بداية، قال نائب الرئيس الأول المدير التنفيذي لشركة Tap Payments فيصل الهارون، إن هناك عوامل عديدة تم أخذها بعين الاعتبار للتصدي لمحاولات النصب والاحتيال والاختراق، مضيفاً: «اننا اليوم نتمتع بأنظمة متطورة جداً مزودة بالذكاء الاصطناعي، التي تحصن البنية التحتية للشركة من عمليات الاختراق وعمليات النصب والاحتيال».
وتابع الهارون: «تمر علينا ملايين العمليات، لذا فإننا نلعب دوراً أساسياً في كشف عمليات النصب والاحتيال والإبلاغ عنها لدى الجهات المعنية كوحدة التحريات المالية وغيرها من الجهات»، لافتاً إلى أن «تاب» تلعب دوراً مهماً في الكشف عن محاولات الاختراق التي تتعرّض لها الحسابات والإبلاغ عنها للجهات المعنية.
وشدد على أهمية أن تتطابق جميع الأنظمة مع إطار الأمن السيبراني التابع للبنك المركزي، وتتم مراجعته بشكل دوري، حرصاً على سلامة المستهلك أو الدافع أو حامل البطاقة، إضافة إلى ذلك جميع العمليات التي تتم بطريقة مشفّرة، إذ يصعب فك تلك الشفرة، ويتم تخزين هذه البيانات، وتتوافق مع بيئة حفظ خصوصية المعلومات، التي تشرف عليها الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات.
وأشار إلى تلك الأمور التي تتخذ للحد من عمليات الاحتيال ولضمان سلامة العمليات الإلكترونية، ناصحاً العملاء بضرورة التحقق من المصدر، «وأنصح أي حامل بطاقة عدم مشاركة بياناته البنكية مع أي شخص يتصل به، حيث غالباً تلك المعلومات لا يتم طلبها عبر المكالمات أو رسالة نصية»، مبيناً أن البنك المركزي يقود حملة ممتازة تحت عنوان «لنكن على دراية»، لتوعية المستهلك من محاولات القرصنة.
وأكد أن التكنولوجيا المالية في الكويت أمام مستقبل مشرق في ظل التشريعات الجديدة التي اقرها بنك الكويت المركزي، وأبرزها تنظيم المدفوعات الإلكترونية، وتشريع الدفع الآجل، وتشريع «Open Banking»، معتقداً بأن هذه التشريعات فور أن يتم إطلاقها بشكل رسمي ستصب في مصلحة المشاريع الكويتية، وستجذب الشركات العالمية والمستثمرين الأجانب، خصوصاً للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
من ناحيته، تحدث الرئيس التنفيذي لمجموعة «ماي فاتورة»، فيصل المشعل، عن عمليات النصب والروابط المشبوهة وكيفية محاربة تلك الممارسات السلبية، و«أنه علينا دور جماعي من شركات المدفوعات إلى شركات الدفع إلى الجهات الرقابية كبنك الكويت المركزي، وأن نطلق شعار الوعي ثم الوعي، وهو من الأمور المهمة في هذا الشأن».
وبيّن المشعل أنه عندما قام البنك المركزي بتشريع، وترخيص شركات المدفوعات، ساعد على محاربة الاحتيال، فاليوم يستطيع أي فرد، بكل سهولة، الدخول إلى موقع البنك المركزي للتأكد من الشركات المرخصة، ناصحاً بعدم الدفع إلا عن طريق الشركات المرخصة، إذ لدينا 17 شركة مدفوعات مرخصة، ويجب أيضاً التركيز على الرابط الذي يتم الدفع من خلاله، فإن كان هناك أي شك في الرابط، فإننا نشجع الحذر والاتصال على الشركة والمتجر للتأكد.
وأكد أن تلك الشركات المرخصة لا تقوم بالاتصال لطلب الـ OTP أو أي بيانات أخرى ومعلومات شخصية، وهي من الأمور التي يجب على الجميع التركيز فيها.
وبسؤاله عن حاجة السوق إلى التشريعات والأنظمة لمزيد من الحماية، أيّد المشعل وجود تلك التشريعات والأنظمة، مؤكداً وجود تحدّ نواجهه في الوقت الراهن بمفهومَي الاحتيال المالي، والاحتيال التجاري، وهو ما يحدث تشابكاً فيما بينهما، مما يتطلب وجود توضيح لفك التشابك بين الاحتيالين والتعريف بينهما.
