بعد اعتمادها سياسة عدم الانحياز العسكري ثلاثة عقود، وفي تحول استراتيجي كان سببه الهجوم الروسي على أوكرانيا، انضمت فنلندا اليوم رسمياً إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لتصبح العضو 31 فيه، وهي خطوة تضاعف طول الحدود المشتركة بين الحلف وروسيا.
واحتفى «الناتو» بانضمام فنلندا واعتبره هزيمة استراتيجية للرئيس فلاديمير بوتين، الذي برّر غزوه لأوكرانيا بأنه مسعى لوقف تمدد الحلف، لكن على العكس من ذلك انضمت فنلندا إليه في حين تسير السويد على الطريق نفسه، وفي المقابل، توعّدت موسكو بإجراءات مضادة متهمة الحلف بـ «التصعيد».
ووصف الأمين العام لـ «الناتو» ينس ستولتنبرغ انضمام فنلندا بـ «الحدث التاريخي»، واعتبر ضم عضو جديد يعد وسيلة ملائمة للاحتفال بالذكرى الـ74 لتأسيس الحلف، مؤكداً أن الخطوة «ستجعل فنلندا أكثر أمناً والناتو أكثر قوة».
وفي موسكو، وعد الكرملين اليوم باتخاذ «إجراءات مضادة»، معتبراً توسيع الحلف أنه «مساس بأمن» روسيا. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن «هذا تصعيد جديد للوضع يضطرنا إلى اتخاذ إجراءات مضادة. سنتابع عن كثب ما يحصل في فنلندا، وكيف يشكل انضمامها إلى الناتو تهديداً لنا، وبناءً على ذلك سيتم اتخاذ إجراءات».
وتابع بيسكوف أن «فنلندا لم تكن يوماً مناهضة لروسيا وليس هناك أي خلاف معها»، موضحاً أن انضمامها إلى الحلف «سيؤثر في طبيعة علاقاتنا»، لأن «الناتو منظمة غير صديقة، بل معادية لروسيا على أكثر من صعيد».
وكان رئيس اللجنة العسكرية في الحلف الأدميرال الهولندي روب باور شدد، أمس، على أنّ فنلندا لم تطلب من أعضاء التكتّل نشر قوات على أراضيها، مضيفا أن مسألة نشر قوات تتوقّف في المقام الأول على قرار هيلسنكي.
وأكد أنّه في حال شنّت روسيا هجوماً، فإن دول التكتل «ستساعد في الدفاع عن فنلندا بواسطة تعزيزات استراتيجية»، مضيفاً أن انضمام فنلندا والسويد «يسهّل» على الحلف مهمة الدفاع عن جناحه الشرقي. وفي أقصى الشمال، قال باور، إن انضمام فنلندا والسويد سيرفع عدد الدول القطبية الشمالية المنضوية في الحلف إلى سبع من أصل ثمانٍ، أما في الجنوب فإن بحر البلطيق «سيصبح بشكل متزايد مياهاً ضمن أراضي الناتو». وأوضح باور أن «قيام الروس بأي تحرّك من دون أن يعلم الحلف به يزداد صعوبة».
بدوره، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إن انضمام فنلندا للحلف «يعزز مخاطر توسع المواجهة».
وفي مؤشر على التلويح بتوسيع نطاق المواجهة، أوضح شويغو أن قوات بيلاروسيا الجارة والحليفة الوثيقة لروسيا تلقت منظومات «إسكندر- إم» التي يمكنها استخدام الصواريخ التقليدية والنووية، مشيراً إلى أن بعض الطائرات الهجومية البيلاروسية أصبحت قادرة على شن ضربات بمعدات تحمل أسلحة نووية.