برع الممثل الوسيم في الأدوار الكوميدية، واستطاع أن ينتزع ضحكات الجمهور بدور وزير الداخلية في فيلم "الإرهاب والكباب” (1992) أمام نجم الكوميديا الزعيم عادل إمام، وتكرّر اللقاء بينهما في فيلم "الواد محروس بتاع الوزير” عام 1999.
وخاض النجم السينمائي تجربة الإخراج مرة واحدة في عام 1965، وقدّم فيلم الكوميديا والفانتازيا "تنابلة السلطان”، تأليف إسلام فارس، وشارك في بطولته أمام ناهد شريف ومها صبري وعبدالمنعم إبراهيم.
رجل عاش مرتين
قدّم كمال الشناوي أول أعماله الدرامية في عام 1978، وشارك في بطولة مسلسل "رجل عاش مرتين”، تأليف مدحت السباعي وإخراج يحيى العلمي، والتقى بالأخير مرة ثانية في "زينب والعرش” (1980)، قصة فتحي غانم، وبطولة محمود مرسي وسهير رمزي وحسن يوسف وصلاح قابيل.
وطرحت الأعمال الدرامية التي قام ببطولتها العديد من القضايا الاجتماعية، وحقق نجاحاً كبيراً، ولعب فتى الشاشة لأول مرة دور الجد "الدكتور نعمان” في المسلسل الشهير "هند والدكتور نعمان” (1984)، تأليف لينين الرملي وإخراج رائد لبيب، وشارك في العمل مجدي وهبة وسلوى خطاب ورجاء الجداوي وإبراهيم الشرقاوي، وليزا التي قامت بدور "الطفلة هند”.
طريق الفن
وُلِد محمد كمال الشناوي في 26 ديسمبر 1921، بمدينة ملكال بالسودان، وانتقل مع والده إلى مصر، واستقر بهما المقام في مدينة المنصورة، وظهر شغف الطفل الصغير بالفن، واهتم بأخبار النجوم، وكان يقتطع من مصروفه ليذهب إلى السينما بعد خروجه من المدرسة، واكتشف معلمه موهبته في الإلقاء، فعرض عليه أن يقول كلمة المدرسة في طابور الصباح، ونصحه بالانضمام إلى فرقة التمثيل.
والتحق الشناوي بمعهد التربية الفنية، وفصله عميد المعهد بعد أن اقترح عليه إنشاء فرقة مسرحية، وتدخل أحد الأستاذة، واقتنع العميد بوجهة نظره، واستأنف "غاوي” التمثيل دراسته، وأصبح مسؤولاً عن الفرقة حتى تخرجه، وظل شغوفاً بالفن، فتقدم بأوراقه إلى معهد الموسيقى العربية.
وقادته المصادفة ليعمل مدرساً للرسم مدة أربع سنوات، وبعدها تقدم للإذاعة بصحبة مجموعة من الفنانين كهواة، وكان يتقاضى وقتها 50 قرشاً، وقدّم مجموعة من الفقرات التمثيلية والغنائية.
الفرصة الذهبية
وكان عاشق التمثيل على موعد مع فرصة ذهبية، حين قابل أحد أصدقائه من محافظة أسيوط (بصعيد مصر)، عام 1947، ليُعرّفه على شقيقه المخرج نيازي مصطفى، وأعجب الأخير بموهبته وطموحه، وأخبره باستعداده لعمل فني بعد شهر وسيتواصل معه، لتكون الانطلاقة الأولى لكمال الشناوي كمحترف للتمثيل بأجر 100 جنيه، دون ظهور صورته على ملصق فيلم "غني حرب” مع بشارة واكيم وإلهام حسين.
ودخل النجم الصاعد في منافسة مع نجوم الأربعينيات، منهم أنور وجدي وعماد حمدي وحسين صدقي، وتعامل مع كبار المخرجين مثل هنري بركات وحسن الإمام وحلمي رفلة، وأصبح بطلاً لأهم الأفلام المصرية على مدار 60 عاماً.
