من المتوقع أن تتقلص إمدادات الشرق الأوسط من النفط الخام بصورة أكبر بدءا من مايو بعد أن أعلنت مجموعة «أوبك +» خططا لخفض أكبر في الإنتاج، الأمر الذي يرفع التكاليف التي تتحملها المصافي من آسيا إلى أوروبا، ويدفعها إلى السعي للحصول على المزيد من الإمدادات من روسيا وإفريقيا والأميركتين.

وستؤدي التعهدات إلى رفع الحجم الإجمالي لتخفيضات «أوبك +» منذ نوفمبر إلى 3.66 ملايين برميل يوميا، وفقا لحسابات «رويترز»، بما يعادل 3.7 في المئة من الطلب العالمي.

Ad

وكان من المتوقع أن تبقي «أوبك +» الإنتاج مستقرا حتى نهاية هذا العام، بعد أن خفضت الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا في نوفمبر الماضي.

وقال مسؤول في شركة تكرير كورية جنوبية، إن الخفض «نبأ سيئ» لمشتري النفط، وإن «أوبك» تسعى إلى «حماية أرباحها» في مواجهة مخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي.

وذكر مسؤول التكرير الكوري الجنوبي وتاجر صيني، أن خفض الإمدادات سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الخام في الوقت الذي يؤدي فيه ضعف الاقتصادات إلى انخفاض الطلب على الوقود والأسعار، مما يضغط على أرباح المصافي. ورفض كلاهما الكشف عن هويته، لأنهما غير مخولين بالحديث إلى الإعلام.

وأكد تاكايوكي هونما، كبير الاقتصاديين في شركة سوميتومو كوربوريشن جلوبال ريسيرش، أن خفض المعروض من النفط الخام من «أوبك +» سيكون سلبيا بالنسبة لليابان، لأنه قد يزيد التضخم ويضعف اقتصادها.

وأضاف هونما أن «الدول المنتجة تريد، على ما يبدو، أن ترى أسعار النفط ترتفع إلى 90-100 دولار للبرميل، لكن ارتفاعها يعني أيضا زيادة مخاطر التباطؤ الاقتصادي وتباطؤ الطلب».

وقال متعاملون إن تخفيضات إنتاج «أوبك +» تأتي في الوقت الذي من المتوقع أن تسجل مشتريات الصين، أكبر مستورد للخام في العالم، رقما قياسيا في 2023 مع تعافيها من جائحة «كوفيد 19»، بينما يظل الاستهلاك قويا من الهند، المستورد الثالث عالميا.

في الوقت نفسه، قال متعاملون ومسؤول تكرير هندي، إن طلب شركات التكرير الأوروبية على خام الشرق الأوسط ارتفع، خاصة خام البصرة الثقيل والخام العماني، ليحل محل النفط الروسي الذي يحظره الاتحاد الأوروبي منذ ديسمبر.

وأضاف أنهم «سيواجهون ضغوطا شديدة الآن»، متوقعا أن يعاني السوق «شحا كبيرا في المعروض».

وأخطرت الكويت المشترين بالفعل أنها ستخفض صادراتها للاحتفاظ بالمزيد من الخام لمصفاة الزور، بينما تكثف شركة أرامكو السعودية عملياتها في مصفاة جازان.

وذكر متعاملون أن «أرامكو»، أكبر مصدر للنفط في العالم، والتي كان من المتوقع أن تخفض أسعار البيع الرسمية لمبيعات النفط بعقود محددة المدة إلى آسيا في مايو، قد تقرر الآن رفع الأسعار بدلا من ذلك.

وبين مسؤول التكرير الهندي، الذي طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مصرح له بالتحدث إلى وسائل الإعلام، أنه مع ارتفاع الأسعار وقلة المعروض من خام الشرق الأوسط عالي الكبريت، قد تضطر الصين والهند لشراء المزيد من النفط الروسي، مما يعزز إيرادات موسكو.

وتابع أن ارتفاع أسعار خام برنت قد يرفع سعر خام الأورال وغيره من منتجات النفط الروسية أعلى من السقف السعري الذي حددته مجموعة دول السبع الكبرى بهدف تقليص إيرادات موسكو من النفط.

في حين توقع التجار والمحللون أن يكون هناك فائض في الخام خلال الربع الثاني مع إغلاق مصافي التكرير الآسيوية للصيانة وإغلاق المصافي الفرنسية بسبب الإضرابات، فإنهم يتوقعون الآن أن تؤدي تخفيضات «أوبك +» إلى شح المعروض في الأسواق قبل الصيف موسم ارتفاع الطلب.

ولفت مصدر صيني في مجال التكرير إلى ان تخفيضات «أوبك +» ستساعد في امتصاص الكميات الفائضة في الغرب.

وذكرت شركات التكرير في اليابان وكوريا الجنوبية أنها لا تفكر في الحصول على براميل نفط روسية بسبب مخاوف جيوسياسية، وقد تبحث عن إمدادات بديلة من إفريقيا وأميركا اللاتينية.

وقال هونما من سوميتومو: «يمكن لليابان أن تسعى للحصول على المزيد من الإمدادات من الولايات المتحدة، لكن نقل النفط الاميركي عبر قناة بنما مكلف».

ويراقب التجار أيضا ردود فعل الولايات المتحدة، التي وصفت تحرك «أوبك +» بأنه غير حكيم.

وأوضح التاجر الصيني ان «خلاصة القول، الغرض من هذا التخفيض الهائل في الإنتاج هو بشكل أساسي استعادة قوة السوق التسعيرية».