ناجي جبر ... النجم الاستثنائي للكوميديا والمسرح «2-6»
• ابتكر شخصية أبو عنتر ونهاد قلعي أضاف تفاصيلها الدرامية
شخصية متفردة في عالم التمثيل، «الزكرت» المشاكس والشرير الذي أحبه الجميع، وظلمه الدور. لاعب أساسي متمرس على المسرح بثقافته وموهبته، احتضنته المسارح في بداياته فاحتضنها مدى الحياة في قلبه مدافعاً شرساً عن الخشبة صانعة النجوم وملهمة الفنانين. صنع لنفسه شخصية «أبو عنتر» الدرامية والسينمائية. التي لم تتكرر رغم كثرة قبضايات الأعمال الفنية. ساهم مع نجوم عصره (البورظان وغوار وياسينو وفطوم وأبو كلبشا وغيرهم) في خلق كوميديا جديدة للمشاهد العربي بلهجة شامية سلسة. أبو عنتر الفارس الذي ألقى خنجره تاركاً صورة مازالت قائمة في مخيلة الناس رغم رحيله، يثيرها واقعهم ويتناقلونها شاهداً حياً على ظروفهم وحياتهم اليومية، مرددين باستظراف أهم كلماته «باطل، عرضية، مالها فكاهة ولا مزية».
بدأت حياة ناجي جبر الفنية على الشاشة تظهر بوضوح بعد تسليح موهبته التمثيلية على خشبة المسرح بأدوار متعددة صقلت تلك الشخصية الطموحة للوقوف بثبات أمام كاميرا التلفزيون، وشاءت الأقدار أن يلتقي في بداياته التلفزيونية مع من يشاركونه ذاك الطموح من كتّاب ومخرجين وممثلين شكلوا معاً فريقاً متكاملاً عزز دور الدراما السورية، وخصوصاً الكوميديا بأعمال سجلت في تاريخ الإنتاج العربي، كما ساهمت في نشر اللهجة الشامية التي غدت محببة للجمهور العربي منسجمة مع واقعهم وتطلعاتهم في زمن كان المواطن العربي يبحث فيه عن أعمال تعبر عنه وتجلب الفرحة إلى قلبه. وفي هذه الفترة أيضا صنع ناجي جبر شخصية أبو عنتر التي التصقت به زمناً طويلاً لتصبح لقباً بل اسماً آخر له تماماً كشخصيتي غوار الطوشي وحسني البورظان.
بدأ ناجي جبر في تقديم بعض الأدوار الصغيرة في المسلسلات، مثل دوره في مسلسل «حكايا الليل» وهو أول مسلسل بيئي شامي معاصر للكاتب الكبير محمد الماغوط والمخرج غسان جبري عام 1968. ويحسب لجبري في هذا العمل أنه أول من بدأ إخراج الدراما الشامية المعاصرة. أما الشاعر والكاتب الكبير محمد الماغوط فكان مسلسل «حكايا الليل» هو بداية مرحلة كتابته للتلفزيون حتى قبل أن يكتمل إعداد التلفزيون بشكل كلي، وكان فعلياً هو المنتج الدرامي الوحيد للأعمال جميعاً. العمل مؤلف من عشرين قصة قصيرة ترصد الواقع المعاصر، أطلق الماغوط عليها صفة «الحكايات» معبراً عن واقع الحارة الشعبية يطرح مشكلات الناس البسطاء، الفقراء والهامشيين والمسحوقين، عبر شخصيتين هما الحارس الليلي الذي لم تخل حارات دمشق منه في فترة السبعينيات وما قبل، والشخصية الثانية هي عامل النظافة (الزبال) الذي كان عمله أيضاً في الليل. عُرض المسلسل العام 1968، وهو من بطولة: محمد خير حلواني، علي الرواس، سليم صبري، سهيل كنعان، بسام لطفي، إيلي غريبة، فايزة شاويش، ميليا فؤاد، أحمد طرابيشي، ناجي جبر، أميمة طاهر، عدنان بركات، هالة شوكت، عمر حجو، نصوح السادات، صالح الحايك، زياد مولوي، وأنور البابا. والعمل عرض باللونين الأبيض والأسود.
