف بشكل مستقيم وممارسة حياتها بشكل طبيعي.

وأوضح الجراح عبدالجواد أنه يُعالج حالات من جميع أنحاء العالم فيما قد ترتفع نسبة الحالات الخطيرة في الوطن العربي «نتيجة لغياب الوعي والخوف من خطورة العمليات والتأخر في الحصول على العلاج حتى تصل بعض الحالات إلى مرحلة كبيرة من التعقيد».

وقال إن النسبة العالمية لاحتمال حدوث تشوهات واعوجاج بالعمود الفقري تبلغ 4 في المئة، مبيناً أن مثل هذه التشوهات تؤثر على الجانب النفسي كما أن الاعوجاج يُشكّل ضغطاً على الرئة ما يؤدي إلى فشل وظائف التنفس والوفاة إلى جانب التأثير على الأعصاب والحركة والمشي وغيرها.

ودعا الجراح المصري الأسر إلى رصد أي تغيرات قد تظهر على الأطفال والاكتشاف المبكر لحالات اعوجاج العمود الفقري من خلال عدة خطوات أولها ملاحظة الخصر وما إذا كان يوجد به جهة بارزة عن غيرها إضافة إلى التدقيق في كتف الطفل فـ«غالباً سيكون كتفه الأيمن أعلى من الأيسر إذا كان مصاباً بالاعوجاج».

يُذكر أن الجراح عبدالجواد حاصل على درجة الدكتوراه لجراحة العظام وعيّن عضواً بهيئة التدريس بكلية الطب جامعة الأزهر واستشاري جراحة العمود الفقري بالجامعة وتم اختياره لزمالة جراحة العمود الفقري من جامعة مونتريال بكندا وخضع للتدريب على أحدث ما توصل له العلم بأحد أكثر مراكز العمود الفقري تقدماً في العالم.

وفاز بالعديد من الجوائز ومنها جائزة المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط من مجموعة العمود الفقري السويسرية في المسابقة الخاصة بأبحاث جراحات العمود الفقري وجائزة المنظمة الأميركية لتشوهات العمود الفقري عام 2018 عن جراحي العمود الفقري بأفريقيا فضلاً عن جائزتين من جامعة مونتريال.