من صيد الخاطر: «اللَّيْلُ أَخْفى لْلِوَيلِ»
«اللَّيْلُ أَخْفى لْلِوَيلِ»، مثل عربي قديم يراد منه أن من يريد أن يفعل أمراً جللاً فليفعله خفيةً فهو أستر له ولسره، ووراء هذا المثل حكاية تقول: إنه في إحدى جلسات العرب، وعلى أثر خلاف دبّ في الرأي بين اثنين، تعدى بالضرب رجل يدعى «ثور» على آخر يدعى «توبة»، عندها أمر كبير القوم «ثورا» بأن يجلس بين يدي «توبة» ليأخذ حقه، إلا أن «توبة» رفض القصاص من غريمه وقد أضمر له في نفسه شراً.
انتظر «توبة» وهو متخفٍّ عن «ثورٍ» حتى علم أنه ذهب إلى رجل يدعى «سارية» طالبا منه ماء، فلما أراد «ثور» الانصراف حذره «سارية» قائلا له: لا تخرج إلا ليلاً فإنه أخفى للويل، فلست آمن عليك من «توبة».
خرج «ثور» ليلا كما نصحه صاحبه، إلا أن «توبة» كان متربصاً به هو الآخر ليلا تحت جنح الظلام، فتبعه وقتله آخذاً منه بثأره، أما ما قاله «سارية»: «اللَّيْلُ أَخْفى لْلِوَيلِ» فقد ذهب مثلا.
وقد يكون القول أو «الحديث»: «استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود»، قريبا من مثلنا السابق، ولكن بنية مختلفة ولأمر آخر، فهو يعلّمنا أن الكتمان يكون أحد أسباب النجاح في قضاء بعض الأمور.
ملحوظة: المثل منقول من التراث بتصرف.