تعهّدت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس، بالرد على إسرائيل بعد الإعلان عن مقتل قيادي ثانٍ بالحرس الثوري، في التصعيد الذي تشنّه إسرائيل منذ أيام ضد مواقع إيرانية في سورية، والذي تكثّف بعد مواجهة أميركية ـ إيرانية محدودة شمال شرق سورية.
وقال متحدث باسم «الخارجية» الإيرانية أن «دماء المستشارين العسكريين الإيرانيين في سورية لن تضيع هدراً»، مؤكداً أن بلاده «تحتفظ بحق الرد على مقتلهم في الزمان والمكان المناسبين».
وبعد استهدافها للجماعات المرتبطة بإيران في دمشق لليلتين متتاليتين في 30 و31 مارس، شنّت إسرائيل ضربة جوية ثالثة ليل السبت - الأحد، أسفرت عن إصابة 5 جنود سوريين في مدينة حمص وريفها.
وقال مصدر عسكري سوري، لوكالة الأنباء الرسمية (سانا): «نفّذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً من اتجاه شمال شرق بيروت، مستهدفاً بعض النقاط في مدينة حمص وريفها»، مضيفاً: «وسائط دفاعنا الجوي تصدّت لصواريخ العدوان وأسقطت بعضها، وأدى العدوان إلى إصابة 5 عسكريين بجروح ووقوع بعض الخسائر المادية».
ووفق مدير المرصد السوري، رامي عبدالرحمن، استهدفت الصواريخ الإسرائيلية مواقع عسكرية عدة للجيش السوري وتلك الموالية لإيران في حمص، حيث سُمع دوي انفجارات واندلع حريق خصوصاً في مركز أبحاث.
وتحدث عن «معلومات مؤكدة» بشأن سقوط قتلى وجرحى في سابع هجوم إسرائيلي بشهر مارس، موضحاً أنه إضافة إلى الجنود السوريين الخمسة الجرحى، قُتل خلال الضربات عدد من المقاتلين الموالين لإيران الذين كانوا موجودين في مركز الأبحاث.
وأفادت مصادر مخابراتية غربية بأن الضربات استهدفت مجموعة من القواعد الجوية وسط سورية، حيث يتمركز عناصر الحرس الثوري الإيراني، بينها مطار الضبعة العسكري في ريف حمص.
في هذه الأثناء، أعلن الحرس الثوري الإيراني، أمس، وفاة مستشار عسكري ثان يدعى مقداد مهقاني، متأثراً بجروح أصيب في الهجوم الإسرائيلي على دمشق فجر الجمعة. وأوضحت وكالة مهر شبه الرسمية أن مهقاني كان أحد رفاق المستشار العسكري ميلاد حيدري، الذي قُتل هو الآخر في الهجوم نفسه.
وتعهّد الحرس الثوري، الجمعة، بأنه «سيرد من دون شك على هذه الجريمة»، مستنكراً «صمت المجتمع الدولي عن جرائم إسرائيل وانتهاكاتها المتكررة لسيادة سورية بوصفها دولة مستقلة عضوة بالأمم المتحدة».
ثمن باهظ
وفي تبنٍّ نادر لشنّ إسرائيل مئات الضربات الجوية خلال الأعوام الماضية على أهداف إيرانية وأخرى لحزب الله اللبناني، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في تصريحات بثّها التلفزيون أمس، «نحن نقاتل على جبهتين رئيسيتين ضد أعدائنا بالداخل، وعلى الجبهة الإيرانية نكبّد الأنظمة الداعمة للإرهاب ثمناً باهظاً».
وأضاف نتنياهو، في بداية اجتماع حكومته: «أنصح أعداءنا بألا يخطئوا، والنقاش الداخلي في إسرائيل لن يمسّ قدراتنا في العمل ضد أعدائنا بجميع الجبهات، في أي مكان وأي وقت».
وتابع: «جهودنا مستمرة، لأن عدوان إيران لا يتوقف، في الأسبوع الماضي، هاجمت ايران مرة أخرى ناقلة نفط في الخليج العربي، وأضرت بحريّة الملاحة الدولية، كما هاجمت قاعدة أميركية في سورية، وتواصل إمداد دمشق بأسلحة فتاكة، لمهاجمة المدنيين الأبرياء بعيداً عن حدودها».
وشدد على أن «الهجمات الإيرانية ضد الإسرائيليين في جميع أنحاء العالم، لن تقوّض تماسك الشعب الإسرائيلي، ولن تضعف معنوياته».
