«عقدة» الكويت في أوراق سعدون حمّادي
في أوراقه الخاصة التي تحمل عنوان «أوراق سعدون حمّادي» الصادرة في كتاب عن المركز العربي للأبحاث في بيروت يفصح عن «حاشية الرئاسة» التي أطاحت به، وهما حسين كامل، وسبعاوي الحسن، فهذان الاسمان يحمّلانه مسؤولية ما عاناه العراق من مشكلات اقتصادية بعد الحرب مع إيران، وهو ما أعطاه وصفاً يتطابق مع مقولة «حين بدأت الثورة تأكل أبناءها».
القراءة في أوراق سعدون حمادي أو بالأحرى مذكراته وتأملاته، هي صفحة من صفحات عهد صدام حسين بكل أوجهها، والرجل كان أحد أبرز وجوه الصف الثاني في القيادة والحزب، تولى رئاسة المجلس الوطني عدة فترات ورئاسة الحكومة في مارس 1991 بعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي.
خرج من العراق عام 2004 بعد اعتقاله وتنقل بين الأردن ولبنان ليستقر في قطر، ويتوفاه الله في أحد مستشفيات ألمانيا عام 2007، كان أول شخص يتولى مصب رئيس الوزراء بعد الانسحاب من الكويت وهو المنصب الذي كان يشغله على الدوام صدام حسين.
دفعني الفضول لمعرفة أين موقع الكويت من تلك المذكرات وكيف ينظر إليها وفي محطات مختلفة من تاريخ العلاقات وهو «المفكر القومي»، و«المثقف»، و«الحزبي المخضرم»، يعتبر حمادي أن العراق ارتكب أخطاء متسرعة بعد الثورة على عبدالكريم قاسم عام 1963 حين اندفعت حكومة الثورة بموضوع الاعتراف بالكويت، وهو عمل اتضحت نتائجه السلبية فيما بعد، وكان من الأسس القانونية التي استندت إليها «أميركا في حربها ضد العراق عام 2003 تلك الإجراءات لم يكن مؤيداً لها، بل كانت على خطأ- طبعاً يقصد الاعتراف بسيادة واستقلال الكويت من قبل النظام العراق- فقد طغت مسألة العلاقة بالكويت ولم يستطع أن يعمل شيئاً لمنع ذلك».
يقدم نفسه من دعاة الوحدة العربية التي تم تشويهها كما يزعم «بعد العدوان على العراق إثر قضية الكويت»، ومن وجة نظره فإن التفاوت الكبير بتوزيع الثروة بين الأقطار الغنية مثل السعودية والكويت وقطر وتلك الأكثر فقراً مثل اليمن والسودان دلالة على سوء التصرف بهذه الثروة.
يصف أحداث الثورة في جنوب العراق عام 1991 ضد النظام بأنه «تمرد»، ويتجنب تماماً مثله كباقي القيادات في حزب البعث وعهد صدام حسين ما حصل في 2/ 8/ 1991 بأنه غزو واحتلال لبلد عربي ذي سيادة، بل كان «أزمة مع الكويت».
وفي أوضح اعتراف عما نتج عن الغزو والانسحاب من الكويت عام 1991 وفي روايته للاجتماع الذي جرى في الكرملين مع غورباتشيف وبريماكوف وبطلب من صدام حسين، ذهب إلى موسكو مع طارق عزيز للبحث في كيفية إيقاف الحرب وإيجاد مخرج، اتضح له بعد فشل المبادرة السوفياتية أن أميركا لم تكترث بتلك المقترحات، الأمر الذي يعني أن الحرب كانت أبعد من موضوع الكويت، بل يتجاوزه إلى السيطرة على المنطقة وتغيير النظام في العراق، وعندما فشلت الإدارة الأميركية بذلك لجأت إلى «الغزو المباشر» وهو ما تم عام 2003.
نقطة أخيرة، يعزو سعدون حمادي هزيمة الحزب الجمهوري في انتخابات 2006 الرئاسية الأميركية إلى سياسته الفاشلة في العراق!