تمحورت أدوار ناجي جبر حول شخصية أبوعنتر التي لعبها بكل تفاصيلها باحترافية كبيرة لكنها منحته من جانب آخر شيئاً ربما لم يرغب به إطلاقاً وهو الدور الثابت الذي ترسخ عند أي مخرج بإعطائه شخصية أبوعنتر أو شبيهاتها في الدراما التلفزيونية التي عاد إليها مجدداً في بداية الألفية بمسلسلات البيئة الشامية بأدوار تدور في فلك القبضاي مجدداً بأسلوب جديد.
الخوالي
أنتج مسلسل جديد سنة 2000 يحمل اسم «الخوالي» للمخرج بسام الملا الشهير بإخراج هذا النوع من المسلسلات التلفزيونية والنص للكاتب أحمد حامد ولقي هذا العمل رواجاً كبيراً عند المشاهد السوري والمشاهد العربي وباتت تنتشر مقاطع مُجتزأة منه على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً للنجمين الفنان بسام كوسا بطل العمل بدور «نصار بن عريبي» والنجم ناجي جبر بدور «صياح» صديق نصار، والذي قتل في إحدى هجمات «الظابطية».
والمسلسل يحكي قصة كفاح البطل الشامي الذي لا يرضى بالذل ضد ظلم وقمع اليوزباشي والحكمدار اللذين حولا إحدى حارات الشام القديمة مرتعاً لأفعالهم القمعية والهمجية ضد أهله حيث منع المحتل العثماني في آخر أيامه أهل الحي من قول كلمة الحق. نصار إبن عريبي «بسام كوسا» قرر أن يكون صاحب كلمة الحق والمدافع عن أهل حارته ضد بطش العثماني وأزلامه حيث يتجمع حوله ويناصره الكثير من رفاقه وأبناء الحي الذي استشهد العديد منه في الدفاع إلى جانب نصار عن حيهم ومنهم صياح، ولعل المشهد الذي بقي في ذاكرة المشاهد هو لحظة صدور حكم الإعدام بحق نصار وعدم اكتراثه بهذا الحكم فيبقى على إصراره واندفاعه ليبقى معه كل مناصريه من أهل الحي والشام مدافعين صابرين.ويأتي مشهد نهاية العمل مشوقاً «لحظة تنفيذ حكم الإعدام في حق نصار» ومتكاملاً درامياً في اللحظات التي ثار فيها أهل الحارة مع زغاريد النسوة جميعاً. ويحسب للملا الدور الأكبر في نجاحه. العمل من بطولة: بسام كوسا (نصار ابن عريبي)، سليم صبري (أبو هاشم)، صباح الجزائري (أم هاشم)، أمل عرفة (لطفية)، سليم كلاس (أبو حسني)، هالة شوكت (أم نصار)، عبد الرحمن آل رشي (أبو جواد)، هاني الروماني (الحكمدار)، ناجي جبر (صيَّاح)، نجاح حفيظ (أم جواد)، عصام عبه جي (أبو صلحي)، ميلا يوسف (طلبة) قاسم ملحو (حنا).
أبو المفهومية
يتابع ناجي جبر في سلسلة أعماله الدرامية ليشارك بالبطولة في مسلسل «أبو المفهومية» - للمخرج سالم الكردي والكاتب بهاء البلخي، إلى جانب الفنان السوري حسام تحسين بيك، وتدور أحداث العمل حول شخص يدعى أبو فهمي (حسام تحسين بيك) يعمل في دائرة حكومية كحاجب (فرّاش)، غير مقتنع بما منح له من إمكانات وأحوال مادية مما يؤثر على تصرفاته بحكم لأن ذلك يرجع لحظه العاثر الذي حرمه أن يكون عالماً أو مخترعاً أو طبيباً أو مهندساً أو مصلحاً اجتماعياً، فيقع بسبب تصرفاته في مشاكل كثيرة تؤثر أيضاً بشكل مباشر على أفراد عائلته والمقربين منه.