«مقالب غوار»
بدأ التلفزيون السوري العمل على إنتاج المسلسلات الدرامية بعد أن انضم عدد من الممثلين السوريين إليه، وكان ناجي جبر واحداً منهم حيث أخرج الفنان السوري الراحل خلدون المالح عام 1963 مسلسل «مقالب غوار» وكتبه للتلفزيون نهاد قلعي وهو مكون من إحدى عشرة حلقة من بطولة: نهاد قلعي، دريد لحام، رفيق سبيعي، هالة شوكت، مظهر الحكيم، زياد مولوي، يعقوب أبو غزالة، ناجي جبر، أحمد طرابيشي، ميليا فؤاد، صالح الحايك، أنطوانيت نجيب، عبدالله النشواني، وعمر حجو. أخرج معظم حلقاته خلدون المالح وبعضها المخرج العراقي فيصل الياسري.
وصورت النسخة الثانية من العمل في استديوهات بيروت سنة 1967 أخرجها أنطوان ريمي والمخرج نقولا أبو سمح، شارك في هذه النسخة بأدوار ثانوية ممثلون لبنانيون غير الممثلين السوريين الذين شاركوا في النسخة الأولى وفي النسخة اللبنانية المكونة من خمس وعشرين حلقة شارك مع دريد ونهاد وأبو صياح كل من: شفيق حسن، سعاد كريم، عوني المصري، زين الصيداني، سليم حانا، حنا معلوف، ديب صابات، عادل سابا، غازي منذر، جيزيل خوري. ويتناول العمل في إطاره الكوميدي قصة منافسة قوية بين مطرب يدعى غوار، ومطرب يدعى حسني، يتنافسان على الغناء في مقهى يدعى «مقهى الانشراح»، وتقع العديد من المواقف والمقالب الكوميدية. شارك في هذا العمل الفنان السوري الراحل رفيق سبيعي «أبو صياح» الملقب «فنان الشعب».
ومن الأمور الهامة الواجب ذكرها وفقاً لمصادر متعددة أن ناجي جبر كان من المفترض أن يؤدي شخصية «ياسينو» التي أداها الفنان الراحل ياسين بقوش، تلك الشخصية الممزوجة بالسذاجة والبساطة والعفوية لم تقنع ناجي جبر ولم تستهوه وهو الباحث عن شخصية تلقي بظلال شخصيته الحقيقية وتماثل طبيعتها في عمل درامي لرجل يتمتع بصفات الرجولة والشهامة والمجازفة.
يعود مجدداً المخرج السوري الراحل خلدون المالح ليجمع الثنائي دريد لحام (غوار الطوشي) ونهاد قلعي (حسني البورظان) في عمل درامي كوميدي بعد نجاح العمل السابق في بداية السبعينيات من القرن الماضي فتم استدعاء ناجي جبر للمشاركة مع الثنائي في مسلسل «صحّ النوم» ليكون بديلاً عن الفنان السوري الراحل زياد مولوي الذي عرف بتأديته شخصية «عامل الحمام» عام 1968 في مسلسلي «حمّام الهنا» و«مقالب غوار».
