جاء رمضان هذا العام وهو يحمل أكثر الأخبار ألماً في تجربتنا السياسية ومشاركتنا البرلمانية، فقد تم إبطال المجلس المنتخب بإرادة وُصفت بأنها خلت من أي تأثيرات مُخلّة، وكانت الأكثر نزاهة وتعبيراً عن خيارات الأمة، استجاب فيها الناخبون بكل مسؤولية وطنية لتوجيهات القيادة السياسية حول «إحسان» الاختيار وتقديم مجلس يرتقي بمستوى الإصلاحات المنتظرة، وبات لدى المواطنين أمل تعزّز بخطاب سمو ولي العهد في افتتاح دور الانعقاد الذي عكست مضامينه رسم ملامح كويت المستقبل، فقد تجددت أشواق المواطنين لأن ترى الفجوة قد تقلصت بين التوقع والواقع، وفوارق مؤشرات التنمية الدولية قد تقلصت مع دول المنطقة!
الذي حدث لاحقاً أن آثار الحكم الصادر بإبطال مجلس 2022 وعودة مجلس 2020 تسببت في «فاجعة» وطنية، ومازال يتأوه من تداعيات الصدمة المواطنون الذين نرصد ردود أفعالهم في الدواوين يومياً أثناء زيارات التهاني، ولولا أن مكانة الشهر تفرض هيبتها لتوشّحت هذه المجالس بالحزن على مرارة ما وصلنا إليه، والأسى على الواقع الصادم الذي بلغناه، إذ تحولت أحاديث الهمس إلى صخب حول صحة ما استندت إليه المحكمة الدستورية من حكم صادر حول سبب الحل وقراءة الخطاب التاريخي في يونيو 2022، وتعميم ما شاب العملية الانتخابية من ممارسات وعدم اختصاص المحكمة بالتصدي والنظر في مراسيم الحل الصادرة عن سمو الأمير استناداً إلى المادة 107، فصلاحيته مطلقة في تقرير أسباب الحل، سواء بالخلاف أو غيره.
يطالب الشعب، عبر أصواته الحرّة ونوابه، بأن تتم مراجعة الفريق القانوني الاستشاري، ومحاسبة من تسبب في هذا المأزق وأدخلَنا جميعاً في «التيه» السياسي والاجتماعي والاقتصادي، نتيجة تعطيل مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية، فقد كشف الحكم الصادر بالإبطال والعودة عن غياب التجانس والتنسيق، حين لم تعكس توجهات تصحيح المسار الصادرة عن الأمة والقيادة السياسية للدولة، وهو ما أثار تساؤلات حول الإيمان بالديموقراطية ومستوى كفاءة الذين يتصدّرون إدارة الشؤون العامة بعد كل ما جرى.
توقّع النواب وممثلو الأمة أن يصدر من مراجع الدولة العليا ما يبدد حالة الوجوم التي أصابت الجميع بالذهول، وأن يجري تأكيد الاستمرار في تصحيح المسار وتحديد خريطة استعادة التمثيل الحقيقي للأمة، وعلى الفور تتم المبادرة بجملة خطوات جادة وعملية تؤكد تحمُّل المسؤولية وإبراء ذمة الأمة من سوء ما اقترفته الأيدي العبثية، سواء كانت بحُسن نية أو تقصّد وعن تعمّد في استنزاف هيبة الدولة واستقرار مؤسساتها الديموقراطية.
كلمة من القلب لنواب الأمة:
إشادة مستحقة أوجهها لجميع الزملاء بالمجلس، وعلى رأسهم العم أحمد السعدون، على مسيرتهم الممتدة في مواجهة الفساد، وفعل ما يمكن فعله لمنع وأد التجربة الديموقراطية، والحفاظ على المكتسبات الدستورية، لقد أديتم ما عليكم وشاركتم بتصويب المسيرة واحتواء هواجس المواطنين التي لا تزال حاضرة، وسعيتم للحفاظ على جذوة الأمل في نفوس الشباب من أن تنطفئ أو تنكفئ على ذاتها وأوجاعها، لأجلكم جميعاً وكل الذين ساندوكم أوجّه تحية من القلب، وأدعوكم إلى التعاضد من جديد لخوض غمار المرحلة، حتى يتحقق على أيديكم «التصحيح» الذي سعينا إليه جميعاً لتقويم مسارنا الوطني.
«Catalyst» مادة حفَّازة:
تعاضد نيابي + تلاحم شعبي + تنسيق انتخابي = تصحيح المسار