واشتهر الشناوي بلقب "دونجوان السينما، بينما أطلق على نفسه لقب "وزير السينما”، وكشف عن سبب ذلك في لقاء تلفزيوني: "أنا ألعب كل الأدوار وأنا وزير في مملكتي، ولا أحد يفرض عليّ رأيه أو تفكيره، وأحب أن أنوّع أدواري وأبسّط الشخصية للمُشاهد”.
زواج وشائعات
تزوج كمال الشناوي خمس مرات، انتهت جميعها بالفشل، وطاردته شائعات كثيرة، منها أنه وقع في حب الفنانة الراحلة شادية، إلا أنه تزوج شقيقتها عفاف شاكر، وكان والد الفتاتين ذا شخصية حازمة، وفي أحد اللقاءات كانا يضحكان، وظهر فجأة والد عفاف، ووجه اتهامات شديدة للشناوي، واضطر لطلب يدها للزواج.
وحاول الشناوي أن تكون حياته مع عفاف شاكر هادئة، لكن غيرتها الشديدة عليه اشتعلت نيرانها عند رؤيته مع شقيقتها في أحد الأعمال الفنية، الأمر الذي جعل شادية تتجنب العمل أمامه على الإطلاق، وانتهت ذلك الزواج بالانفصال بعد ثلاث سنوات فقط.
وتزوّج للمرة الثانية من الراقصة هاجر حمدي، واستطاعت أن تمتلك مشاعره بجاذبيتها ورقتها غير المصطنعة، وعرض عليها الزواج لكنه اشترط أن تعتزل الرقص، ووافقت وتم الزواج، وتسببت الغيرة في انفصالهما، وأثمر زواجهما عن ابنهما "محمد” الذي سار على خطى والده في طريق الفن، وأصبح مخرجاً سينمائياً ومسرحياً، وأيضا اختار حفيده الفنان الشاب عمر الشناوي مجال التمثيل.
أما زواجه الثالث فكان من زينب الدجوي، وشهرتها زيزي، وهي خالة الفنانة الراحلة ماجدة الخطيب، وانتهى الزواج بالطلاق بعد إنجاب ابنه علاء، وبعدها تزوج سراً من الفنانة ناهد شريف، لكنه لم يدم طويلاً، وكانت آخر زيجاته من سيدة سورية من خارج الوسط الفني تُدعى سمر.
وظهر النجم الكبير للمرة الأخيرة على شاشة السينما في فيلم "ظاظا” (2006)، أمام هاني رمزي وزينة، ويشاء القدر أن يكون آخر أفلام المخرج علي عبدالخالق، وفي عام 2008، ودّع الفنان المحبوب جمهوره في مسلسل "الجانب الآخر من الشاطئ”، إخراج محمد حلمي، وبطولة مجموعة من النجوم الشباب، منهم شريف رمزي وميرنا وليد.
وروى الابن محمد كمال الشناوي، تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة والده، وأنه توفي في شهر رمضان أثناء نومه بعد تناول السحور، ولم يكن يعاني أي مرض سوى الشيخوخة التي ظهرت عليه واضحة عام 2009، وكان يرفض الذهاب إلى المستشفى خاصة بعدما أصيب بالعديد من الجلطات في المخ، ورفض النزول محمولاً على الأكتاف، لأنه كان يشعر بأن هذا الأمر مهينٌ له.
وعانى كمال الشناوي الأب من أزمة نفسية عصيبة بعد وفاة ابنه علاء في عام 2010 في شهر رمضان، ما أصابه بحالة من الحزن الشديد، وتمكَّن المرض من جسد عاشق الفن، ليُنهي حياته، ولكن أعماله باقية في ذاكرة ووجدان جمهوره من مختلف الأجيال.