إلا أن الفنان الطموح ناجي جبر الشغوف دائماً لعمل درامي جديد يلبي هذا الشغف الكبير بعد سنوات من الوقوف على خشبة المسرح التي هيأته لأعمال درامية تتناسب مع تلك الشخصية بطبيعتها وصفاتها الجسدية. رفض جبر أداء الدور المعروض عليه واختار لنفسه دوراً ثانوياً متمثلاً برجل «زكرت» يجتمع مع غوار الطوشي في السجن، وكان اللقب الأول له كما اتفق عليه «أبو رعد». ومن المعروف عن نهاد قلعي الذي كان يكتب نصوص العمل ويعد السيناريو أنه من ابتكر شخصية غوار الطوشي للفنان دريد لحام بعد فترة من أدائه لدور كارلوس الإسباني كما ابتكر شخصية حسني البورظان لنفسه ويصنع الحوار بناء على ما وضعه من صفات جسدية وشخصية للدور قرر نهاد قلعي أيضاً تغيير شخصية «أبو رعد» إلى «أبو عنتر»، مضيفاً العديد من التفاصيل لها خصوصاً في لباسها بدءاً من الشروال والصدرية كما طلب منه الكشف عن عضلات يديه التي وضع عليها وشماً على شكل قلب يخترقه سهم مع عبارة «باطل» التي يكررها أبو عنتر دائماً مضيفاً إليها من الأسفل رسمة جمجمة توحي بشخصية على من يراها أن يخاف وتدل على البيئة الشعبية التي جاء منها هذا الرجل، لتكتمل ملامح الشخصية. كما وضع نهاد قلعي لها مجموعة من العبارات والكلمات الشعبية من وحي الحياة اليومية وقتها يرددها أبو عنتر باستمرار حتى أصبحت عبارات يحفظها ويرددها محبو هذه الشخصية إلى الآن في كل ظرف أو مناسبة إما للتعبير عن واقع ما أو لإضفاء جو من الكوميديا.
ناجي جبر مصقول الموهبة على المسرح تعمق في أداء الشخصية ممسكاً بكل تفاصيلها ومانحاً إياها كل ما استطاع من الناحية الجسدية والاجتماعية لتأتي شخصية أبو عنتر في الدراما إضافة مهمة للعمل تعبر عن رجل ذي لباس معين يتمتع بشهامة شاب دمشقي مثير للمشاكل لكنه بالمفهوم العام «الزكرت» الذي لا يخاف ويوصل صورة من صور الواقع المعاش والتي رأى فيها الكثير من الناس صورة إيجابية تأخذنا ببعض تفاصيلها إلى الخير في محطات كثيرة في المجتمع.
شخصية أبو عنتر استطاعت أن تكبر مع كل عمل درامي جديد منذ ولادتها والفنان جبر يضيف ويحرك تلك الشخصية وكأنها ناجي الحقيقي من خلال ملامح الوجه ونظرات العينين والشارب الكبير الملتف حول الفم إضافة إلى الخنجر على الخصر وسرعة تحريكه بين يديه مع عبارات لا يمكن للناس نسيانها لالتصاقها فقط بأبو عنتر مثل «مالا فكاهة»، «مالا مازية»، «شنو لأنو»، «السزن أي السجن» وأكثر ما جعل إعجاب الناس متزايداً بها هو تشكيلها لثنائية لن تتكرر مع شخصية غوار الطوشي لتقوم الاثنتان بابتداع المقالب وتطبيقها مهما كلف الأمر خصوصاً تلك المتعلقة بمساعدة أبو عنتر لغوار للفوز بقلب «فطوم حيص بيص» الحبيبة المفترضة. وتجعل حسني البورظان متورطاً في مشاكل لا نهاية لها لإبعاده عن فطوم «نجاح حفيظ» التي ينوي الزواج منها في كل مرة وتصل المشاكل كالعادة إلى مخفر الشرطة ورئيسه «بدري أبو كلبشا» الذي لا عمل له سوى التحقيق في تجاوز أبو عنتر وغوار للقوانين وارتكاب المخالفات وزجهما في السجن الذي لن تتوقف فيه مؤامراتهما. كل تلك التفاصيل زرعت في ذاكرة المشاهد العربي الذي أحب الشخصيتين وقلدتهما أجيال متتابعة.
