النفط يرتفع وسط توقعات بتقليص الإمدادات
• «الوطني»: ضعف السوق في مارس يدفع «أوبك» وحلفاءها إلى تعميق تخفيضات الإنتاج
ارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة، أمس، مدعومة بتوقعات بتخفيضات الإنتاج التي تستهدفها «أوبك+» اعتبارا من مايو المقبل، لكنّ المخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية العالمية حدّت من المكاسب.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 13 سنتا أو 0.2 بالمئة إلى 85.25 دولارا للبرميل بحلول الساعة 23:56 بتوقيت غرينتش، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 14 سنتا أو 0.2 بالمئة إلى 80.84 دولارا للبرميل.
وارتفع الخامان القياسيان الأسبوع الماضي للأسبوع الثالث على التوالي، ليعودا إلى مستويات لم تشهدها السوق منذ نوفمبر، بعد أن فاجأت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها المستثمرين بالإعلان عن المزيد من تخفيضات الإنتاج اعتبارا من مايو.
وتلقّت الأسعار دعما بعد أن أظهرت بيانات يوم الخميس خفض عدد منصات النفط الأميركية بواقع 2 إلى 158، في إشارة إلى أن الإنتاج الأميركي لن يرتفع في المدى القريب.
وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، اتخذت أسعار النفط اتجاها هبوطياً في مارس، في ظل المخاوف المتعلقة بالاضطرابات التي تواجهها البنوك في الولايات المتحدة وأوروبا، وما ترتّب على ذلك من تزايد معنويات تجنّب المخاطر في الأسواق المالية خلال النصف الأول من الشهر.
وانخفض سعر مزيج خام برنت إلى 73.0 دولارا للبرميل في 17 مارس، فيما يعد أدنى مستوياته المسجلة منذ ديسمبر 2021، قبل أن يعاود الارتفاع مجدداً خلال الأسبوعين الأخيرين من الشهر، ليصل إلى 79.8 دولارا للبرميل (-4.9 بالمئة على أساس شهري، -7.1 بالمئة منذ بداية السنة)، في ظل تراجع حدة المخاوف المتعلقة بالبنوك، وأيضاً بالتزامن مع تعرّض الإمدادات في شمال العراق لبعض الاضطرابات.
واستمر تحسّن المعنويات خلال أبريل الجاري، مع ارتفاع الأسعار بأكثر من 8 بالمئة في افتتاح أول جلسة تداول، بعد أن فاجأت «أوبك» وحلفاؤها الأسواق بالإعلان عن تعميق تخفيض الإنتاج، فوصل سعر خام برنت إلى 85 دولارا في بداية أبريل، فيما انخفض سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 4.4 بالمئة في مارس إلى 79.3 دولارا (-3.3 بالمئة منذ بداية السنة)، إلا أنه ارتفع منذ ذلك الحين إلى 87.0 دولارا.
كما ساهم في تعزيز أسعار النفط في أواخر شهر مارس قيام تركيا بوقف تصدير 400 ألف برميل يومياً من النفط من إقليم كردستان شبه المستقل عبر أراضيها، بعد صدور قرار هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس لمصلحة العراق في نزاعها مع حكومة إقليم كردستان، إلا أن المعنويات كانت ضعيفة بصفة عامة في ظل تزايد رهانات المضاربين على انخفاض أسعار النفط، إذ تزايدت عمليات البيع المكشوف للعقود الآجلة للنفط، هذا إلى جانب رد فعل السوق المخيبة للآمال على اضطرابات الإمدادات العراقية، مما أدى إلى إحداث حالة من الذعر بين أعضاء «أوبك» وحلفائها، ومن المحتمل أن يكون قد لعب دوراً في قرار تعميق تخفيضات الإنتاج القائمة بالفعل في ظل هذه الظروف.أسعار النفط تراجعت في مارس في ظل مخاوف عدوى اضطرابات البنوك بأميركا وأوروبا وتزايد اتجاهات العزوف عن مخاطر الأسواق المالية
وظهرت ضغوط الأسعار في مارس، على الرغم من تقديرات وكالة الطاقة الدولية التي كانت أكثر تفاؤلاً تجاه نمو الطلب على النفط في العام المقبل. وفي تقريرها عن سوق النفط لشهر مارس، استشهدت وكالة الطاقة الدولية بالتوقّعات القوية للاستهلاك في الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، خاصة الصين، بعد عودة ظهورها القوي على الساحة مجدداً، إثر رفعها لتدابير الإغلاق المرتبطة بـ «كوفيد- 19»، لتبرير رفعها لتوقعات الطلب على النفط لعام 2023 بمقدار 100 ألف برميل يومياً، ليصل المتوسط السنوي إلى مستوى قياسي بمقدار 102.02 مليون. كما أشارت الوكالة إلى توقعها نمو الطلب بمعدل 2.0 مليون برميل يومياً في المتوسط عام 2023. وعلى الرغم من أن تلك التوقعات جاءت أقل من الزيادة التي تم تسجيلها العام الماضي البالغة 2.3 مليون برميل يومياً، فإنها لا تزال تعتبر من معدلات النمو القوية.