ويدخل نتيجة لذلك السجن دون أن يرتدع عن أفكاره وأعماله بل يكررها وتتكرر معها المشاكل، وهنا يأتي دور ناجي جبر «أبوعنتر» المجرم الشرير ليصبح أبو فهمي فريسة سهلة دون رحمة، وتبدأ رحلة الابتزاز حيث يستغله ويمعن في إذلاله والسيطرة عليه، حتى يحصل تحول جديد في حياة أبو فهمي ويحصل على إرث من أبيه وبدل أن تتحسن حياته بعد هذا الحادث للأفضل تتضخم عنده الأنانية والجشع متمادياً في أفعاله حتى يصل به الأمر لقيادة حملة انتخابية يحكم عليها بالفشل معتقداً أنه قام بتزوير أوراق انتخابية وأن الشرطة تلاحقه، فيفكر بالهرب خارج البلاد تاركاً أخاه يقع في مشاكل جمة بسببه. عُرض المسلسل سنة 2003، وهو من بطولة: حسام تحسين بيك، وفاء الموصللي، طارق مرعشلي، رندة مرعشلي، بهاء البلخي، محمد قنوع، مانيا نبواني، باسل حيدر، هالة شوكت، نجاح حفيظ، هالة حسني.
ويشارك ناجي جبر مجدداً في 2003 بمسلسل من تأليف ممدوح حمادة ورافي وهبة وإخراج الليث حجو بعنوان «ع المكشوف» إذ تدور أحداثه ضمن إطار درامي كوميدي يطرح فيه عدد من القضايا والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية، في مشاهد تمثيلية منفصلة تحمل عناوين مختلفة ومنها: (النقاط على الحروف)، (التوبة ما بقى عيدها)، (النصب)، (مفاجأة)، (هدوء عدنا تصوير)، (تاريخ شاعر)، (مذكرات فايز). العمل من بطولة نخبة من نجوم الدراما السورية: بسام كوسا، مها المصري، يارا صبري، كاريس بشار، شكران مرتجى، أحمد الزين، عمر حجو، فايز قزق، وفاء الموصللي، عابد فهد، أندريه سكاف، نضال سيجري. وفي عام 2005، يشارك في مسلسل «عربيات» للمخرج شادي علي والكاتب إياد شربجي، أما البطولة فكانت لأيمن رضا، باسم ياخور، فارس الحلو، قمر خلف، لورا أبو أسعد، نضال نجم، ديمة الجندي، محمد حداقي، أدهم مرشد، مديحة كنيفاتي، معن عبد الحق.
غزلان في غابة الذئابسنة 2006 قدمت المخرجة رشا شربتجي الفنان ناجي جبر بشخصية مغايرة تماماً لشخصية أبوعنتر حيث أدى دور ضابط أمن «العميد عبدالفتاح» في مسلسل «غزلان في غابة الذئاب» العمل الذي اعتبر قفزة نوعية في الجرأة الممنوحة بعيداً عن الرقابة لكنه اتسم رغم ذلك بالسواد حيث يتحدث عن أسرة تسكن حياً عشوائياً، ويحاول أفرادها الخروج من مستنقع الفقر بأية وسيلة ممكنة سواء بالتزوير أو تقديم التنازلات، لكنهم جميعاً لا يصلون إلى أية نتيجة إيجابية، بل يظلون يتخبطون بالفقر ومشكلاته وبعضهم يدخل السجن، فيما تتفاقم مشكلات البعض الآخر، كما يسلط المسلسل الضوء على الفساد في الدولة وعلى تحكم ذوي السلطة في مصائر الناس من خلال علاقة ابن الوزير «سامر البسطاط» قصي خولي بعائلة المرابع الفقيرة التي تنهار فيما بعد بسبب طمع ابنها وأنانيته. عُرض في عام 2006، وهو من بطولة: قصي خولي (سامر)، خالد تاجا (أبو سامر)، محمد حداقي (غسان)، أمل عرفة (غادة)، أيمن رضا (غدير)، ديما قندلفت (سلوى)، رواد عليو (مرح)، عبد الحكيم قطيفان (زهير)، ديمة بياعة (غيداء)، فادي صبيح (قصي)، غزوان الصفدي (عبودي)، المسلسل نص سيناريو وحوار: الكاتب فؤاد حميرة.
باب الحارة
كان المفترض أن يكون دور «المخرز» الذي أداه النجم السوري المتألق بسام كوسا في مسلسل «ليالي الصالحية» للمخرج بسام الملا والتأليف لسلمى اللحام وأحمد حامد من نصيب النجم ناجي جبر حيث كان على أبواب البدء بالتصوير، لكن ناجي تعرض لوعكة صحية مفاجئة أبعدته عن العمل لأشهر عدة وفي هذه المرحلة تراجعت صحته كثيراً إلى درجة خطيرة إذ فقد من وزنه خلال عشرين يوماً ما يقارب اثنين وعشرين كيلوغراماً.
