نيللي... فراشة السينما المصرية «الحلقة الأخيرة»
• الممثلة المشهورة تحقق حلم حياتها في عالم الفوازير
ارتبطت نيللي بعالم الفوازير في بداية الستينيات وبعد ظهور التلفزيون، ووقتها طرحت أول فكرة لتقديم فوازير رمضان، وكالعادة كان اسم شقيقتها «فيروز» يسبقها فنياً، ولم تكن فوازير ذات حلقات، بل عبارة عن فقرة ربط غنائية لا تزيد على خمس دقائق، اشتركت فيها «فيروز ونيللي»، ورغم قصر التجربة فإنها تركت في داخلها أثراً كبيراً وحلماً جميلًا أرادت تحقيقه.
وبعد سنوات طويلة، استطاعت نيللي أن تحقق حلمها، وأصبحت نجمة الفوازير الأولى، وكانت البداية عندما التقت المخرج العبقري فهمي عبدالحميد، ووقتها كان يخرج أفلام كارتون قصيرة، وتحمست فراشة السينما للتعاون معه، وقدما في أول موسم «صورة وفزورة» عام 1975، وحققت نجاحًا كبيراً للغاية.
وتوالت سلسلة الفوازير التي قدمتها النجمة المشهورة، منها «صورة وفزورتين»، و«صورة و3 فوازير»، و«صورة و30 فزورة»، و«فزورة التمبوكا»، و«عروستي»، و«الخاطبة»، و«عالم ورق ورق ورق»، و«عجايب صندوق الدنيا»، و«أم العُريف»، و«الدنيا لعبة»، وفي عام 1996 قدّمت آخر أعمالها فوازير «زي النهاردة».
حكاية زواج
كرَّست نيللي حياتها للفن، وتوّلدت أول قصة حب، عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها، وتقود دراجتها في منطقة المعمورة بمدينة الإسكندرية، والتقت بشاب أزرق العينين، وطلب منها الزواج، ولكن صغر سنها حال دون إتمام الزيجة.
وعندما نضجت تزوجت من المخرج حسام الدين مصطفى، ولكن تم الطلاق، لغيرته الشديدة عليها، وكان والدها معارضًا لهذه الزيجة، بسبب فارق السن بينهما، إلا أن التعاون الذي جمع بينهما في عدد كبير من الأفلام، جعل الأُلفة تسود بينهما، واستمر تعاونهما الفني.
وكان زواجها الثاني من الملحن مودي الإمام، ولكن لم يستغرق الأمر طويلًا، وباءت التجربة بالفشل كزواجها الأول، فقررت بعدها ألا تتزوج من الوسط الفني.
ولكن من أجل زواجها من رجل الأعمال المصري خالد بركات اعتزلت نيللي الفن، وسافرت معه إلى لندن، وبعد عامين فقط وقع الطلاق بينهما لتعود إلى فنها مرة أخرى.
وتزوجت نيللي للمرة الرابعة، ولكن هذه المرة سراً، من رجل الأعمال والخبير السياحي عادل حسني، ولكنهما انفصلا لنفس أسباب فشل زيجاتها السابقة، ورغبته في أن تترك الفن وتعتزل، ولم تُرزق نيللي بأبناء من زيجاتها الأربع.
الصدمة والحب
وصُدمت فراشة السينما في الحب كثيراً، وكانت كل زيجاتها عن حب لأنها لا تستطيع أن تتزوج من رجل لا تحبه، واعتبرت أن أفضل شيء أعطاه الله لنا هو القلب، لأننا نستطيع من خلاله أن نحب الناس ونسعدهم.
وتلقت صدمة أشد من فشل زيجاتها، عندما رحلت والدتها، وعاشت في وحدة رهيبة، ومرضت بشدة، ونقلت للمستشفى في حالة انهيار عصبي شديد، لم تخرج منها إلا باللجوء إلى الله ثم مساعدة أصدقائها.