«صح النوم»
انطلقت شخصية أبو عنتر الفعلية عام 1973 مع المسلسل الكوميدي الأكثر شهرة عن غيره من المسلسلات الكوميدية «صح النوم» كما ذكرنا سابقاً في طريقة تشكيل تلك الشخصية وفي هذا العمل أضيفت أيضاً شخصيات كوميدية جديدة شكلت علامة فارقة كصاحبة الأوتيل «فطوم حيص بيص» والتي أدت دورها الفنانة نجاح حفيظ وشخصية «ياسينو» الفتى الذي يعمل عند فطوم وكان الفنان ياسين بقوش مبدعاً في أداء تلك الشخصية وأبو كاسم بائع الخيار وأبو صياح اللحام، ومن الشخصيات المؤثرة في العمل كانت شخصية «بدري أبو كلبشا» مدير المخفر وصاحب المقولة الشهيرة فيه «أنفي لا يخطئ» التي أدى هذه الشخصية الفنان المسرحي السوري المعروف الراحل عبداللطيف فتحي.
وبحسب رأي النقاد فإن للعمل الفضل في تخليد كل من شارك فيه من نجوم. تم تصوير الجزء الأول منه في استديوهات لبنان فيما صُور جزؤه الثاني في استديوهات التلفزيون الأردني في عمان – الأردن في محاولة للإنتاج التلفزيوني الخاص بعيداً عن التلفزيون السوري ليكون أول مسلسل عربي بجزأين، ومعه تمثيلية متممة بعنوان «ملح وسكر» وفيلم سينمائي حمل نفس الاسم. وحقق هذا المسلسل نجاحاً منقطع النظير في العالم العربي. يتابع جبر نشاطه في العمل الدرامي ففي عام 1971 يشارك كممثل رئيسي في مسلسل «أولاد بلدي» الذي كتبه أكرم شريم وأخرجه علاء الدين كوكش.
«حكايا الليل»ناجي جبر يبدأ مشواره الدرامي بدور صغير في «حكايا الليل»
بدأ ناجي جبر في تقديم بعض الأدوار الصغيرة في المسلسلات، مثل دوره في مسلسل «حكايا الليل» وهو أول مسلسل بيئي شامي معاصر للكاتب الكبير محمد الماغوط والمخرج غسان جبري عام 1968. ويحسب لجبري في هذا العمل أنه أول من بدأ إخراج الدراما الشامية المعاصرة. أما الشاعر والكاتب الكبير محمد الماغوط فكان مسلسل «حكايا الليل» هو بداية مرحلة كتابته للتلفزيون حتى قبل أن يكتمل إعداد التلفزيون بشكل كلي، وكان فعلياً هو المنتج الدرامي الوحيد للأعمال جميعاً. العمل مؤلف من عشرين قصة قصيرة ترصد الواقع المعاصر، أطلق الماغوط عليها صفة «الحكايات» معبراً عن واقع الحارة الشعبية يطرح مشكلات الناس البسطاء، الفقراء والهامشيين والمسحوقين، عبر شخصيتين هما الحارس الليلي الذي لم تخل حارات دمشق منه في فترة السبعينيات وما قبل، والشخصية الثانية هي عامل النظافة (الزبال) الذي كان عمله أيضاً في الليل. عُرض المسلسل العام 1968، وهو من بطولة: محمد خير حلواني، علي الرواس، سليم صبري، سهيل كنعان، بسام لطفي، إيلي غريبة، فايزة شاويش، ميليا فؤاد، أحمد طرابيشي، ناجي جبر، أميمة طاهر، عدنان بركات، هالة شوكت، عمر حجو، نصوح السادات، صالح الحايك، زياد مولوي، وأنور البابا. والعمل عرض باللونين الأبيض والأسود.
«مقالب غوار»
بدأ التلفزيون السوري العمل على إنتاج المسلسلات الدرامية بعد أن انضم عدد من الممثلين السوريين إليه، وكان ناجي جبر واحداً منهم حيث أخرج الفنان السوري الراحل خلدون المالح عام 1963 مسلسل «مقالب غوار» وكتبه للتلفزيون نهاد قلعي وهو مكون من إحدى عشرة حلقة من بطولة: نهاد قلعي، دريد لحام، رفيق سبيعي، هالة شوكت، مظهر الحكيم، زياد مولوي، يعقوب أبو غزالة، ناجي جبر، أحمد طرابيشي، ميليا فؤاد، صالح الحايك، أنطوانيت نجيب، عبدالله النشواني، وعمر حجو. أخرج معظم حلقاته خلدون المالح وبعضها المخرج العراقي فيصل الياسري.
