بينما حركت جائحة «كورونا» المياه الراكدة في بحيرة التحول الرقمي ورقمنة المناهج التربوية لتوفير منصات تعليمية إلكترونية تواكب التعليم التقليدي، وضعت وزارة التربية خطة زمنية لتطبيق الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية، إلا أنها لا تزال تراوح مكانها في تحقيق رؤيتها بسبب بطء الإجراءات والروتين الإداري.

وفي السياق، كشفت مصادر تربوية لـ «الجريدة»، أن خطوات «التربية» للتحول الرقمي لا تزال متواضعة، موضحة أن مناهج المعايير بُنيت على أساس قابليتها للتحول الرقمي إلا أنها لا تزال في المراحل الأولى.

Ad

وأشارت إلى أن الوزارة تواجه بعض المعوقات في مجال التحول الرقمي والاختبارات الالكترونية بسبب آليات التقييم المبنية على أسس قديمة لم يتم تطويرها منذ عقود من الزمن، والتي تتطلب مراجعة وتطويرا عاجلا لمواكبة الحداثة.

من جانبه، قال وزير التربية الأسبق د. بدر العيسى، إن التحول الرقمي للمناهج خطوة إيجابية ومهمة، «وقد طالبنا بها في فترة جائحة كورونا».

وأضاف العيسى لـ «الجريدة»: «إننا بحاجة ماسة لهذه الخطوة وبشكل سريع»، لافتا إلى أن «إمكانيات الوزارة في هذا المجال لا تزال متواضعة، وبحاجة إلى وضع خطة محكمة لآلية التنفيذ حتى نجني ثمارها».

وأكد أهمية الاستعانة بخبرات خارجية وداخلية للوصول إلى الأهداف المرجوة من التحول الرقمي للمناهج وللتعليم، مشيرا إلى أن خطوات «التربية» في تطوير المناهج بطيئة للغاية.

وشدد على أهمية استحداث قطاع خاص بالتعليم الالكتروني في الوزارة يتولى وضع خطط التدريب للمعلمين، ومواءمة المناهج، ومتابعة العمل في المدارس، لافتا إلى أن بعض المدارس الخاصة في الكويت، لاسيما ثنائية اللغة، طبقت عملية التحول الرقمي، ونجحت في مسار المناهج الرقمية.

خطة زمنية

بدورها، قالت الوكيلة المساعدة لقطاع المناهج والبحوث التربوية بالتكليف مدير ادارة المناهج بالوزارة أنوار الحمدان، إن أزمة «كورونا» كشفت الحاجة الماسة إلى التعليم الرقمي، ولهذا عمل قطاع المناهج على خطة زمنية لهذا التحول على عدة محاور، منها رفع قدرات الباحثين التربويين في استخدام المنصات التعليمية، واعداد وتنظيم دورات تخصصية تدعم التحول الرقمي للمعلمين، ورفع جميع الكتب المدرسية وأدلة المعلم على موقع «التربية» والمنصة التعليمية.

وأشارت الحمدان إلى أنه من بين المحاور التي يعمل القطاع على تحقيقها، فتح قنوات تعليمية لدروس مسجلة لجميع المراحل الدراسية، وتوفير مصادر تعلم مع العمل على تحويل جميع الخدمات التي يقدمها القطاع من تسهيل مهام، واعتماد خطط توزيع المنهج إلى نظام إلكتروني.

وأضافت أن القطاع يعمل على إعداد رؤية مستقبلية للتحول الرقمي، حيث يتم العمل على توفير بيئة تعلم للمعلم والمتعلم (جميع الفئات) وأولياء الأمور، تتميز بسهولة التواصل والإتاحة للجميع، كما يتم العمل على توفير برامج تدعم المنصة التعليمية لتلبي عمليات التعليم والتعلم، وبناء مصادر التعلم، وبناء أنظمة تواصل مباشرة وغير مباشرة تدعم الذكاء الاصطناعي.

وذكرت أن الرؤية المستقبلية التي يعمل عليها القطاع تتضمن توفير نظام لحماية المستخدم وفق أفضل معايير العالمية، وتوفير الدعم والصيانة الدائمة لمواجهة الأزمات وخطة الطوارئ، وبناء أنظمة تدعم الذكاء الاصطناعي خاصة في آلية التقييم.

دمج التكنولوجيا

إلى ذلك، قالت عضوة هيئة التدريس في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا د. فاطمة الهاشم، إن «التربية» لا تزال أمام تحديات عديدة في مسألة التحول الرقمي، مضيفة: «وإن كانت المواد الخام كبنية تحتية وأجهزة متوافرة، إلا أن الوزارة تعاني أزمة إدارة التكنولوجيا ودمجها» في ظل أن دمج التكنولوجيا بالتعليم بات توجها عالميا ولابد من مواكبته.

ولفتت الهاشم إلى أن «التربية» تعاني عدم وجود إدارة مختصة للتعليم الإلكتروني تعمل كمعين للمدارس والوزارة بشكل عام.

وذكرت أن الوزارة تعتمد حاليا على ادارة نظم المعلومات، وهي إدارة تُعنى بالأجهزة والانظمة التشغيلية وليس لها علاقة بدمج التكنولوجيا بالتعليم، مضيفة: «لذا بات لزاما على مسؤولي التربية وصانعي القرار فيها وضع هيكل تنظيمي يتسم بالحداثة ويصبح تطبيق التكنولوجيا بالتعليم».

أستــــاذ اللغـــــة الانكليزيـــــة بكليــــــــة التربيــــــــــة الأســـــــاسيــــــــــــة د. عبدالمحسن دشتي

دشتي: تطوير آليات التقييم بموازاة رقمنة المناهج

أكـــــد أستــــاذ اللغـــــة الانكليزيـــــة بكليــــــــة التربيــــــــــة الأســـــــاسيــــــــــــة د. عبدالمحسن دشتي أهمية وجود الكتاب المدرسي بشكله الورقي، وأن تكون الوسائل التعليمية الإلكترونية وغيرها في خط موازٍ مع الوسائل التقليدية.

وقال دشتي لـ «الجريدة»: «إننا بحاجة إلى تطوير المنظومة بشكل متكامل، بحيث يتم تطوير المناهج وادخال التحول الرقمي ورقمنة المناهج من خلال برامج متطورة وحديثة، بالاضافة إلى مراعاة جانب مهم وهو تطوير آليات التقييم»، موضحا «أن الخلل حاليا يكمن في أن آليات التقييم بُنيت على أساس الحفظ، ما دفع البعض، بكل آسف، إلى الاعتماد على الغش».