وتم تشكيل الحكومة ويتم حل المجلس (هكذا يبدو) وبعدها انتخابات جديدة، ثم حكومة، ثم سين وجيم أسئلة برلمانية ومشاريع متهالكة من نواب الأمة كلها تحقق حكمة «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»، وترفض الحكومة ما يطرحه النواب، ويتم التهديد بالاستجوابات، والحديث عن الفساد وعن حكم القانون وغير هذا من كلام نظل نردده من عشرات السنين، وهي جعجعة من غير طحين، فالقانون يتشكل حسب الطلب في دولنا، وتظل الساعة الكويتية تدور للخلف، ويردد الجميع «الدستور مظلتنا» و«إلا الدستور» والثوابت الدستورية... ثم بعد ذلك كله تنتهي حصة التعبير المدرسية «تيش بريش»، ونعود لحكومة جديدة وحل مجلس ثم حكومة ومجلس ومحكمة دستورية وحكم جديد مختلف بالنتائج والمواصفات حل أو لا حل والله العالم.
ويمضي الزمن مسرعاً بكل الدنيا أما في الكويت فيظل يسير متثاقلاً نحو صليبيخات الدولة، وهو مكان مخصص للمشاكل النفسية، وبقربه أرض شاسعة بأربعة شوارع وببلاش، أي من دون كم مليون يدفعها المواطن ليرقد في مقبرة العمر، هناك يسكن الوافد والمواطن براحة أبدية، في تلك الأرض الجميلة لا يوجد هم ولا يحزنون ولا ينقصها غير موتوسيكلات خدمة التوصيل.
وينتهي النفط أو تسقط أسعاره، وتصرف حكومة ومجلس راحة المواطن ما في الاحتياطي العام وحصة الأجيال من صندوق الاستثمارات السري، الرواتب والمعاشات والدعم يجب أن يعم الجميع بصرف النظر عن الحال، دعم المواطن هو كل هموم السلطة، سواء كان هذا المواطن من سكان الضاحية أو الشويخ أو من أهل الفردوس ومن في حكمها... فالكل سواسية في الخدمات العامة، مساواة إن لم يكن بحكم القانون فبحكم راحة المواطن، فهي كل همومهم... فالحكومة هي لخدمة المواطن والمجلس لخدمة المواطن والكل بخدمة المواطن من المهد للحد...
انتهت الحكاية، وتبدأ حكاية جديدة تولد من رحم الحكاية القديمة، حسب جدلية هيغل وعودة لما كان، ولكن التاريخ لا يعيد نفسه، ويحدث مرة كمأساة، ثم مرة أخرى كملهاة، كما يقول ماركس... ملهاة ضياع ودمار ولن نجد فيها من يعض إصبعه ندماً على ما فات.