وأكد أن إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك الأسلحة النووية، ولن تسمح لها بتهديد حدودها الشمالية، مشددا على أن تل أبيب سترد بقوة على أية هجمات إيرانية محتملة ضد أمنها.
وتطرّق نتنياهو إلى تصريحات حزب الله، التي تفيد باقتراب وقوع حرب أهلية في إسرائيل، قائلاً: «لا تعوّلوا كثيرا على وقوع حرب أهلية في إسرائيل، فذلك لن يحصل، فالإسرائيليون إخوة، ما لا يفهمه حسن نصرالله، أننا دولة ديموقراطية حية».
واعتبر المحلل العسكري بصحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، أن «تكاثر الهجمات ضد غايات إيرانية في سورية من شأنه أن يدلّ على ضلوع الحرس الثوري في الأحداث الأخيرة»، وبينها تفجير مجدو، في 13 مارس، والذي قال جهاز الأمن الإسرائيلي إن منفذه تسلل من لبنان، وقتلته قوات خاصة في الشرطة و»الشاباك» في اليوم التالي، عندما حاول العودة إلى لبنان.
وأوضح هرئيل أن «إسرائيل قلقة في الفترة الأخيرة من ضلوع متزايد لإيران في جهود لتنفيذ عمليات مسلحة ضدها. ونقل الحرس الثوري، إلى جانب حزب الله، مالا إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية، بهدف تشجيعهم على تنفيذ عمليات».
ومع تفاقم التصعيد بسورية، بعد هجوم أسفر يوم الخميس قبل الماضي عن مقتل متعاقد وإصابة 5 جنود أميركيين في قاعدتهم بالحسكة، أبقت وزارة الدفاع (البنتاغون) مجموعتها الهجومية المرافقة لحاملة الطائرات جورج إتش. دبليو بوش في شرق المتوسط، لتوفير خيارات لصانعي السياسات، تحسباً لمواجهة عسكرية واسعة مع وكلاء إيران.
وشّنت وزارة الدفاع (البنتاغون) ضربات جوية يوم الجمعة على القوات المدعومة من إيران، وتعهدت بحماية جنودها المنتشرين في سورية.
وأفادت مصادر محلية سورية بأن القوات الأميركية أدخلت عشرات الآليات العسكرية والحاويات قادمة من شمال العراق إلى قواعدها في الجزيرة السورية عبر معبر الوليد بريف الحسكة.
ونقلت وكالة (سانا) الرسمية عن مصادر محلية من ريف اليعربية في الحسكة قولها، إن «رتلاً للاحتلال الأميركي مؤلفاً من 60 آلية، بينها شاحنات محملة بحاويات أسلحة وذخائر ومدرعات عسكرية متطورة، إضافة إلى 40 صهريجاً لسرقة النفط، ترافقها ثلاث عربات عسكرية دخلت إلى الأراضي السورية عبر معبر الوليد غير الشرعي».
جاء ذلك في وقت نقلت تقارير صحافية أن المجموعات الموالية لإيران نقلت عناصر من دير الزوروأعادت الانتشار جنوب مدينة القامشلي.
وقالت هذه التقارير، إن الحكومة السورية وروسيا تدفعان باتجاه إلغاء المجموعات الموالية لهما ودفع عناصرها للالتحاق بمجموعات موالية لإيران استعداداً لإعلان «مقاومة شعبية إسلامية ضد الاحتلال الأميركي».
محادثات موسكو
في غضون ذلك، بدأ وفد سوري برئاسة معاون وزير الخارجية، أيمن سوسان، زيارة إلى موسكو للمشاركة في الاجتماع الرباعي لنظرائهم في روسيا وتركيا وإيران.
وقبل مغادرته دمشق، أكد سوسان أنه سيركز بالتحديد على إنهاء الوجود العسكري التركي على الأراضي السورية ومكافحة الإرهاب، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية.
ولفت سوسان إلى أن الوفد السوري سيعقد مشاورات ثنائية مع الجانبين الروسي والإيراني اليوم، وفي اليوم التالي سيشارك في الاجتماع الرباعي.
وفي وقت سابق، شدد الرئيس بشار الأسد على أنه لا قيمة من عقد أو ترتيب اجتماع مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، قبل انسحاب القوات التركية من سورية والتوقف عن دعم الإرهاب.
وفي منتصف مارس الماضي، كشف وسائل إعلام تركية أنه «سيمثل الوفد التركي نائب وزير الخارجية بوراك أكجابار، وذلك بحضور نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ومستشار الشؤون السياسية لوزير الخارجية الإيرانيعلي أصغر حاجي، وأيمن سوسان».