وأبقت منظمة أوبك على تقديراتها الإجمالية للطلب على النفط للعام الحالي من دون تغيير في مارس (+2.3 مليون برميل يومياً)، وذلك على الرغم من تعديلها التوقعات وخفضها لتقديرات النمو لفترة الربعين الأول والثاني من عام 2023، نتيجة ضعف طلب الدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وترى الجهتان أن الاستهلاك الصيني هو القوة الرئيسية لنمو الطلب العالمي على النفط. وتبدو المؤشرات المبكرة مشجعة، مع قيام الحكومة بزيادة كمية النفط الخام المسموح للمصافي المحلية باستيرادها هذا العام وتسريع وتيرة أنشطة التكرير.
أما على صعيد العرض، فقد شكل إعلان «أوبك» وحلفائها تعميق تخفيضات حصص الإنتاج، الذي صدر بتاريخ 2 أبريل بمنزلة مفاجأة قوية للأسواق، وذلك نظراً لخروج ذلك القرار عن سياق التأكيدات السابقة التي تعهّدت من خلالها بالحفاظ على استقرار الإنتاج. وستشهد إمدادات «أوبك» وحلفائها انخفاضاً إضافياً بنحو 1.15 مليون برميل يومياً، بدءاً من مايو وحتى نهاية العام الحالي، إضافة إلى 500 ألف برميل يومياً التي أشارت روسيا إلى أنها ستخفضها اعتباراً من مارس، والتي أضافت أيضاً أنها ستمتد حتى نهاية العام. وعلى مستوى منتجي النفط الإقليميين، ستخفض السعودية إنتاجها بمقدار 500 ألف برميل يومياً، والعراق بمقدار 211 ألفا، والإمارات 144 ألفا، والكويت 128 ألفا، وعمان 40 ألفا، ليصل إجمالي التخفيضات إلى 1.65 مليون برميل يومياً، مما سيخفض إنتاج «أوبك» وحلفائها من 38.2 مليون برميل يومياً (باستثناء إيران وليبيا وفنزويلا والمكسيك) في فبراير، وفقاً لمصادر «أوبك» الثانوية وبيانات وكالة ستاندرد آند بورز العالمية، إلى 36.7 مليون برميل يومياً لمعظم أشهر السنة.
وقد يتجاوز الخفض الطوعي وغير الطوعي للإمدادات (الأعضاء الذين ينتجون أقل من حصتهم بسبب انخفاض الطاقة الإنتاجية، وإصلاحات الآبار أو خطوط الأنابيب، وتعطيل الإمدادات، وما إلى ذلك) 2.4 مليون برميل يومياً.
وبلغ إنتاج النفط في الكويت 2.68 مليون برميل يومياً في فبراير الماضي، بانخفاض هامشي 11 ألف برميل يومياً عن الشهر السابق، إلا أنه ارتفع بمقدار 7 آلاف برميل يومياً عن حصتها المقررة من قبل «أوبك» وحلفائها (معدل امتثال بنسبة 95 بالمئة)، وفقاً للمصادر الرسمية.
وأعلنت الشركة الكويتية للصناعات البترولية المتكاملة (كيبك) أخيرا افتتاح المرحلة الثانية من مصفاة الزور، التي سترفع السعة الإنتاجية الى 610 آلاف برميل يومياً، بعد الانتهاء من المرحلة الثالثة، مما يعزز إنتاج الدولة من المنتجات المكررة.
وكشفت بيانات كبلر عن تزايد الصادرات من المصفاة بنسبة 50 بالمئة على أساس شهري في مارس لتصل إلى 279 ألف برميل يومياً، مع إمكانية تحقيق المزيد من المكاسب فور بدء تشغيل وحدة المعالجة الثالثة والأخيرة عند منتصف العام.
وفي إطار مساعيها للاستفادة من هذا التوسع الأخير، إلى جانب الالتزام بحصص الإنتاج التي أقرتها «أوبك» وحلفاؤها، تقوم الكويت بخفض صادرات النفط الخام، خاصة إلى آسيا، لمصلحة عمليات التكرير المحلية.
وفي الوقت الحالي، يتم إرسال المنتجات المكررة الكويتية بشكل أساسي إلى آسيا، على الرغم من أن الفجوة التي خلّفها حظر الاتحاد الأوروبي على المنتجات الخام الروسية تجعل البلاد في وضع جيد لتزويد أوروبا بكميات كبيرة من نواتج التقطير المتوسطة، مثل الديزل المنخفض الكبريت والكيروسين.