قال تقرير «الشال» الاقتصادي إن الكويت بلد قدوة، نهضت في زمن كان فيه جوارها خاملاً، غير أن ذلك لم يكن ليحدث ما لم يكن لديها وفرة من قدرات بشرية مميزة، مبشراً بأن ذلك هو ما يمكن أن يكون عليه مستقبلها، «ولكنه لن يتحقق ما لم نفهم أن الإدارة أداء وليست ولاءً، والكرسي زائل بينما الدوام للوطن».
وذكر التقرير أن وضع الكويت الاقتصادي هو الأكثر انكشافاً على العالم، والأكثر اعتماداً على النفط، الذي هبطت أسعاره بين السنة المالية الفائتة والحالية بنحو 20.9 في المئة، وتراجع إنتاجه خلال نفس الفترة بنحو 9.4 في المئة، بينما ارتفعت النفقات العامة للسنة المالية الحالية بنسبة 11.7 في المئة.
وفي نظرة على الوضع المؤسسي في البلاد، أوضح أن الكويت «تُدار حالياً بحكومة مؤقتة مستقيلة منذ 26 يناير الماضي، وقبل ذلك كانت مشلولة»، وستكون القادمة كذلك «مؤقتة حتى بعد تشكيلها، إضافة إلى مجلس أمة مُبطل، والبديل مؤقت، وذلك ينسحب على هيئات حساسة بمجالس إدارات منتهية مدّتها، أي مؤقتة، ومعظم المناصب القيادية في القطاع العام المهيمن بشكل مباشر على 70 في المئة من الاقتصاد، بالتكليف، أي مؤقتة».
ورأى أنه في ظل ما يمر به العالم من مخاض عسير، وحرب باردة جديدة طرفاها هذه المرة الولايات المتحدة والصين، فإن «الكويت، وهي خيمة العمود الواحد، أو النفط ومدّخراته، وكلاهما هبطا سعراً وقيمة ومهددان بالمزيد من الهبوط في المستقبل، إدارتها العامة كلها مؤقتة وعاجزة عن التفكير في التحوّط، أي عاجزة عن التفكير والعمل على زيادة عدد أعمدة خيمتها لحمايتها من تداعيات عواصف الخارج عليها».
ولفت التقرير إلى أن الكويت تعيش «حالة من الشقاق الداخلي لا تجعلها قادرة على التوافق لإسناد العمود الوحيد الذي يهتز بشدة بفعل النهج الاقتصادي والمالي المحلي البائس، الذي يتصدّره الهدر والفساد والشعبوية المفرطة».
واعتبر أن أسباب هذه الحالة تتمثل في «نهج تشكيل الحكومة بغلبة للجينات والمحاصصة»، مع تزايد عدد «النواب الشعبويين الذين يقعون فور فوزهم في الانتخابات، تحت ضغوط حل أو إبطال قريب لمجلسهم»، فيتحولون إلى منافسين شرسين للحكومة بالشعبوية، بوصفها وقود حشد الأصوات للانتخابات المقبلة.
وفي تفاصيل الخبر:
ذكر تقرير «الشال» الاقتصادي أن معظم الدول المنتجة للنفط ضمن منظومة أوبك+ خفضت إنتاجها بنحو 1.7 مليون برميل يومياً، ليطلق على ذلك وصف «التوافق الطوعي» – أي من دون اجتماع رسمي – ويسري ذلك التخفيض حتى نهاية العام الحالي، وكان قد سبقه تخفيض رسمي بمليونَي برميل يومياً في نوفمبر 2022.
والغرض من خفض الإنتاج هو دعم سعر برميل النفط – خام برنت – الذي فقد نحو 20.6 بالمئة ما بين 5 أبريل 2022 ويوم الأربعاء 5 أبريل الجاري، رغم ارتفاعه بنحو 5.4 دولارات، بعد الخفض الثاني، والخفض المفاجئ كان فيما يبدو دفاعاً مشروعاً عن المصدر الرئيسي للعملة الصعبة لتلك الدول.
على الجبهة الأخرى، رفع بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي سعر الفائدة على الدولار 9 مرّات في سنة واحدة، وبحدود 4.75 - 5.00 بالمئة، من أجل تحقيق هدف وحيد، وهو كبح التضخم، حتى لو تسبّب الرفع في كبح النمو الاقتصادي، وأكبر مساهم سلعي في التجارة الدولية ومصدر رئيسي للتضخم هو النفط، وانخفاض سعره مستهدف رئيسي لسياسات كبح التضخم الأميركية.