وصورت النسخة الثانية من العمل في استديوهات بيروت سنة 1967 أخرجها أنطوان ريمي والمخرج نقولا أبو سمح، شارك في هذه النسخة بأدوار ثانوية ممثلون لبنانيون غير الممثلين السوريين الذين شاركوا في النسخة الأولى وفي النسخة اللبنانية المكونة من خمس وعشرين حلقة شارك مع دريد ونهاد وأبو صياح كل من: شفيق حسن، سعاد كريم، عوني المصري، زين الصيداني، سليم حانا، حنا معلوف، ديب صابات، عادل سابا، غازي منذر، جيزيل خوري. ويتناول العمل في إطاره الكوميدي قصة منافسة قوية بين مطرب يدعى غوار، ومطرب يدعى حسني، يتنافسان على الغناء في مقهى يدعى «مقهى الانشراح»، وتقع العديد من المواقف والمقالب الكوميدية. شارك في هذا العمل الفنان السوري الراحل رفيق سبيعي «أبو صياح» الملقب «فنان الشعب».
ومن الأمور الهامة الواجب ذكرها وفقاً لمصادر متعددة أن ناجي جبر كان من المفترض أن يؤدي شخصية «ياسينو» التي أداها الفنان الراحل ياسين بقوش، تلك الشخصية الممزوجة بالسذاجة والبساطة والعفوية لم تقنع ناجي جبر ولم تستهوه وهو الباحث عن شخصية تلقي بظلال شخصيته الحقيقية وتماثل طبيعتها في عمل درامي لرجل يتمتع بصفات الرجولة والشهامة والمجازفة.
ظهور أبوعنترامتنع عن أداء شخصية «ياسينو» البسيطة والساذجة
يعود مجدداً المخرج السوري الراحل خلدون المالح ليجمع الثنائي دريد لحام (غوار الطوشي) ونهاد قلعي (حسني البورظان) في عمل درامي كوميدي بعد نجاح العمل السابق في بداية السبعينيات من القرن الماضي فتم استدعاء ناجي جبر للمشاركة مع الثنائي في مسلسل «صحّ النوم» ليكون بديلاً عن الفنان السوري الراحل زياد مولوي الذي عرف بتأديته شخصية «عامل الحمام» عام 1968 في مسلسلي «حمّام الهنا» و«مقالب غوار».
إلا أن الفنان الطموح ناجي جبر الشغوف دائماً لعمل درامي جديد يلبي هذا الشغف الكبير بعد سنوات من الوقوف على خشبة المسرح التي هيأته لأعمال درامية تتناسب مع تلك الشخصية بطبيعتها وصفاتها الجسدية. رفض جبر أداء الدور المعروض عليه واختار لنفسه دوراً ثانوياً متمثلاً برجل «زكرت» يجتمع مع غوار الطوشي في السجن، وكان اللقب الأول له كما اتفق عليه «أبو رعد». ومن المعروف عن نهاد قلعي الذي كان يكتب نصوص العمل ويعد السيناريو أنه من ابتكر شخصية غوار الطوشي للفنان دريد لحام بعد فترة من أدائه لدور كارلوس الإسباني كما ابتكر شخصية حسني البورظان لنفسه ويصنع الحوار بناء على ما وضعه من صفات جسدية وشخصية للدور قرر نهاد قلعي أيضاً تغيير شخصية «أبو رعد» إلى «أبو عنتر»، مضيفاً العديد من التفاصيل لها خصوصاً في لباسها بدءاً من الشروال والصدرية كما طلب منه الكشف عن عضلات يديه التي وضع عليها وشماً على شكل قلب يخترقه سهم مع عبارة «باطل» التي يكررها أبو عنتر دائماً مضيفاً إليها من الأسفل رسمة جمجمة توحي بشخصية على من يراها أن يخاف وتدل على البيئة الشعبية التي جاء منها هذا الرجل، لتكتمل ملامح الشخصية. كما وضع نهاد قلعي لها مجموعة من العبارات والكلمات الشعبية من وحي الحياة اليومية وقتها يرددها أبو عنتر باستمرار حتى أصبحت عبارات يحفظها ويرددها محبو هذه الشخصية إلى الآن في كل ظرف أو مناسبة إما للتعبير عن واقع ما أو لإضفاء جو من الكوميديا.