وفقدت نيللي شقيقتها الكبرى فيروز، ولم تعلم برحيلها في نهاية يناير 2016 إلا بعد أيام، وأخفت الأسرة الخبر عنها، وحين علمت دخلت في نوبة بكاء شديد، وخيَّم عليها الحزن لأسابيع طويلة، لأن الراحلة ليست شقيقتها فقط، بل صديقتها الغالية، ورفيقة مشوارها في الفن والحياة، وما زالت تعيش على ذكراها حتى الآن.
الرمال الناعمة
وتشكل الدراما التلفزيونية محطة مهمة في حياة نيللي الفنية، فقد اتجهت إلى الشاشة الصغيرة، وعمرها لا يتجاوز 15 عامًا، وشاركت في بطولة مسلسل «الرمال الناعمة» (1961)، مع بداية ظهور التلفزيون المصري، واستغرق عرضه 10 أشهر، وأخرجه إبراهيم السيد، ويعد أول مسلسل تلفزيوني يقدم في 40 حلقة، وعرض بمعدل حلقة كل أسبوع.
وكان مؤلف «الرمال الناعمة» محمد كامل حسن رشح كل من زهرة العُلا وعمر الحريرى وسناء مظهر، لبطولة المسلسل إلا أن المخرج اعترض على اختياراته واختار أربعة وجوه شابة لتلعب أدوار البطولة، هم زين العشماوى ونيللي وكريمان وفاتن الشوباشي، ومعهم النجمان حسين رياض وزوزو نبيل لأداء دوري «الأب والأم».
وحقّق «الرمال الناعمة» نجاحًا كبيراً، ولعبت نيللي فيه دور الفتاة الشقية، وتعرف المخرجون بشكل أفضل على موهبتها، لكنها اختفت من الشاشة الصغيرة، واستأنفت نشاطها السينمائي.
مبروك جالك ولد
ومرت فترة طويلة، قبل أن تشارك نيللي في بطولة مسلسلات درامية عدة، أشهرها «الدوامة» (1973)، تأليف إبراهيم الورداني وإخراج نور الدمرداش، وجسّدت فيه دور عارضة الأزياء «هند» أمام محمود ياسين ومحمود عبدالعزيز ونادية الجندي ورجاء الجداوي ويوسف فخر الدين.
• «الدوامة» مواجهة درامية بين الفراشة والنجمة نادية الجندي.
• الممثلة الصغيرة تلعب دور البطولة في أطول مسلسل تلفزيوني.
وفي عام 1980، أسند لها المخرج فهمي عبدالحميد دور «ليلى» في المسلسل الكوميدي «مبروك جالك ولد»، تأليف لينين الرملي، وشارك في البطولة محمود عبدالعزيز ومحمود المليجي ونعيمة وصفي وسعيد عبدالغني. ودارت أحداثه حول زوجة لا تنجب، ويكتشف زوجها أن له طفلاً من زوجته الأولى لا يعرف عنه شيئًا، وتتصاعد الأحداث.
عاشت مرتين
وأراد المخرج نور الدمرداش أن يكرِّر نجاح «الدوامة» بعمل آخر للكاتب إبراهيم الورداني، ويتسم بأجواء من الإثارة والغموض، وفي عام 1980 أسند إلى نيللي بطولة مسلسل «عاشت مرتين»، أمام نور الشريف ومحمود عبدالعزيز ونبيل الهجرسي وحسن مصطفي وميمي جمال، وجسَّدت دور «عايدة» التي تشك في تورط زوجها «يوسف» في رحيل شقيقتها عفت، ما يجعلها تعيش صراعات نفسية شديدة.
وتدور الأحداث حول «برديس» فتاة جامعية فقيرة ويتيمة الأب تعيش في حي شعبي مع والدتها التي تعمل من أجل تربيتها، وتتحدى ظروفها لتصل بمثاليتها إلى مراتب النجاح ودخول قلوب كل من يعرفها.