وعن حقيقة هذا المرض تحدث جبر بأنه لا يخشى الموت فهو أحب مهنة التمثيل لكن في الآخرة لا يوجد تمثيل، هو لا يخشى على نفسه كإنسان لكن لديه التزاماً بأولاده وهم في مرحلة الدراسة الجامعية. عند الكشف الأولي عن مرضه تبين للأطباء وجود بعض أكياس الماء في ظهره تعالج عن طريق سحبها بواسطة الإبر، إلا أن التشخيص هذا كان خاطئاً الأمر الذي جعله متأخرا في معرفة حقيقة مرضه، ثم بدأ العلاج بتلك الفترة وكان من الواضح شفاؤه، ليتابع جبر عمله على المسرح وفي التلفزيون وقتها في «غزلان في غابة الذئاب» و«رجل الانقلابات» و«أسير الانتقام».
وقبل أن يغيب فترة من الزمن بسبب مرضه كان قد أعلم المخرج الراحل بسام الملا عن عمل كتبه شخص اسمه «مروان قاووق» وهو نص حمل اسم «باب الحارة» تدور أحداثه في بيئة شامية وعندما سأله الملا عن رأيه في النص أجاب بأنه قرأه وهو جيد وقد أعجبه، ليقرأ بسام الملا النص لاحقاً ويعجبه فيقرر إخراجه مع تأكيده أن دور البطولة سيكون لناجي جبر بشخصية العقيد «أبو شهاب» وهو مناسب جداً له، وتم تأجيل العمل نتيجة لالتزام الملا مع الكاتب أحمد حامد كاتب مسلسل ليالي الصالحية في إخراجه، وبعد الانتهاء منه سيتجه للبدء بباب الحارة، إلا أن مرض أبوعنتر حال دون أداء المخرز ولم يستطع المخرج تأجيل عمله فمنح الدور مباشرة للفنان بسام كوسا. ويبدو أن المخرج كان مستاء لدرجة أنه لم يزر جبر في المستشفى، بل لم يتصل به ليطمئن على صحته، على الرغم من قيام ناجي بواجباته اتجاهه عندما تعرض للإصابة بجلطة خلال تصوير مسلسل أيام شامية، إذ يؤكد جبر أنه حمل الملا إلى المستشفى وبقي معه ثلاثة أيام، لم ينكر الملا ما قام به جبر بل يقدر ذلك عالياً ولن ينسى أبداً معروفه لكنه في الوقت ذاته لم يوافق على طلب جبر تأجيل التصوير قليلاً بل طالبه بالقدوم أثناء مرضه وكان من غير الممكن أن يشارك ناجي بالتصوير في شكله الشاحب والكئيب ويظهر بصورة غير طبيعية أمام الجمهور، ليتجه الملا إلى تهديده بسحب بطولة مسلسل «باب الحارة» فكان الرد عليه بأنه لا يستجدي العمل من أحد فهو فنان يحب مهنته وإن احتاج المخرج إليه فسيجده حاضراً فتلك خدمة للمخرج والمؤلف والفنان وتصب في النهاية بمصلحة العمل.
لم يصدق جبر أن الرجل الذي تربطه به صداقة عمرها 39 سنة يتصرف معه بهذا الشكل، وعلى أية حال هو مخرج موهوب وله رؤية إخراجية مميزة، لكنه لا يطلب الاستجداء من أحد حتى لو كان والده، ليذهب دور البطولة في المسلسل الشهير «باب الحارة» لزميله الممثل سامر المصري الذي أبدع أيضاً في أدائه. ولاحقا تحدث الفنان السوري وائل شرف عبر فيديو بثه على صفحته على الفيسبوك عن ذكريات جميلة تربطه بالفنان الكبير ناجي جبر وكيف كان داعماً له في مسلسل بيت جدي وذكر خلال حديثه توقف ناجي عن تصوير ليالي الصالحية لإصابته بمرض السرطان وأنه كان المفترض أن يكون عقيداً للحارة « أبو شهاب» في باب الحارة.
رجل الانقلابات
يأتي دور آخر في الدراما في عمل تحت عنوان «رجل الانقلابات» للمخرج سامي جنادي والكاتب محمود الجعفوري حيث تدور أحداثه في أواخر أربعينيات القرن الماضي وتحديداً عام 1949 أي في الفترة التي حصلت فيها انقلابات كثيرة ليروي العمل تفاصيل متعلقة بحياة المواطن السوري اليومية في تلك الفترة حول تفاصيل في رؤية أرادها المخرج أن تقدم بأسلوب كوميدي لمختلف القضايا المهمة. عُرض في عام 2007، وهو من بطولة: أيمن زيدان، أندريه سكاف، دينا هارون، شادي زيدان، محمد حداقي، قمر خلف، فادي صبيح، علاء قاسم، ميرنا شلفون، مهند قطيش، وائل زيدان، المسلسل من تأليف: محمود الجعفوري، إخراج: سامي جنادي.