وأضاف أن الحرص على حماية الأموال من الأمور المهمة، مبيناً أن هناك قوانين دولية وأخرى مصرفية، وأيضاً أخرى تشرعها الدولة، ولا تتعارض تلك القوانين فيما بينهما، إلا أنها تحتاج إلى المزيد من التوضيح كي يعلم المستهلك والمتجر حقوقه.
وعن ضرورة وجود قانون للتجارة الإلكترونية من وزارة التجارة والصناعة، أكد المشعل أهمية ذلك، «حيث إن المزيد من التنظيم والتشريعات تساعد وتشجع حماية المستهلك التابع لوزارة التجارة، في حين يتطلب قانون التجارة الإلكترونية المزيد من التنسيق بين الجهات الرقابية المشرفة عليه، ونشجع هذا القانون، ونحن مستعدون لإبداء آرائنا فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية».
اختراق الجهات الحكومية
وسألت «الجريدة» الأستاذ المشارك بقسم علوم المعلومات في كلية العلوم الحياتية بجامعة الكويت، د. ضاري الحويل، عن أثر عمليات الاختراق مادياً على الجهات الحكومية والشركات الخاصة والخسائر الاقتصادية للدولة جراء عمليات الاختراق، قائلاً إن عمليات الاختراق الرقمي بات تهدد الدول وأنظمتها وشركات القطاع الخاص، فحسب دراسات حديثة أعدتها شركة جارتنر للاستشارات حذرّت من ارتفاع تكلفة الجرائم الإلكترونية لأكثر من 10.5 تريليونات دولار، فهناك شركات انتهت بالإفلاس نتاج عمليات الاختراق، والذي بات يشكّل تهديدًا بشكل مستمر من غير مراعاة لحدود جغرافية أو مناطق زمنية، فعمليات الاختراق، وإن كانت رقمية لا يمكن رؤيتها بالعين المجرّدة، إلا أنها لا تقل خطرًا عن الحروب على أرض الواقع أو العمليات الإرهابية.
وعن مخاطر تسريب بيانات والمعلومات البنكية للمواطنين؟ وكيفية محاربتها؟ أفاد الحويل بأن أحداً منّا لا يرغب في تسريب بياناته الشخصية، وبالأخص تلك التي تتعلق بما يملك، وتكمن خطورة تسريب البيانات والمعلومات البنكية للأشخاص من تمكين النصابين والمحتالين وتسهيل مهمتهم بالسرقة، إذ تسمح لهم بإنشاء مواقع إلكترونية مزيفة مشابهة تمامًا للبنوك، بالتالي الاستيلاء على بيانات الدخول الخاصة بالمستخدم، ومن ثم اختراق حسابه.
وأوضح أن أول وأفضل سلاح لمحاربة مخاطر تسريب المعلومات والبيانات يبدأ برفع مستوى وعي الأفراد، سواء عملاء البنوك أنفسهم أو الموظفون، كما تقع على عاتق البنوك والبنوك المركزية مسؤولية كبيرة في هذا الجانب من خلال الحوكمة الرصينة وفرض السياسات وتبنّي تقنيات الوقاية، وما يقوم به البنك المركزي الكويتي، والبنوك المحلية، في هذا الشأن يستحق الإشادة، ومازال الطريق طويلاً للوصول إلى الوضع المثالي.
وعن الخسائر الاقتصادية للدولة جراء عمليات الاختراق؟ وأثر ذلك مجتمعياً؟ أوضح أنه بكل تأكيد هناك خسائر اقتصادية فادحة جراء عمليات الاختراق، إذ تظهر التقارير الحديثة أن متوسط تكاليف عمليات اختراق البيانات عام 2022 هو 4.35 ملايين دولار، بزيادة 2.6 بالمئة عن مبلغ 2021 البالغ 4.24 ملايين دولار، فعندما يتعثر المواطنون والمقيمون جراء عمليات الاختراق ويفقدون خصوصيتهم وأموالهم، لا شك في أن ذلك سينعكس سلبًا على المجتمع ويكبح جهود الدولة في مسيرة التحوّل الرقمي، حيث سيدب الذعر في أوساط المجتمع، ويعرض الكثير عن استخدام الخدمات والقنوات الإلكترونية.