وعادت نيللي إلى الكوميديا في مسلسل «إنها مجنونة مجنونة» (1985)، تأليف صلاح فؤاد وإخراج عادل كامل، وشارك في البطولة أحمد راتب والمنتصر بالله وسناء يونس، وتدور الأحداث حول «كريمة» زوجة وأم لطفل، وكلما شاهدت شخصية عبر شاشة التلفزيون، تتقمصها داخل المنزل وفي حياتها اليومية.
ويحمل هذا المسلسل أصداءً من فيلم «عفريت مراتي» (1968)، بطولة شادية وصلاح ذوالفقار وإخراج فطين عبدالوهاب، ويدور حول زوج مشغول بعمله، وتعاني زوجته بسبب الوحدة، وتستغرق في مشاهدة الأفلام وتبدأ بتقمص شخصيات البطلات اللواتي تشاهدهن، ما يوقع زوجها في مشكلات يومية، ويحاول بمساعدة أصدقائه تخليصها من تلك الحالة.
دراما غنائية
وفي عام 1988 التقت نيللي المطرب إيمان البحر درويش في مسرحية «انقلاب»، تأليف صلاح جاهين وإخراج جلال الشرقاوي، وشارك في البطولة المطرب الشعبي حسن الأسمر، والأوبرالي حسن كامي، ووضع الموسيقى والألحان الموسيقار محمد نوح، وحقق العمل نجاحًا كبيراً.
وفي عام 1997 التقى الثنائي «نيللي ودرويش» في الدراما الغنائية «حبيبي الذي لا أعرفه»، تأليف محمد عثمان وإخراج حسن موسى، وأشعار سيد حجاب وألحان الموسيقار عمَّار الشريعي، وشارك في البطولة نجوى فؤاد وفايزة كمال ونور الدمرداش في آخر أدواره، وعرض المسلسل بعد رحيله بثلاثة أعوام.
حادث النصف متر
وتعاونت نيللي والمخرج أشرف فهمي في فيلم «حادث النصف متر» (1983)، عندما تحمست فراشة السينما لتقمُّص شخصية تتعرض لأزمة قاسية، واعتبرته من أهم أدوارها على الشاشة، ولكنه الشريط السينمائي الوحيد الذي شهد تعاونهما الفني.
• «الزوجة المجنونة» تتقمص دور شادية في فيلم «عفريت مراتي».
• «آلو رابع مرة» مباراة في الأداء الكوميدي مع النجمة شويكار.
ومضت السنوات، وقرّر أشرف فهمي أن يخوض تجربة الإخراج في الدراما التلفزيونية، والتقى نيللي مجددًا في مسلسل «سنوات الشقاء والحب» (1998)، عن قصة للأديب إحسان عبدالقدوس، وشارك في بطولته صلاح السعدني ومادلين طبر وخيرية أحمد وعبدالله فرغلي. ولعبت فيه نيللي دور الفتاة الثرية «منيرة» التي ترفض أسرتها زواجها من «سيد» السائق الذي يعمل لديهم، فيترك عمله، ويبحث عن بداية جديدة، ويتزوج من قريبته «أمينة» وتقرضه أموالها ليصبح من رجال الأعمال، ثم ينفصل عنها، وتتصاعد الأحداث.
ألف ليلة وليلة
وفي عام 2000 شاركت نيللي في مسلسل «ألف ليلة وليلة»، مع محمود قابيل ورجاء الجداوي ومن إخراج عمرو عابدين، وفي عام 2002 قامت ببطولة «ألو رابع مرة»، مع شويكار ومصطفى فهمي ومن تأليف بهجت قمر وإخراج سيد طنطاوي. وعادت في هذا المسلسل إلى الأدوار الكوميدية، وجسّدت شخصية «درية» المتزوجة من مخرج الإعلانات «حسين»، وتهمل بيتها لحساب عملها ودراستها، ويحدث هذا بتحريض صديقتها المهيمنة «نظلة»، وتتابع الأحداث عبر مباراة في الأداء الكوميدي بين نيللي وشويكار.