وشارك جبر في مسلسل «أسير الانتقام» للمخرج سمير حسين والكاتب محمد العاص الذي عُرض في عام 2007، وهو من بطولة: فراس إبراهيم، جيانا عيد، طارق إبراهيم، إمارات رزق، سليم صبري، مجد نعيم، أيمن طعمة، سعد مينا، نضال سيجري، عصام عبه جي، روعة ياسين، ويتحدث العمل عن تفاصيل حياتية مسلطاً الضوء على المشاكل العائلية في بيئة معاصرة عبر دعوة ملحة لإيجاد صيغة جديدة مناسبة للعلاقة بين الأهل والأبناء.
سينما
قد نكون وصلنا في حياة ناجي جبر التلفزيونية إلى عام 2007 ولكننا مازلنا في حياته السينمائية سنة 1982 حيث شخصية أبوعنتر المسيطرة على أدواره في تلك الفترة، وفي هذا العام يتابع المخرج مروان عكاوي في فيلم «إمبراطورية غوار»، الذي شارك ناجي جبر فيه كل من «دريد لحام، هاني الروماني، محمد خير حلواني، محمد العقاد» الحط من شخصية أبوعنتر «الحوت» والأزعر الذي يعمل لدى «ابو جميل» القبضاي حيث نتيجة لأخلاقه غير الجيدة يترصد له سكان الحي ويمسكونه ثم يكبلونه ويسلمونه وهنا رأى النقاد أن هذا الأزعر لم يكن موفقا بالتغييرات الحاصلة فيما يرتديه من ملابس وقبعة حتى قصة شعره لم تكن مناسبة للدور.
سبات سينمائي
أمضى ناجي جبر بعد هذا الفيلم مدة خمس سنوات صائما عن العمل السينمائي وهو الذي شارك قبل ذلك في خمسة أفلام في السنة الواحدة حيث بدأت فعليا الحركة السينمائية في سورية تخبو شيئا فشيئا ولو قدرنا عمر ناجي المولود سنة 1949 لتيقنا أنه ما زال في عمر العطاء. بدأت فترة الصيام السينمائي مباشرة بعد فيلم «باسمة بين الدموع»، للمخرج وديع يوسف، عام 1985، يشاركه كل من نبيلة النابلسي، ممدوح الأطرش، حياة نديم وغيرهم ولعب جبر دور الأستاذ الجامعي «سليمان»، ليبقى خارج العمل في السينما حتى عام 1990 في فيلم «سواقة التاكسي»، للمخرج محمد شاهين، حيث شارك في العمل عدد من النجوم منهم: غادة الشمعة، سلوى نور الدين، هالة شوكت، نجاح حفيظ، وغيرهم، حيث أدى فيه دور ضابط الأمن «سالم» وبقي في نفس العام تحت إدارة المخرج محمد شاهين مشاركا في فيلم يحمل اسم «ثعالب المدينة» مع عدد من الممثلين منهم: صباح السالم، سحر فوزي، ليلى جبر، حسام تحسين بك، ليلى عوض، زهير عبد الكريم. وهذه الأفلام لم يكن لها أي تأثير وفقا لآراء متعددة كانت ترى أن كل ذلك هو مؤشر لتوقف سيطرأ على السينما السورية في قطاعيها العام والخاص.
فيلم حارة العناتر يغير شخصية أبوعنتر «الزكرت»
عام 1984 يخرج أبوعنتر من السجن تاركاً كل مميزاته من القوة والسيطرة وغيرها داخل السجن ليبدأ حياة أخرى خارجه مباشراً البحث عن مهنة يتعلمها ويستطيع من خلالها العيش بسلام دون حاجة إلى أحد ليعمل في ورشة مختصة بصناعة وتشكيل الزجاج في فيلم «حارة العناتر»، للمخرج أسامة ملكاني.شارك في العمل كل من: ياسين بقوش، ناهد حلبي، المطرب فؤاد غازي، سلوى سعيد، حيث اتجهت آراء كثيرة للقول بأن أبوعنتر بدأ يدرك تأثير الزمن عليه وعلى المكان فقد تغيرت الحارة وشخصياتها وربما أن إعلان التوبة قد اقترب وآن أن يبتعد عن المشاكل.