ناجي جبر مصقول الموهبة على المسرح تعمق في أداء الشخصية ممسكاً بكل تفاصيلها ومانحاً إياها كل ما استطاع من الناحية الجسدية والاجتماعية لتأتي شخصية أبو عنتر في الدراما إضافة مهمة للعمل تعبر عن رجل ذي لباس معين يتمتع بشهامة شاب دمشقي مثير للمشاكل لكنه بالمفهوم العام «الزكرت» الذي لا يخاف ويوصل صورة من صور الواقع المعاش والتي رأى فيها الكثير من الناس صورة إيجابية تأخذنا ببعض تفاصيلها إلى الخير في محطات كثيرة في المجتمع.
شخصية أبو عنتر استطاعت أن تكبر مع كل عمل درامي جديد منذ ولادتها والفنان جبر يضيف ويحرك تلك الشخصية وكأنها ناجي الحقيقي من خلال ملامح الوجه ونظرات العينين والشارب الكبير الملتف حول الفم إضافة إلى الخنجر على الخصر وسرعة تحريكه بين يديه مع عبارات لا يمكن للناس نسيانها لالتصاقها فقط بأبو عنتر مثل «مالا فكاهة»، «مالا مازية»، «شنو لأنو»، «السزن أي السجن» وأكثر ما جعل إعجاب الناس متزايداً بها هو تشكيلها لثنائية لن تتكرر مع شخصية غوار الطوشي لتقوم الاثنتان بابتداع المقالب وتطبيقها مهما كلف الأمر خصوصاً تلك المتعلقة بمساعدة أبو عنتر لغوار للفوز بقلب «فطوم حيص بيص» الحبيبة المفترضة. وتجعل حسني البورظان متورطاً في مشاكل لا نهاية لها لإبعاده عن فطوم «نجاح حفيظ» التي ينوي الزواج منها في كل مرة وتصل المشاكل كالعادة إلى مخفر الشرطة ورئيسه «بدري أبو كلبشا» الذي لا عمل له سوى التحقيق في تجاوز أبو عنتر وغوار للقوانين وارتكاب المخالفات وزجهما في السجن الذي لن تتوقف فيه مؤامراتهما. كل تلك التفاصيل زرعت في ذاكرة المشاهد العربي الذي أحب الشخصيتين وقلدتهما أجيال متتابعة.
وكان الفنان ناجي جبر حظي بأدوار صغيرة في مسلسل حمام الهنا حيث ظهر في أول مشهد له كزائر للحمام يواجه غوار الطوشي عند الخروج ليدفع له ثمن الاستحمام فيقول له غوار: أخي إذا ما عجبك هالحمام روح لحمام تاني، ليرد ناجي: أي نحنا عم نجي لهون كرمال عيون عبدو «زياد مولوي» و لولاه هالحمام ما بيسوى قشرة بصلة. الملسلسل الذي كتب له نهاد قلعي السيناريو وأنتجه التلفزيون السوري عام 1968 باللونين الأبيض والأسود مأخوذ عن حكاية روسية قصيرة كتبها «إيلف وبتروف» في ثلاث عشرة حلقة كل منها في ساعة تلفزيونية. والعمل فكرة وتصميم وإخراج المخرج العراقي «فيصل الياسري» والبطولة لدريد لحام، نهاد قلعي، رفيق سبيعي، لينا الباتع، زياد مولوي، عمر حجو، فهد كعيكاتي، محمد العقاد وآخرين. وتدور أحداث المسلسل في حمام دمشقي للرجال متناولاً مواقف يومية يتعرض لها أصحابه، ورواده من الزبائن بشخصياتهم وطباعهم المختلفة يومياً، في إطار من المواقف الكوميدية. العمل أسس فعلياً لمرحلة جديدة في الدراما السورية والعربية حيث تم تصويره باستديوهات التلفزيون السوري وفيه وسع قلعي من مشاركة النجوم فأدخل شخصيتين كانتا مشهورتين في المسلسلات الإذاعية وقتها إلى المسلسل وهما «أبو صياح» و«أبو فهمي» لتكونا أساسيتين في معظم حلقاته.رفض شخصية عامل الحمام في «صح النوم» وابتكر شخصية أبو رعد
