أخرجت القوات الإسرائيلية بالقوة المفرطة فجر أمس من داخل المسجد الأقصى عدداً من الفلسطينيين الذين اعتكفوا هناك لمنع اقتحامه، بعد تلويح جماعات يهودية متشددة بتقديم قرابين داخل الحرم القدسي مع بدء الفصح اليهودي.
وأدت المواجهة، التي لقيت إدانات دولية واسعة، إلى تبادل محدود للقصف مع قطاع غزة، وسط تحريض متواصل من وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
وقالت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين إن أكثر من 500 فلسطيني اعتُقلوا بدعوى وجود «محرضين» داخل المسجد، ولاحقاً، أفرج عن بعضهم.
وأظهرت صور قيام الشرطة الإسرائيلية بجر النساء وتكبيل أرجل الرجال أثناء إخراج المصلين من باحات «الأقصى»، وأصيب 7 فلسطينيين على الأقل.
وعقب إخراج المعتكفين والمصلين بعد أدائهم صلاة الفجر، اقتحم مستوطنون باحات الأقصى تحت حراسة مشددة من قوات الشرطة الإسرائيلية، في وقت فُرضت قيود على بوابات «الأقصى» ومُنع دخول الفلسطينيين إليه.
ورفعت مآذن القدس دعوات للنفير العام إثر الاقتحام، في حين خرجت مسيرات بالضفة الغربية وقطاع غزة، تنديداً بانتهاكات إسرائيل.
وفي غزة، شنت طائرات حربية إسرائيلية غارات وقصفاً مدفعياً على مواقع لفصائل فلسطينية في القطاع. وحمّل المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي حركة حماس مسؤولية التصعيد، مهدداً بتدفيعها الثمن.
وأفادت مصادر إسرائيلية بأن 10 صواريخ أطلقت من غزة، وأن القبة الحديدية اعترضت معظمها، في حين أصاب أحد الصواريخ مصنعاً في مستوطنة سيديروت القريبة من حدود القطاع.
وتعهد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي برد مناسب على إطلاق أي صاروخ، في وقت دعا وزير الأمن القومي المتطرف الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى رد قوي في غزة. وفي تغريدة على «تويتر» كتب بن غفير: «طالبت بانعقاد المجلس الأمني... الحكومة التي أنا عضو فيها يجب أن ترد بقوة على إطلاق الصواريخ من غزة».
واعتبر أن الرد على صواريخ حماس يجب أن يتجاوز قصف الكثبان الرملية والأماكن غير المأهولة، «حان الوقت لإزالة الرؤوس في غزة»، مضيفاً: «ممنوع علينا الحياد عن سياسة الرد بحزم على كل صاروخ بصاروخ».
بدوره، قال وزير المالية المتطرف بتسالئيل سموتريتش، إن إسرائيل بحاجة إلى شن عملية «السور الواقي 2» في الضفة الغربية بدءاً من نابلس وجنين، في إشارة إلى العملية التي قام بها آرييل شارون ضد الضفة في 2004.
وحذرت الرئاسة الفلسطينية من أن تجاوز إسرائيل للخطوط الحمراء في الأماكن المقدسة سيؤدي لانفجار كبير، بينما وصف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ما جرى بأنه جريمة غير مسبوقة ولها ما بعدها.
وعلى صعيد ردود الفعل العربية، دانت أغلبية الدول الغربية بشدة، ومنها الكويت والسعودية وكل دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر والأردن، المعنيتين مباشرة بالوضع الفلسطيني، الاقتحام عبر بيانات من وزارات خارجيتها، متهمة إسرائيل بالتصعيد، وداعية المجتمع الدولي إلى التحرك.
وأعلن الأردن أنه طلب اجتماعاً طارئاً للجامعة العربية بالتنسيق مع مصر، في وقت أكدت الكويت، في بيان أصدرته وزارة الخارجية، رفضها «القاطع للاعتداء الآثم الذي يشكل تصعيداً خطيراً»، داعية إلى «تحرك الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأسره لاتخاذ خطوات جادة وفعالة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المستفزة».
ونددت الجامعة العربية بالاعتداءات، وحثت على وضع حد للتوجهات المتطرفة للحكومة الإسرائيلية، كما انضمت تركيا وإيران إلى الشاجبين، فضلاً عن دول أوروبية، وفي مقدمها بريطانيا، التي عبر وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا في خارجيتها عن صدمته من الاقتحام، مشدداً على وجوب احترام الأماكن المقدسة.
في غضون ذلك، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي أن هناك مساعي دولية للتهدئة بعد إطلاق صواريخ من غزة والأحداث في المسجد الأقصى.