قال الرئيس التنفيذي لبنك الكويت الوطني- الكويت صلاح الفليج، إن استراتيجية التحول الرقمي الاستباقية التي يتبعها البنك بالإضافة إلى خطوات توسيع نطاق بنيته التحتية الرقمية من شأنهما مواصلة العمل على تعزيز زخم النمو خلال السنوات المقبلة.

وأضاف الفليج، في مقابلة مع مجلة «ذا بانكر» العالمية، أن البنك ينظر إلى التحول الرقمي باعتباره نقطة انطلاق للتوسع الإقليمي، مع التركيز بصفة خاصة على شريحة الشباب وقطاع التجزئة.

Ad

وحول مساعي التوسع أوضح أن البنك اتبع استراتيجية توسع ناجحة جداً بدأ تنفيذها منذ أكثر من عشر سنوات، ونحن اليوم راضون عن تغطيتنا الجغرافية ونتميز بحضور قوي وواسع على ساحة القطاع المصرفي، إلى جانب وجودنا على الصعيد الدولي من خلال شبكتنا الواسعة التي تمتد عبر أبرز المراكز المالية الرائدة على مستوى العالم في 13 دولة».

وذكر أن «الوطني» يواصل البحث عن الفرص التي تتسق مع توجهاته الاستراتيجية وتخلق أوجه تآزر بين عملياته وأسواقه الدولية، التي تساهم أيضاً في خلق قيمة مضافة لمساهميه.

تجربة مميزة

ولفت إلى أن البنك لديه تجربة ناجحة جداً في إطلاق بنك «وياي» وهو أول بنك رقمي بالكامل على مستوى الكويت، ويخطط لطرح تجارب مماثلة في أسواق إقليمية أخرى لتوفير مصادر جديدة للإيرادات.

وأكد أن البنك يواصل العمل على زيادة حصته في سوق إدارة الثروات في كل من الأسواق المحلية والدولية، مع التركيز خصوصاً على السوق السعودي، مشيراً إلى أن إدارة الثروات العالمية تجمع بين القدرات الواسعة لإدارة الأصول لدى شركة الوطني للاستثمار وبين الخبرة والواجهات التي تركز على العميل، التي طورتها مجموعة الخدمات المصرفية الخاصة.

وأشار الفليج إلى أن مصر تعتبر أحد أسواق النمو المهمة للمجموعة، إذ نجح البنك في ترسيخ مكانته كمؤسسة مالية رائدة على خريطة البنوك الخاصة العاملة في مصر، مبيناً أن لدى البنك ثقة بتحقيق المزيد من النمو والحصول على حصة سوقية أكبر، مع التركيز على قطاع التجزئة المتنامي.

نجاح «وياي»

وعن مدى نجاح تدشين العلامة المصرفية الرقمية «وياي» حتى الآن، أفاد بأن أحد أبرز العناصر الأساسية لنجاح تجربة «وياي» تتمثل في التركيبة السكانية للكويت، التي تتميز بارتفاع فئة الشباب، حيث إن 64% من سكان الكويت تقل أعمارهم عن 34 عاماً كما أن معدلات انتشار واستخدام الإنترنت والهاتف الجوال في الكويت تعتبر من أعلى المعدلات على مستوى العالم، مشيراً إلى أن هذه العوامل كان لها دور مؤثر في نمو البنك الرقمي.

وأكد أن البنك يركز مبادراته نحو التعرف على متطلبات السوق المتغيرة، ووضع نماذج أعمال جديدة، وتطوير شراكات استراتيجية، ومواصلة التطوير والابتكار بصفة مستمرة، وأنه منذ تدشين بنك «وياي»، شهد نمواً بوتيرة ثابتة وتمكن من تجاوز المستوى المستهدف لاكتساب العملاء بنسبة 300%، بفضل النهج المبتكر في التعامل المباشر مع العملاء الشباب واجتذابهم من خلال التعرف على احتياجاتهم وتلبيتها بأسلوب يتناسب مع شخصيتهم وأسلوب حياتهم، نظراً إلى أن مسؤولي البنك هم أنفسهم من الشباب ولديهم فهم أعمق بمتطلبات هذا الجيل بشكل مباشر.