ويضع ذلك العالم في حالة صدام اقتصادي بين جبهتين، وفي ظرف اقتصادي عالمي غاية في الصعوبة، حيث يحاول كل منهما تحقيق هدف مناقض للآخر، وتلك حالة غير مريحة تُنذر بتداعيات كبيرة على بيئة الاقتصاد العالمي، وتداعياتها قد تصيب الطرفين، خصوصاً وهو عالم يعيش حرباً على الأرض الأوروبية، أحد طرفيها عضو رئيسي ضمن مجموعة أوبك+، ويعيش حالة استنساخ للحرب الباردة القديمة، هذه المرّة، طرفها الأول الولايات المتحدة الأميركية، والطرف الخصم هو الصين التي دخلت أخيراً إلى ساحة التنافس على النفوذ السياسي.
تلك الحالة من الانقسام أقرب إلى وضع ما بعد أزمة عام 1929، عندما كان البلاشفة يحكمون روسيا، وألمانيا المدمرة بعد الحرب العظمى الأولى تعيش بداية نشوء الرايخ الثالث (جمهورية هتلر)، وموسيليني في إيطاليا، واليابان تحت حكم العسكر، لذلك لم يكن هناك تعاون جماعي لمعالجة تلك الأزمة التي استمرت تداعياتها نحو 17 عاماً، وختامها كان حرباً عظمى.
وقد حدث العكس تماماً بعد أزمة عام 2008، فقد كانت الصين أكبر داعمي الولايات المتحدة الأميركية، ومجموعة العشرين كانت على تواصُل منتظم لتنسيق السياسات من أجل خفض تكاليفها إلى أدنى حدودها، لذلك خرج العالم منها بأقل التكاليف وفي حدود عام واحد.
وما يعنينا من كل ما تقدّم هو وضعنا في الكويت الأكثر انكشافاً على العالم، والأكثر اعتماداً على النفط، الذي هبطت أسعاره بين بداية السنة المالية الفائتة والحالية بنحو 20.9 بالمئة، وهبط إنتاجه خلال في نفس الفترة بنحو 9.4 بالمئة، بينما ارتفعت النفقات العامة للسنة المالية الحالية بنسبة 11.7، و90 بالمئة منها ممول من إيرادات النفط الذي يتآكل سعره وإنتاجه، وزاد الشق الجاري ضمن النفقات إلى نحو 90.5 بالمئة.
وتُدار الكويت حالياً بحكومة مؤقتة مستقيلة منذ 26 يناير الماضي، والتي قبلها كانت مشلولة، وستكون مؤقتة حتى بعد تشكيلها، إضافة إلى مجلس أمة مُبطل، والبديل مؤقت، وذلك ينسحب على هيئات حساسة بمجالس إدارات منتهية مدّتها، أي مؤقتة، ومعظم المناصب القيادية في القطاع العام المهيمن بشكل مباشر على 70 بالمئة من الاقتصاد بالتكليف، أي مؤقتة.
العالم حولنا يمرّ بحالة من المخاض العسير، مما سوف يغيّر جوهرياً من أوضاعه التي نعرف، والكويت، خيمة العمود الواحد، أو النفط ومدّخراته، والاثنان هبطا سعراً وقيمة، ومهددان بالمزيد من الهبوط في المستقبل، إدارتها العامة كلها مؤقتة وعاجزة عن التفكير بالتحوّط، أي عاجزة عن التفكير والعمل على زيادة عدد أعمدة خيمتها لحمايتها من تداعيات عواصف الخارج عليها.
وتعيش البلاد حالة من الشقاق الداخلي لا تجعلها قادرة على التوافق لإسناد العمود الوحيد الذي يهتز بشدة بفعل النهج الاقتصادي والمالي المحلي البائس، الذي يتصدّره الهدر والفساد والشعبوية المفرطة.
أسباب حالتها، هي نهج تشكيل الحكومة بغلبة للجينات والمحاصصة، وغياب الكفاءة لدى مثل هذا التشكيل يعوّض قبله بشراء الولاءات، وعدد يتزايد من النواب الشعبويين، يقعون فور فوزهم في الانتخابات، تحت ضغوط حل أو إبطال قريب لمجلسهم، ويتحولون إلى منافسين شرسين للحكومة بالشعبوية، لأنّ الشعبوية وقود حشد الأصوات للانتخابات القريبة القادمة.
الكويت بلد قدوة، نهضت في زمن كان فيه جوارها خاملا، ذلك لم يكن ليحدث ما لم يكن لديها وفرة من قدرات بشرية مميزة، وذلك ما يمكن أن يكون عليه مستقبلها، ولكنه لن يتحقق ما لم نفهم أن الإدارة أداء وليست ولاءً، والكرسي زائل بينما الدوام للوطن.