وجهة نظر: استحواذ بنك أم إنقاذ قطاع مصرفي؟
في منتصف الشهر الماضي، كاد مصرف سويسري كبير ينهار، وسارعت الحكومة السويسرية لإنقاذه، تجنّبا لاضطرابات في القطاع المصرفي العالمي وحماية للاقتصاد السويسري.
- ما هذا البنك؟
- بنك كريدي سويس، ثاني أكبر بنك في سويسرا أُسّس منذ 167 عاما، ويتمتع بنفوذ كبير من جهة الأصول الخاضعة للإدارة التي بلغت قيمتها 1.4 تريليون دولار، ويمتلك مكاتب تجارية مهمة في 50 دولة بأنحاء العالم، ولديه أكثر من 50 ألف موظف، ويُعدّ من بين أكبر مديري الثروات، وهو مستشار رئيسي للشركات العالمية في عمليات الدمج والاستحواذ.
ومن أكبر المساهمين، البنك الأهلي السعودي، وجهاز قطر للاستثمار، ومجموعة العليان، وشركة دودج آند كوكس الأميركية للاستثمار، وشركة بلاك روك الأميركية، التي تعد من أكبر شركات إدارة الأصول في العالم.
- ما الذي حصل؟
- شهد بنك كريدي سويس عامين من الفضائح، كشفت عن نقاط ضعف جوهرية في الرقابة التنظيمية الداخلية على التقارير المالية، كما أدى انكشاف البنك على شركتين لإدارة الأصول العالمية بعد إعلان إفلاسهما عام 2021، وهماArchegos Capital Management وGreenstill Capital، مما نتج عنه خسارة للبنك تقدّر قيمتها بـ 5 مليارات دولار وزعزعة ثقة المساهمين والمودعين.
- إعلان أكبر مساهمي «كريدي سويس» الذي يملك 10 بالمئة من أسهم البنك عن عدم استثماره في البنك مجددا. ووفقا للبيانات، انخفضت الإيداعات عن العام الماضي بنسبة 40 بالمئة، كما تراجعت الأصول الإجمالية للبنك بنسبة 30 بالمئة.
- أدت جميع هذه العوامل إلى خلق حالة من الذُّعر والهلع لدى العملاء، وسحبوا ودائعهم بقيمة 10 مليارات في يوم واحد، إضافة إلى خسارة المستثمرين حملة سندات «كريدي سويس» الشق الأول (AT1) استثماراتهم بقيمة 17 مليار دولار.
وتعتبر سندات الدَّين هذه العالية الخطورة التي تطرحها بنوك أوروبية لزيادة السيولة، ولا يُشترط على البنك إعادة مبلغ السند للمستثمرين في حال انهيار البنك.
وهنا تدخلت الحكومة السويسرية سريعا لطمأنة المستثمرين والعملاء، ووفرت ضمانات حكومية بعدم انهيار أكبر البنوك الأوروبية، حيث بدأت الحكومة بتشجيع مصرف يو بي إس على استحواذ بنك كريدي سويس بصفقة قيمتها 3 مليارات فرنك سويسري مستحقة الدفع على شكل أسهم، أي 0.76 فرنك للسهم، بعدما كانت قيمة سهم «كريدي سويس» 1.86 فرنك.
كما وفرت الحكومة ضمانات لمصرف يو بي إس بنحو 9 مليارات فرنك سويسري للتصدي لأي مشاكل قد تظهر في محافظ «كريدي سويس»، إضافة الى إعلان المصرف المركزي السويسري توفير سيولة تصل الى 100 مليار فرنك للمصرفين.
ومن وجهة نظري، فإن إنقاذ بنك كريدي سويس خطوة مهمة جدا، لأنه يعتبر جزا أساسيا في القطاع المصرفي العالمي، وانهياره له تداعيات خطيرة على القطاع برُمّته، وظهر هذا جليّا في تراجع مؤشرات الأسواق الأوروبية، وازدياد هواجس المستثمرين من انتقال عدوى انهيار البنك الأميركي الى أوروبا.