وبسؤاله عن مدى مرونة القطاع المصرفي الكويتي في العام 2023 قال الفليج، إن القطاع المصرفي في الكويت يتميز بارتفاع معدلات السيولة وقوة الرسملة، إلى جانب تخطي المعدل الإجمالي لكفاية رأس المال للحد الأدنى من المتطلبات الرقابية، إضافة إلى ذلك، لا يزال مستوى القروض المتعثرة منخفضاً جداً مقابل ارتفاع مخصصات خسائر الائتمان.

وأكد أن تلك الأسس القوية التي يتميز بها القطاع المصرفي في الكويت ساهمت في تعزيز موقفه وتمكينه من التعامل مع حالة عدم اليقين الناجمة عن جائحة كوفيد-19 وغيرها من التحديات العالمية الأخرى التي عاصرناها على مدى السنوات القليلة الماضية.

وبين أن الإجراءات التي اتبعتها الحكومة للحد من تداعيات الجائحة وما طبقته من تدابير التعافي من آثارها أدت إلى دعم النظام المصرفي، مما أتاح له المجال لتولي قيادة مسيرة التعافي الاقتصادي بعد الجائحة من خلال الاستفادة من قوة الوضع المالي للقطاع الذي يتميز بقاعدة جيدة من رأس المال والسيولة العالية.

وقال الفليج، إن ارتفاع أسعار النفط وتحسن أنشطة الأعمال كانت له انعكاسات إيجابية على البيئة التشغيلية عموماً في الكويت، إذ تستفيد البنوك عموماً من ارتفاع أسعار الفائدة، وإن كان أقل من المستويات العالمية، إذ تم رفعها بوتيرة تدريجية.

وحول النظرة المستقبلية للاقتصاد الكويتي أبدى تفاؤلاً حيال استقرار البيئة التشغيلية مع استمرار تحسن أسعار النفط في دعم الإنفاق الحكومي على الأجور والاستثمارات وتعزيز ثقة الأعمال.

نمو مستدام

وأفاد الفليج بأن البنوك الكويتية وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، سجلت أرباحاً قوية مما أفسح المجال لتحقيق نمو مستدام في ظل عودة الشركات لممارسة أنشطتها بوتيرة اعتيادية، إلى جانب انتعاش الطلب على ائتمان قطاع الأعمال، وبيئة أسعار الفائدة المواتية.

وأشار إلى أن ائتمان قطاع الأعمال سجل نمواً بنسبة 6.8% في العام 2022، فيما يعد أسرع وتيرة نمو يتم تسجيلها على أساس سنوي منذ العام 2013. وفي ذات الوقت، وصل نمو الائتمان المحلي بنهاية العام 2022 إلى نسبة 7.7% للعام بأكمله، الذي يعتبر أسرع وتيرة نمو سنوي منذ العام 2015.

أداء استثنائي

وحول أداء البنك في 2022 أكد الفليج أن «الوطني» سجل أداءً استثنائياً في العام 2022 على الرغم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية، إذ نجح البنك في تحقيق أعلى صافي ربح بتاريخ المجموعة، مما يؤكد قوة نموذج أعمالنا وقدرتنا على خلق القيمة بغض النظر عن الظروف المحيطة ونجاح استراتيجيتنا وتمكننا على اقتناص الفرص المميزة.

وذكر الفليج أن المجموعة سجلت صافي ربح قدره 509.1 ملايين دينار (1.7 مليار دولار)، بنمو بلغت نسبته 40.5% على أساس سنوي، بفضل قوة الأداء التشغيلي وتحسن تكلفة المخاطر كما بلغ صافي الإيرادات التشغيلية مليار دينار، بزيادة قدرها 12.2% على أساس سنوي.