«العنزة والشارب»... قصص طريفة في حياة الرسام
بدأ كمال الشناوي حياته بالعمل مدرساً للرسم في إحدى مدارس القاهرة، وحدث معه موقف طريف روى تفاصيله في لقاء نادر، حيث قال إنه بمجرد دخوله المدرسة وتحديداً غرفة المدير، ظن الأخير أنه طالب بسبب ملامحه، حتى أخبره بأنه مُدرِّس الرسم الجديد، وبعد ذلك الموقف قرّر الشناوي أن يُطلِق شاربه حتى يظهر بسن أكبر من تلاميذه.وخلال عمله في المدرسة، قرر كمال أن يبتكر طريقة جديدة في تعليم الرسم من خلال جعل الطلاب يستمعون للموسيقى، ليرسم بعدها كل واحد منهم ما يشعر به، وكلفه هذا الأمر مشادة مع مدير المدرسة، بعدما اشتكى الطلاب منه، وكانت النتيجة نقل الشناوي لمدرسة أخرى بمدينة الإسكندرية، وهناك جمعه خلاف أيضاً مع المدير، ليتم نقله بعدها إلى محافظة أسيوط، ومنها إلى القاهرة من جديد.
ومن طرائف تلك الفترة، محاولة الشناوي ابتكار أفكار مميزة لترسيخ طرق الرسم في أذهان طلابه، وذات يوم اصطحب معه "عنزة” لكي يرسمها في الفصل، ولكنه كان يتعرض لمضايقات من بعض طلابه.
وفوجئ الشناوي، بعد سنوات بأن أحد طلابه يتولى منصب وزير التربية والتعليم في أعقاب ثورة 23 يوليو 1952، وهو البكباشي كمال الدين حسين، الذي استمر داخل الوزارة حتى ستينيات القرن الماضي.
واستمر كمال في عمله مُعلّمًا حتى حقبة الأربعينيات، حينما تغلبت عليه الرغبة في التمثيل، وحبه الذي نشأ من حرصه على التوجه إلى السينما في طفولته، ليهجر المجال التعليمي ويتجه للسينما.
لكنه ظل يمارس الرسم كهواية في أوقات الفراغ، ورسم عدداً كبيراً من اللوحات، واعتاد أن يحمل معه أدوات الرسم عند قضائه فترة الصيف في قرية مارينا بالساحل الشمالي. وذكر في أحد حواراته: "ما زلتُ أحلم بإقامة معرض خاص لعرض لوحاتي، تحت عنوان (قديم وجديد) يجمع ما بين اللوحات التي رسمتها قديماً حين كنت شاباً صغيراً، والجزء الجديد يضم اللوحات الحديثة، وذلك حلم قديم يراودني حتى الآن وأتمني أن يمهلني القدر لتحقيقه”.
«الأستاذ» يحرمه من منافسة أم كلثوم وعبدالوهابكشف الفنان كمال الشناوي، خلال لقاء نادر على فضائية "ماسبيرو زمان”، أنه كان يحب الغناء، ودرس في معهد الموسيقى العربية، وأنه حُرم من الغناء، بعد أن شارك الفنانة شادية في غناء "سوق على مهلك”، كلمات الشاعر جليل البنداري وألحان منير مراد، وذلك في فيلم "بشرة خير” (1952) للمخرج حسن رمزي.
وبعد نجاح الفيلم وثناء الجمهور على موهبته في الغناء، قرّر الذهاب إلى الإذاعة وتحقيق حلمه القديم في أن يكون مطرباً، ونجح في الاختبار، حتى جاءت لحظة توقيع العقد، لكنه فاجأ الجميع بشرط غريب اعتبرته الإذاعة أغرب شرط قُدِّم لها خلال تاريخها، وهو أن يوضع قبل اسمه لقب "الأستاذ” لكن المسؤولين رفضوا ذلك الشرط، بالتالي لم يكتمل التعاقد، رغم أن الصحف في ذلك الوقت نشرت خبراً عن انتقاله إلى عالم الطرب وأن الموسيقار فريد الأطرش لحن له أغنية وطنية من كلمات الشاعر حافظ إبراهيم.
ولجأ الشناوي إلى ذلك الشرط، رغبة منه في البحث عن أي شيء يميزه بعدما وجد أنه غير قادر على مجاراة المطربين الكبار مثل أم كلثوم وليلى مراد ومحمد عبدالوهاب وفريد الأطرش ومحمد فوزي.
وبعد سنوات طويلة، ظهر في برنامج تلفزيوني وغنى "سوق على مهلك” بصوته العذب، وشاركته الغناء الفنانة هدى سلطان، وسط حفاوة بالغة من الحضور.