وكان مسلسل «قصاقيص ورق»، الذي عرض في عام 2005، هو آخر عمل فني قدمته نيللي، ورفضت أن تقدم أدواراً أصغر من سنها، بعد تقدمها في العمر حتى لا يعتبرها الناس «أرجوزًا»، وما زالت فراشة السينما ونجمة الاستعراض الأولى، تبحث عن عمل فني يليق بمسيرتها المتميزة، لتلتقي بجمهورها مجددًا بعد غياب لسنوات طويلة.
تحب الجلوس في البيت ولا تجيد الطهي
اعتادت نيللى، أن تقضي أوقات فراغها في المنزل، وتمارس هوايتها في الاستماع إلى الموسيقى والقراءة، وتقول عن نفسها إنها شخصية «بيتوتية» أي تحب الجلوس في البيت، ولا تفضل الخروج كثيراً، ورغم ذلك لا تجيد الطهي وتفضل تناول البيض المسلوق والبقسماط، وتهتم برشاقتها، باتباع حمية غذائية، وممارسة المشي وبعض التمارين الرياضية بشكل منتظم.وتعرضت نيللي لمواقف طريفة، عندما كان أفراد الأسرة والعاملون بالمنزل يسافرون، وتجد نفسها وحيدة، وتفضل تناول الطعام من الثلاجة، ولا تحاول الاقتراب من المطبخ، ويتكوَّن إفطارها من البقسماط وتأكل شيئاً خفيفًا في وجبة الغداء، وفاكهة في العشاء.
وتميل فراشة السينما إلى الهدوء والبساطة، ولا تجد سعادتها في الثراء، ولا تلهث وراء عمل فني لأنه مجزٍ مادياً، ورفضت عودتها إلى التمثيل من خلال أعمال غير جيدة، وتفضل مشاهدة التلفزيون والاستماع للبرامج الحوارية ولم تذهب إلى السينما منذ سنوات!
نجمة الاستعراض ترشح دنيا سمير غانم لخلافتها في «الفوازير»
شكّلت الفوازير أهم مرحلة فنية في مشوار نيللي، وكشفت عن مواهبها الاستعراضية على مدى سنوات من إذاعة حلقاتها في شهر رمضان كل عام، وتعاونت خلالها مع المخرج فهمي عبدالحميد ومصمم الرقصات حسن عفيفي وعدد كبير من الشعراء والملحنين منهم صلاح جاهين وحلمي بكر وهاني شنودة.
ودرست نيللي الباليه منذ نعومة أظافرها، وعندما عرضت عليها «الفوازير» كانت في قمة تألقها السينمائي، وترددت في خوض التجربة، خوفًا على نجاحها الفني، لكن بعدما عرفت أن هناك استعراضات وغناء رحّبت بالتجربة، وبعد نجاحها استمرت فيها بكل حب، وكانت تشرف بنفسها على أزياء الراقصين والراقصات في الفوازير.
ورأت نجمة الاستعراض الأولى أن دنيا سمير غانم، تشبهها في الوقت الحالي بين الفنانات الشابات، وتمتلك موهبة في التمثيل والغناء، ولديها خفة ظل، وهي أقرب فنانة لتكون امتدادًا لما قدّمته أو خليفتها في تقديم الفوازير.
وفي العام الماضي، تداول رواد السوشال ميديا فيديو قديما للفنانة نيللي وهي تتحدث عن الفوازير، وفيه غنت جزءًا من تتر فوازير «الخاطبة» التي قدمتها عام 1980، وحين سُئلت عما إذا كانت ستعود لتقديم الفوازير مرة أخرى، أجابت بشكل قاطع: «لا».