المتتبع للوضع البرلماني في الكويت خصوصا آخر 10 سنوات يلاحظ رغم كل الصراعات داخل قبة عبدالله السالم أنها تشترك في أثر واحد ألا وهو شلل مجلس الأمة في أداء مهامه ووظيفته الأساسية من رقابة وتشريع دون أن نفهم ما الذي أوصلنا إلى هذه النتيجة، ولماذا لا يعمل المجلس على تحقيق الغاية منه التي يأملها الشعب، من تعديل قوانين كثيرة تسهم في رفاهيته وسعادته، وتقدم المزيد من التشريعات التي قد تساهم في مسيرة التنمية بشكل عام.

انتخب المواطنون مجلس 2020، وبدأت بعد انتخابه معركة رئاسة مجلس الأمة، وبعد أن حسمت أصوات الحكومة المنصب بدأ الصراع بين من لم يرتض هذا الاختيار وبين الحكومة وانحيازها في التصويت، وللأسف خسرنا حكومة كاملة تميزت بأدائها خلال فترة جائحة كورونا الحرجة، فتعطلت مصالح واحتياجات المواطنين، ولم يقم المجلس بأي جلسة سوى الصراع تلو الصراع حتى وصلنا إلى الخطاب السامي بحل هذا المجلس والعودة للأمة لتصحيح المسار مع تعهد بعدم قيام الحكومة مجدداً بالتصويت لأي طرف كي لا يتكرر الصدام ويعود المجلس للعمل مجدداً إلى دوره الفعلي وترك الصراعات.

Ad

وبعد أن تم انتخاب مجلس 2022، وبدأت المرحلة الجديدة من المجلس الجديد دخلنا في أزمة التشكيل الحكومي وتأخر التشكيل لشهور، وبعد أن انتهى التشكيل رجعنا إلى الصراع بسبب عدم الحضور الحكومي ورفع الجلسة لعدم حضور الحكومة، واستمرت المشكلة ولم ينعقد المجلس حتى تاريخ صدور الحكم من المحكمة الدستورية، حيث أصدرت حكمها بإبطال مجلس 2022م، وبعد عودة المجلس المنحل مسبقا لتزايد الاعتراض عليه تعالت الأصوات مجدداً بالعودة للأمة من كلا الطرفين، لكن الجديد هنا هو إعادة تنظيم العملية الانتخابية برمتها من جديد، وإقرار جهة مستقلة تشرف عليها وتضمن أكبر قدر ممكن من الدقة وتلافي أخطاء المرحلة السابقة.

رغم صدق هذه الدعوة فإنها صدرت في وقت حساس ومن عدة أشخاص كانوا يقبلون مسبقاً بالنظام السائد ونجحوا بامتياز في المرحلة السابقة ووفق الآلية السابقة، فما الذي تغير؟ في كلتا الحالتين أضم صوتي لتلك الأصوات الداعية لإنشاء مفوضية عليا تشرف على العملية الانتخابية، وضمان أكبر قدر ممكن من الحيادية والمصداقية، ونرجو أن يتم تشكيلها وفق آلية واضحة وشفافة كي لا ندخل في مأزق أكبر مما كنا فيه.

وهناك ظاهرة غريبة أيضا لاحظنا حدوثها بالتزامن مع الصراعات الحاصلة ألا وهي ظاهرة الحسابات الوهمية والتسريبات أو التوقعات والتحليلات التي أمطرتنا بها تلك الحسابات، كما لو أنها ترغب في استمرار الصراع دون أن ينتهي أبداً، وترغب في استمرار الخلافات ونشر الكثير من الأخبار غير الحقيقية وتشكيك المجتمع وإغراقه بالمؤامرات والتخوين، في حين أن الحقيقة أبسط من ذلك بكثير، وفي اعتقادي أن ما تشهده الساحة هو صراع على النفوذ والسلطة بين عدة أقطاب، وصداه قد انكشف داخل مجلس الأمة.