الخروج إلى ساحة الإرادة لشحن المواطنين ضد حكم المحكمة الدستورية على حد تعبير أحد رموز المعارضة ليس أسلوباً شرعياً لإبداء الرأي القانوني، كما أنه يخالف القانون الذي اشترط الحصول على الترخيص قبل التجمع في الساحات والميادين العامة. وقد أقسم النواب وكثير من المسؤولين بالله تعالى على احترام الدستور وقوانين الدولة، وكان عليهم احترام قسمهم ولا يجوز لقناعتهم الشخصية بوجود أخطاء كبيرة أن تبرر القفز على هذه القوانين ومخالفتها وهي جزء من النظام العام للدولة، وقد يكون خروج ومخالفة مجاميع كبيرة لقوانين الدولة طريقاً وسبباً لجلب الفوضى العارمة التي لن تكون لصالح البلاد ولا لمصلحة أي طرف فيها.
وقد تم ارتكاب عدة مخالفات للدستور وقانون اللائحة في المجلسين السابقين، ولم تواجه للأسف بالموقف الحكومي الجاد ولا الاستنكار الشعبي اللائق بحجم هذه المخالفات مما أدى إلى استسهالها وتشجيع الآخرين إلى سلوكها وزيادتها واعتبارها أحيانا من البطولات والأعمال الوطنية.
وبالإضافة إلى تراخي السلطة فقد تراخت الرموز السياسية كما ضعف دعاة الشريعة عن التصدي للخروج على القانون والمهاترات التي تشهدها البلاد، وقد يكون الهجوم والسفه الذي تعرض له الرموز والدعاة هو سبب إحجامهم وإعراضهم عن التصدي، وقد يكون السبب هو تراخي الحكومة ورضاها بهذه المخالفات الدستورية والقانونية، وإلا لماذا صمتت الحكومة إزاء تصوير أوراق انتخابات المجلس بالباركود؟ ولماذا صمتت عن تقديم استجوابات غير دستورية، وكذلك المخالفات الخطيرة للائحة الداخلية؟ ولماذا تسكت الآن عن كل هذا الهجوم والتحريض على المحكمة الدستورية وتصوير حكم الدستورية أنه مخالف للرغبة الأميرية مع أنه مجرد حكم على مرسوم الحل من حيث الشكل، وهذا من مسؤولية الحكومة مثله تماماً مثل حكم الإبطال الأول الذي أيده جميع الدستوريين؟
والغموض يكتنف أيضاً موقف الحكومة أيضاً من التجريح الذي طال رموز البلاد في وسائل التواصل التي تصل إلى جميع المواطنين، فما الرسالة التي تريد الحكومة إيصالها للمواطنين الغيورين على استقرار البلاد؟
في ديوانيتي يوم الثلاثاء الماضي دار حوار وتعددت الآراء حول سبب سكوت الحكومة، فقال وزير سابق ربما هو عبارة عن استدراج لكي تزيد المعارضة تحركاتها حتى تصل البلاد إلى تعليق الدستور، وقال نائب سابق لا، بل هم مشغولون بالصراعات على السلطة، وكل منهم يبحث عن الشعبية ولا يريد الصدام مع المعارضة، ويتجنب لسان تجريحها، وقال نائب حالي: لا أحد يستطيع تفسير ما تريد الحكومة، وقال آخر إن صمت الحكومة هو تعبير عن ضعفها وعدم قدرتها على التصدي للقوانين الشعبوية المدمرة التي وضعها الأعضاء على رأس الأولويات.
لذلك نناشد جميع الأعضاء والفرقاء والجماعات السياسية الرفق بالبلاد واستقرارها والالتزام بالقوانين واحترام الرأي الآخر واللجوء إلى الحوار والطرق الدستورية في الإصلاح الذي يطلبونه، أما حكم المحكمة الدستورية فمن المعلوم أنه لا توجد أي وسيلة قانونية لتخطي الحكم الصادر مهما كان الرأي فيه، أما تطبيقه فلن يستغرق جلسة أو جلستي انعقاد لمجلس 2020 ثم يرفع مرسوم حله إذا رأت الحكومة ويعود الجميع بعدها إلى صناديق الاقتراع... فرفقاً بالكويت.