«صح النوم»
انطلقت شخصية أبو عنتر الفعلية عام 1973 مع المسلسل الكوميدي الأكثر شهرة عن غيره من المسلسلات الكوميدية «صح النوم» كما ذكرنا سابقاً في طريقة تشكيل تلك الشخصية وفي هذا العمل أضيفت أيضاً شخصيات كوميدية جديدة شكلت علامة فارقة كصاحبة الأوتيل «فطوم حيص بيص» والتي أدت دورها الفنانة نجاح حفيظ وشخصية «ياسينو» الفتى الذي يعمل عند فطوم وكان الفنان ياسين بقوش مبدعاً في أداء تلك الشخصية وأبو كاسم بائع الخيار وأبو صياح اللحام، ومن الشخصيات المؤثرة في العمل كانت شخصية «بدري أبو كلبشا» مدير المخفر وصاحب المقولة الشهيرة فيه «أنفي لا يخطئ» التي أدى هذه الشخصية الفنان المسرحي السوري المعروف الراحل عبداللطيف فتحي.
وبحسب رأي النقاد فإن للعمل الفضل في تخليد كل من شارك فيه من نجوم. تم تصوير الجزء الأول منه في استديوهات لبنان فيما صُور جزؤه الثاني في استديوهات التلفزيون الأردني في عمان – الأردن في محاولة للإنتاج التلفزيوني الخاص بعيداً عن التلفزيون السوري ليكون أول مسلسل عربي بجزأين، ومعه تمثيلية متممة بعنوان «ملح وسكر» وفيلم سينمائي حمل نفس الاسم. وحقق هذا المسلسل نجاحاً منقطع النظير في العالم العربي. يتابع جبر نشاطه في العمل الدرامي ففي عام 1971 يشارك كممثل رئيسي في مسلسل «أولاد بلدي» الذي كتبه أكرم شريم وأخرجه علاء الدين كوكش.
نهاد قلعي يحول ناجي من أبو رعد إلى أبو عنتر الزكرت
غوار متآمر على الفكر العربي وأبوعنتر عضلاته
أعجب الفنان نهاد قلعي بالنجاح الكبير الذي حققه مسلسل «صح النوم» عربيا خصوصا بعد أن أضاف للعمل عدة شخصيات وألبس كل منها طابعا خاصا إذ قال الفنان الراحل ياسين بقوش عن ذلك في أحد لقاءاته بأن نهاد قلعي أسقط الواقع العربي إسقاطا مباشرا على الشخصيات التي ابتكرها في العمل فحسني البورظان يمثّل الفكر العربي، أما غوار الطوشة فيمثل التآمر على الفكر العربي، وأبوعنتر يمثل عضلات ذلك التآمر، في حين فطوم حيص بيص هي الأرض العربية، وياسين بقوش هو الإنسان العربي البسيط الذي يصدّق كلّ ما يقولونه له. لكن ومقابل كل عمل لا بد من وجود انتقادات خصوصا الناجح منها إذ تقول مصادر صحافية إن إحدى الصحف الكويتية كتبت عن مسلسل «صح النوم» بعد عرضه على الشاشة الكويتية عام 1973: إن مسلسل صح النوم هو أفضل هدية تقدم لإسرائيل حتى تقول لكل العالم انظروا هذا حال العرب مأساتهم انتهت بهم إلى أن يضحكوا على أنفسهم في سهرة ممتعة ينامون بعدها هنيئا مريئا.نجاح كبير يحققه «صح النوم» بفضل شخصياته المبتكرة