وسط التصعيد الأخير الذي شهدته سورية بعد هجمات على القواعد الأميركية كادت تتسبب في مواجهة عسكرية واسعة، مدد الجيش الأميركي مهمة المجموعة الهجومية المرافقة لحاملة الطائرات جورج إتش. دبليو بوش في شرق المتوسط، لتوفير خيارات لصانعي السياسات للرد، في خطوة تبرز احتمال تصاعد التوتر في سورية على الرغم من أن بعض دول الشرق الأوسط التي كانت تتنافس على النفوذ هناك تبادر الآن إلى تحسين العلاقات، وأبرزها السعودية وإيران، ومع تطبيع عدة دول عربية العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وأكد المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية الكولونيل جو بوتشينو أن «تمديد مهمة المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات جورج إتش. دبليو بوش، يسمح بخيارات لتعزيز محتمل لقدرات القيادة للاستجابة لمجموعة من الطوارئ في الشرق الأوسط».
وفي حين أشار بوتشينو إلى أن المجموعة تتضمن سفن لافيت غالف وديلبيرت دي.بلاك وأركتيك، قال المتحدث باسم «البنتاغون» فيل فينتورا إنه سيتم نشر سرب من الطائرات الهجومية من طراز «اي -10» في المنطقة قبل الموعد المحدد لذلك بسبب الهجمات على القوات الأميركية في سورية.
وأضاف: «نحن ملتزمون بدعم مهمة هزيمة تنظيم داعش إلى جانب تحالف عالمي في سورية، ومستعدون للرد إذا لزم الأمر، وهذه الإجراءات تظهر قدرة الولايات المتحدة على إعادة تمركز القوات بسرعة في جميع أنحاء العالم، وتؤكد أنه سيتم اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للدفاع عن قواتنا».
ويعني القرار عدم عودة المجموعة الهجومية، التي تضم أكثر من خمسة آلاف جندي أميركي والموجودة حاليا في منطقة العمليات التابعة للقيادة الأوروبية، إلى مينائها الرئيسي في الولايات المتحدة حسب الجدول المقرر.
وجاء نشر السفن والطائرات بعد يوم من إعلان وزارة الدفاع (البنتاغون) ارتفاع عدد الجنود المصابين في هجمات 23 مارس الماضي في سورية إلى 12 جندياً بعد تشخيص 6 بإصابات دماغية. وأسفر الهجوم أيضاً عن مقتل متعاقد وإصابة آخر.
وبعد تحذير الرئيس جو بايدن إيران الأسبوع الماضي من أنه سيرد بقوة لحماية جنوده، نفذ الجيش الأميركي عدة ضربات جوية انتقامية على منشأتين مرتبطتين بإيران في سورية، . ويوم الاثنين الماضي، قال البيت الأبيض، الذي أعطى الأولوية لروسيا وأوكرانيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادي على حساب الشرق الأوسط بعد عقدين من التدخل العسكري، إن الحوادث لن تؤدي إلى سحب القوات المنتشرة منذ نحو ثماني سنوات في سورية.
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» نشرت تقريرا الاسبوع الماضي اشارت فيه الى ان الجيش الأميركي سيسحب مقاتلات هجومية متعددة المهام ومتطورة من منطقة الشرق الاوسط، في اطار اعادة تموضع بمواجهة التحديات التي تفرضها الحرب في اوكرانيا والتهديدات الروسية والصينية، وستستبلدها بمقاتلات من طراز «اي - 10» التي تعد قديمة وخفيفة.
التصعيد الإسرائيلي - الإيراني
إلى ذلك، أكد مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن مقتل 5 ضباط من الحرس الثوري الإيراني بينهم قيادي كبير في هجوم إسرائيلي ثان في الساعات الأربع والعشرين الماضية، استهدف مبنى على الطريق السريع الجنوبي في ريف دمشق بعد فترة وجيزة من دخول الضباط المنطقة.
واعترف الحرس الثوري بمقتل الضابط ميلاد حيدري في هجوم إسرائيلي وقع فجر الجمعة على ضواحي دمشق، وتعهد بالثأر له رداً على «جريمة للنظام الصهيوني».
وأكدت صحيفة «يديعوت احرونوت» العبرية، أن الهجوم الإسرائيلي أمس الأول استهدف قيادات أمنية إيرانية في سورية «متورطة في التخطيط والإشراف على تنفيذ عمليات ضد إسرائيل»، واصفة حيدري بأنه ضابط كبير في جهاز استخبارات «الحرس الثوري» الذي يشرف على توجيه العمليات ضدها.
وصعدت إسرائيل من ضرباتها على سورية في الايام القليلة الماضية مستهدفة مواقع ايرانية وشحنات أسلحة، في وقت تسعى إيران الى تهدئة الجبهات لمواكبة التطورات الدبلوماسية في المنطقة بعد الاتفاق الذي وقعته مع السعودية في الصين.
قواعد اشتباك
يأتي ذلك أيضا فيما احتج الجيش الروسي أمس الاول على «التصرفات الاستفزازية» للقوات الأميركية في سورية، محذرا من انهيار قواعد الاشتباك.
وأكد الأميرال الروسي رئيس مركز المصالحة بقاعدة حميميم أوليج غورينوف رصد وحدات للقوات المسلحة الأميركية مرتين في مناطق غير تلك المتفق عليها في محافظة الحسكة وعلى طول المسار غير المتنازع عليه في بلدتي ديرونا-آغا وسارامساك، محذراً من أن «الانتهاك الأميركي لقواعد عدم الاشتباك يهدد توازن القوى الهش القائم في تلك المنطقة، والذي تحقق بفضل جهود روسيا، كما أنه يؤثر سلبا أيضا على تطورات الوضع».
وقال غورينوف إن الجانب الروسي قدّم احتجاجا على سلوك التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، الذي يقيم المئات من أعضائه في معسكرات تقع في مناطق قاحلة لا تخضع لسيطرة كاملة من التحالف ولا الجيش السوري.
ووافقت روسيا، التي تسير مع تركيا دوريات مشتركة في شمال سورية، على إقامة مناطق خاصة يمكن للتحالف الذي تقوده واشنطن أن ينشط فيها.