وأوضح أن المؤشرات الرئيسية تكشف عن قوة الميزانية العمومية للمجموعة خلال العام 2022، إذ نما إجمالي الأصول بنسبة 9.3% على أساس سنوي ليصل إلى 36.3 مليار دينار، في حين ارتفعت ودائع العملاء بنسبة 10.4% لتصل إلى 20.2 مليار دينار، مع الاحتفاظ بمزيج التمويل عند مستويات مستقرة وإيجابية.

وأكد نجاح البنك في الحفاظ على جودة الأصول، إذ بلغت نسبة القروض المتعثرة إلى إجمالي القروض 1.42% كما بنهاية ديسمبر 2022. وبلغت نسبة تغطية القروض المتعثرة 267%، مما يعكس السياسة المتحفظة التي تتبعها المجموعة فيما يتعلق بالمخصصات.

مرونة الائتمان

وفي رده على سؤال حول توقعات نمو الائتمان للقطاع المصرفي الكويتي، أوضح أنه «خلال العام 2023، ونظراً لارتفاع أسعار الفائدة، والخلفية الاقتصادية العالمية الضعيفة، وإمكانية تراجع مستويات نمو الناتج الإجمالي المحلي غير النفطي، نتوقع نمو ائتمان قطاع الأعمال بوتيرة أبطأ مقارنة بأعلى مستوياته المسجلة في عدة سنوات والتي شهدناها في العام 2022، لكن من المقرر أن تظل معدلات النمو مقبولة وفقاً للمعايير التاريخية، بفضل استمرار ارتفاع أسعار النفط نسبياً والتعافي المستمر لأنشطة الأعمال في اعقاب انتهاء الجائحة».

وتوقع الفليج تحسن أنشطة سوق مشاريع البنية التحتية في العام 2023، مما يساهم في تعزيز أداء القطاع الخاص بالإضافة إلى مسودة الموازنة الحكومية المعلن عنه مؤخراً للسنة المالية 2023/2024، والتي تشير إلى زيادة كبيرة في كل من الرواتب والإعانات من شأنها أن تدعم إنفاق الأسر هذا العام.

وأشار إلى أن تقديرات البنك ترجح استمرار احتفاظ وتيرة نمو الائتمان بمستويات قوية تتراوح ما بين 5-6% في العام 2023، أي بتراجع هامشي مقارنة بمستويات العام 2022، موضحاً أنه وفي ذات الوقت الذي قد يضع المقترضون في اعتبارهم تشديد السياسة النقدية، إلا أن الطلب على الائتمان سيظل مرناً نسبياً.

تحديات عالمية

وفي معرض رده على سؤال حول أبرز التحديات التي تواجه القطاع المصرفي الكويتي، أشار الفليج إلى أن حالة عدم اليقين تعتبر من أبرز التحديات الجوهرية التي تهدد الاقتصاد العالمي، فعلى مدار السنوات القليلة الماضية، شهدنا سلسلة من الصدمات غير المسبوقة بدءاً من الجائحة، التي تبعها اضطرابات سلسلة التوريد، والنزاع الروسي - الأوكراني، والارتفاع المستمر لمعدلات التضخم، ومؤخراً انهيار عدد من البنوك في الولايات المتحدة وظهور مخاطر قد تمتد آثارها لقطاعات مصرفية الأخرى.



وعلى صعيد الشأن المحلي توقع أن يساهم الإنفاق الحكومي المتوقع في تعزيز الطلب على المدى القريب، إلا أنه يزيد أيضاً من ضغوط الاستدامة المالية على المدى الطويل، خصوصاً في سياق الاعتماد المفرط والمستمر على عائدات النفط المتقلبة، والإيرادات غير النفطية المحدودة، وانخفاض المستويات المستهدفة للإنفاق الرأسمالي، وبطء وتيرة الإصلاحات بسبب الجمود التشريعي.

وأشار إلى أنه بالنظر إلى الوضع الحالي فقد يستغرق الأمر وقتاً أطول من المعتاد قبل إقرار مجلس الامة للموازنة، مما قد يؤدي إلى تأجيل انتعاش الاقتصاد الناجم من زيادة النفقات حتى وقت لاحق من العام.