في البداية، قال عضو المجلس الأعلى للبترول سابقا محمد الهاجري إن عمل الوزير سياسي وليس فنيا أو إداريا في مثل هذه الجهات الفنية، حيث إن دور الوزير حسب نص المادة 130 من الدستور هو الإشراف على شؤون وزارته وتنفيذ السياسة العامة للحكومة ورسم اتجاهات وزارته والإشراف على تنفيذها.
وأشار الهاجري إلى أن الوزير لو تدخل في أي عمل تنفيذي فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى انهيار المنظومة الإدارية للمؤسسة وشركاتها، بل إن ذلك قد يؤدي كذلك إلى انعدام صلاحياته الإشرافية والرقابية، كونه أصبح بذلك جزءاً من الإدارة التنفيذية للجهاز.
وأضاف أن كل ذلك ينطبق بالتأكيد على جميع الوزراء إذا كان لهم إشراف على الجهات والهيئات التابعة لهم، مبينا أن ممارسة الوزير دوره وصلاحياته من خلال مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية، أو من خلال المجلس الأعلى للبترول أو مجلس الوزراء كسلطة أعلى لابد أن يكون وفق القوانين واللوائح المنظمة.
وأكد أن على وزير النفط الجديد العمل على إعادة إحياء وتفعيل دور وزارة النفط من واقع أهدافها الرئيسية التي انتهجتها لتحقيق رسالتها بالمحافظة على الثروة البترولية، وحسن استغلالها وتطويرها، وفق أفضل السبل، وبما يكفل تنمية موارد الدولة، وزيادة دخلها القومي، وتأمين سلامة العاملين والبيئة والمنشآت، وذلك وفق نصوص المرسوم الأميري الصادر بتاريخ 12 أغسطس 1986.
وزارة النفط
وأضاف أنه من هذا المنطلق انتهجت «النفط» أهدافا رئيسية لتتمكن من تحقيق رسالتها دون الإخلال بأحد اللوائح أو القوانين التي تنظم عملية الحفر والتنقيب، بالتزامن مع عمليات الإنتاج والتصدير، والحفاظ على هذه الثروة للأجيال القادمة.
وقال «لابد من اقتراح سياسة عامة لقطاع النفط والغاز تكون وفقا لأسس متوازنة، تحافظ على مصادر الثروة البترولية، وتحقق التطوير والاستغلال الأمثل للموارد، بما يكفل تنمية إيرادات الدولة وزيادة دخلها، وكذلك المحافظة على مستوى أسعار النفط الكويتي، بما يفي بالالتزامات المالية للدولة وخطط التنمية، فضلا عن توفير احتياجات الأجيال القادمة، والمحافظةعلى مكانة النفط كسلعة إستراتيجية وكمصدر رئيسي للطاقة، وتعزيز موقع الكويت في الأسواق العالمية».
ونوه إلى أنه من الضرورة أيضا أن يتم إبراز المكانة الدولية لدولة الكويت، وتقوية دورها في المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية ذات العلاقة بالمجال النفطي مثل «أوبك»، و«أوابك»، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومنظمات هيئة الأمم المتحدة في مجالات النفط والطاقة، وتأمين احتياجات السوق المحلي من المشتقات البترولية والغاز، واقتراح سياساتها التسعيرية، وكذلك معاونة المجلس الأعلى للبترول في المهام التي يتولاها، والإشراف على تنفيذ قراراته.
تفعيل الرقابة
وشدد الهاجري على ضرورة تفعيل الرقابة على خطط وبرامج وأنشطة القطاع النفطي ممثلا بمؤسسة البترول والشركات التابعة، وشركات النفط الأجنبية العاملة بالبلاد، ومباشرة حقوق الدولة فيها، بغرض زيادة فعالية الأداء، وتعظيم المردود المالي، وتأمين سلامة العاملين والمنشآت النفطية، وتطوير الخبرات الوطنية.
وتطرق الهاجري الى ضرورة العمل على تطبيق القوانين والتشريعات الخاصة بالبيئة، وتكريس مفهوم المحافظة على البيئة من خلال المشاركة الفعالة بأعمال وبرامج الهيئة العامة للبيئة، ومراجعة عمليات ومشاريع القطاع النفطي، للتحقق من استيفائها للمتطلبات والتشريعات البيئية لدولة الكويت والمقاييس العالمية.
وألمح إلى ضرورة توثيق التعاون والتنسيق مع المؤسسات والهيئات الحكومية والبرلمانية والقطاع الخاص في الشؤون ذات العلاقة بالثروة والصناعة النفطية، للارتقاء بالعمل، وتبادل المعلومات، وعمل الدراسات والبحوث المتخصصة لتحقيق أهداف خطط التنمية للدولة، وكذلك العمل على زيادة مساهمة القطاع النفطي في دعم الاقتصاد الوطني، والمساهمة في عقد الندوات والمؤتمرات المتخصصة في النفط والطاقة، وإنشاء مركز للمعلومات النفطية، والعمل على نشر الثقافة والتوعية بالصناعة النفطية داخل البلاد، ودعم العمل البحثي.
وشدد الهاجري على ضرورة حسن ترشيح واختيار الأعضاء الخارجيين بالمجلس الأعلى للبترول من ذوي الخبرة والاختصاص والنزاهة والقوة في إبداء الرأي السديد، موضحا أنه في هذا الإطار لابد من الإشارة إلى تفعيل دور وزارة النفط، التي ضمن أهدافها معاونة المجلس الأعلى للبترول في المهام التي يتولاها، والإشراف على تنفيذ قراراته، على أن يكون أمين سر المجلس من وزارة النفط لا من المؤسسة كما هو حاصل حالياً، مؤكداً في هذه الجزئية على حسن اختيار الأعضاء، والتي تنطبق وتمتد على اختيار أعضاء مجلس إدارة المؤسسة كذلك، فكلا المجلسين، الاعلى والمؤسسة ليسا بحاجة لوزراء سابقين يتم تعيينهم كترضيات ووجاهة دون علم ولا دراية وخبرة بصناعة النفط.