رسائل غرامية تكشف قصة حبه لناهد شريف
كشفت رسائل غرامية قصة حب دامت طويلاً بين الفنانة ناهد شريف والفنان كمال الشناوي، رغم انفصالهما بعد فترة زواج قصيرة، بسبب شعورها بالملل من أن زواجهما كان سرياً، ولم يمنعها الطلاق من اعتباره حبها الأول والأخير حتى توفيت في 7 أبريل عام 1981، وعمرها لا يتجاوز 40 عاماً بعد صراعٍ مع مرض السرطان.يعد انفصال ناهد عن زوجها الأول المخرج حسين حلمي المهندس، تزوجت من الشناوي، حين وقعت في غرامه من أول مشهد تمثيلي معه في فيلم "تحت سماء المدينة” (1961)، ورغم أن فارق السن بينهما حوالي 25 عاماً، وأنه متزوج، فإنها وافقت على الزواج منه في السر، قبل أن ينفصلا في 8 نوفمبر 1972، من دون إنجاب، وظل تعاونهما الفني في السينما والدراما التلفزيونية.
وأصيبت النجمة السمراء بمرض السرطان، وتدهورت حالتها وفوجئ الشناوي عندما طلبت رؤيته حتى يتدخل ليجعل الدولة تتكفل بعلاجها، فذهب على الفور لمكتب رئيس الوزراء آنذاك، فؤاد محيي الدين، ولم ينتظر انتهاءه من الاجتماع ودخل إلى مكتبه، وفوجئ الجميع من هذا التصرف لكنه أعطاه الموافقة للسفر إلى السويد لإجراء عملية جراحية.
وتزوجت ناهد بعد الشناوي من اللبناني إدوارد وأنجبا ابنتهما لينا، ثم سافرت إلى السويد لإجراء عملية جراحية، ولكن زوجها تركها بعد الجراحة، وعاملها بقسوة واستغل مرضها في طلب مساعدات، وبالفعل جمع مبالغ كبيرة بالإسترليني ووضعها في حسابه الشخصي، ما جعلها تضطر للعودة إلى القاهرة، وقطع مدة العلاج وقامت بالعمل قبل أن تستكمل العلاج، وانفصلت عنه.
وتعرضت صحتها لانتكاسة، وسافرت للعلاج مُجدداً في لندن، وقام الشناوي بتوصيلها إلى المطار وعادت مرة أخرى لتعيش أيامها الأخيرة إلا أنها توفيت، ولم يحضر الشناوي جنازتها لأنه كان في قبرص، لكنه ظل يبكي عليها عدة أشهر.
وبعد سنوات نشرت جريدة الأهرام المصرية، رسالتين من ناهد إلى الشناوي، الأولى بتاريخ 22 أكتوبر 1976، وجاء فيها: "حبي الأول والأخير.. حبيبي كمال.. أكتب لك اليوم وأنا أتذكر تلك الأيام الجميلة التي عشتها مع زوجي، أحلى أيام حياتي، وأجملها مع إنسان عظيم وحنون وصادق، ورائع مثلك. ورغم أني طلبت الانفصال بعد 4 سنوات من الرباط المقدس، لنكون أصدقاء، بل نحن أكثر من أصدقاء، وأنت تعلم ذلك جيداً، فإنني أشتاق لك، وقلبى نار، وأبكي الوحدة، وأبكي لفراقك... لكني لن أنساك، فأنت في قلبي دائماً.. في قلبي للأبد”.
وفي رسالتها الثانية بتاريخ 27 نوفمبر 1976، هنأته ناهد على فيلمه "المذنبون”، وأكدت أنها لم تنسه أبداً، ولم يغِب لحظة واحدة عن خيالها، واستنكرت تجاهله لها، عندما يراها، وأنها لا تريد التدخل في حياته الخاصة، ولكنه سيظل أغلى إنسان في حياتها، وأن طلبها الانفصال كان لمصلحتهما، ويكفيها أن تسمع صوته عبر الهاتف، وتطمئن عليه، وأن تدوم صداقتهما إلى الأبد.