وحول مجالس إدارات الشركات النفطية ومسؤوليات أعضائها، أوضح الهاجري، أن ذلك يجرنا إلى إعادة هيكلة القطاع النفطي التي أصبحت حاجة ملحة، لأن الوضع الحالي لمجالس إدارات الشركات شكلي، والقرارات تفرض عليهم من الرئيس التنفيذي للمؤسسة والأعضاء المنتدبين فيها وحتى من مديري الإدارات، ناهيك عن تدخلات الوزراء التي نبهنا إليها سابقاً، لافتاً إلى أن ذلك يعد وضعاً شاذاً ومخالفاً لقانون إنشاء المؤسسة والاستقلالية المطلوبة للشركات التي تخضع لقانون الشركات.
وقال الهاجري: يكفي أن نعرف بأن المؤسسة تخضع لقوانين الخدمة المدنية في حين الشركات لا ينطبق عليها ذلك، وأدى ذلك إلى كم كبير من الفوضى في الأنظمة واللوائح الداخلية.
إلغاء المؤسسة
وأكد أنه آن الأوان إما لتحويل القطاع إلى جهاز مركزي واحد وتلغى الشركات أو إلغاء المؤسسة وعودة الشركات النفطية إلى استقلاليتها وتنافسها تحت مظلة رقابة وإشراف وزارة النفط، مشيراً إلى أنه لابد من التأكيد على أهمية استقلالية القطاع النفطي من هيمنة القرار السياسي والتدخلات النيابية، قائلاً: يكفي ما خسرناه من طغيان القرار السياسي على الفني».
واختتم بالقول: بغير ما سبق ذكره وتوضيحه فلا طائل من الحديث عن أولويات القطاع النفطي وما ننتظره من الوزير القادم وإلا لأصبح لكل وزير سياسة ينسف فيها سياسة من سبقه، وبناء على ذلك فإن القطاع النفطي اليوم بحاجة لقرار سيادي من أعلى سلطة وكذلك فهو في أمس الحاجة لسياسة دولة لا سياسة حكومة يعاد تشكيلها كل سنة أو سنتين أو وزير لا يعلم لماذا اختير وما هو دوره ومتى سيعفى من منصبه.
تحقيق الاهداف
من ناحيته قال أمين سر الجمعية الاقتصادية الخليجية د. عبدالمحسن المطيري، إن من أهم الموضوعات المهمة التي على أي وزير قادم التركيز عليها هي البحث في أسباب التأخر في تنفيذ المشاريع النفطية وعدم تحقيق الأهداف الاستراتيجية المتعلقة بزيادة القدرة الإنتاجية على الرغم من صرف مبالغ ضخمة دون تحقيق الأهداف المرجوة، مبيناً أنه مما يدعو للاستغراب هي زيادة تكاليف الإنتاج بنسب كبيرة مع بقاء نفس القدرة الإنتاجية بدون تغيير.
وأضاف المطيري: كذلك يجب التحقيق في الطريقة التي تم فيها تمويل المشاريع النفطية عن طريق قروض تكاليفها عالية وللأسف في مشاريع إما أن تكون خاسرة أو مشاريع تأخر تنفيذها.
وأشار إلى ضرورة وضع استراتيجية لإنجاز مشاريع نفطية خاصة في قطاع المشتقات النفطية والبتروكيماويات لتعظيم العائد من برميل النفط وخلق فرص وظيفية في هذا القطاع الحيوي.
كما أكد أنه قد حان وقت دراسة الهيكل الجديد للقطاع النفطي بشكل جدي بعد وضع استراتيجية مناسبة تساهم في تعظيم إيرادات القطاع النفطي وتقلل من الاعتماد على بيع النفط كمادة خام فقط، فضلاً عن ضرورة وضع معايير واضحة وعادلة في كيفية ترقية واختيار القيادات في هذا القطاع المهم والحيوي.
الطرق أولاً
بدوره، قال الخبير النفطي كامل الحرمي، إنه قبل تقديم النصح لأي وزير علينا في البداية إصلاح طرق الكويت وتمهيدها لأنها عصب الدولة لإنشاء المشاريع وبدون طرق سليمة لن يكون هناك إصلاح أو خدمات، لافتاً إلى أن إصلاح الطرق حالياً بات مطلباً ملحّاً قبل إصلاح القطاع النفطي ورؤية ما يحتاجه.وأشار الحرمي إلى أن هناك تحديات كبيرة ستواجه الحكومة الجديدة في ملء الشواغر الوظيفية في الدولة، فهناك أكثر من 600 وظيفة شاغرة في أكثر من 15 جهة يعمل قياديوها بالتكليف في الفترة الأخيرة، أما نحن في الكويت، فنبقى من دون توجه أو رؤية إستراتيجية مستقبلية، مع أننا كنا الأوائل في الصناعة النفطية وفي جميع قطاعاتها... من بناء المصافي المحلية ثم خروجاً إلى أوروبا وشراء محطات وقود، ولا ننسى امتلاك كميات من نفط بحر الشمال تقدر بنحو 150 ألف برميل في اليوم، لننتهي إلى مستمعين ومتابعين.