هذا ما كان يردده بعض النواب الذين يطلقون على أنفسهم الإصلاحيين في المجلس المبطل، وهذا يعني بكل وضوح أنهم يريدون الانقلاب على الدستور، والاعتداء على صلاحيات الأمير وحقوقه الدستورية، التي وضعها الآباء المؤسسون، والتي أرادوا منها ضمان استقرار الدولة وعدم تعرضها لهزات تؤثر على أمنها واستقرارها، فأعطوا بموجب تلك النصوص للحاكم الحق في تشكيل حكومة قوية حازمة تهيمن على الدولة وتسيرها، ولا يحق للمجلس الاعتراض على تلك الحكومة إلا بعد ممارستها للعمل لمدة شهرين على الأقل.
فإذا تبين من خلال الممارسة أن الحكومة وقعت في أخطاء يحق للأعضاء عندئذ أن يبدأوا بمساءلة الوزير عن تلك الأخطاء أو الاستجواب إذا لزم الأمر، ولكن ما حدث في المجلس المبطل ومجلس 2020 أن بعض الأعضاء أرادوا استجواب وزراء قبل ممارسة أعمالهم، والمصيبة الأعظم أن الحكومة سكتت عن تلك الأخطاء وتم استجواب وزراء قبل أن يؤدوا القسم.
وفي مجلس 2020 لما تبين لبعض أعضائه أنهم لن يتمكنوا من فرض آرائهم المخالفة للدستور والضارة بمصلحة الدولة اقتصاديا وأمنيا، لأنهم كانوا أقلية في ذلك المجلس، أثاروا شغبا لتعطيل الجلسات، وكان ينبغي على الحكومة اللجوء إلى القضاء لوقف ذلك العبث والأعمال الصبيانية التي أدت إلى تعطيل الجلسات، ومن ثم تعطلت مصالح الدولة.
إلا أن القيادة ارتأت تعيين رئيس وزراء جديد، وطالب رئيس الوزراء الجديد بحل مجلس 2020 على اعتبار أنه غير قادر على التعاون معه، وعندئذ قدم بعض أعضاء مجلس 2020 قضية أمام المحكمة الدستورية، ادّعوا فيها أن سمو رئيس الوزراء طالب بحل المجلس مدعياً أنه غير قادر على التعاون مع أعضائه، علما أن سموه لم يحضر ولا جلسة، فكيف تبين لسموه أن المجلس لم يتعاون معه؟ ومن ثم حكمت المحكمة بكامل أعضائها الخمسة ببطلان حل مجلس 2020، وترتب على ذلك بطلان مجلس 2022 وإعادة مجلس 2020.
من هنا بدأ بعض أعضاء المجلس المبطل يثيرون الشكوك حول نزاهة القضاء، وفسر بعضهم الحكم على اعتبار أنه اعتداء على صلاحيات سمو الأمير، وإننا على يقين أن القيادة لن تصغي لتلك الأصوات المغرضة التي تريد هدم الدولة، خصوصاً أن هذه ليست أول مرة يتم فيها إبطال حل مجلس الأمة، إذ تم ذلك في عهد سمو الأمير الراحل صباح الأحمد، وقد تقبلت القيادة ذلك برحابة صدر، ونفذت حكم القضاء، فالقضاة ليس أمامهم خيار إلا أن يحكموا بالعدل، وأن يبروا بالقسم الذي عاهدوا الله عليه، ونأمل أن يتم تنفيذ حكم القضاء، حفاظا على أمن الدولة واستقرارها، خصوصاً أن من يشكك في حكم القضاء، هم من يطالبون بتحويل الكويت إلى إمارة دستورية، وهم من أثاروا الفوضى والشغب في مجلس 2020، ونأمل ألا نصغي لتلك الأصوات المغرضة حفاظا على أمن بلادنا واستقرارها، ويكفينا الشر والأذى الذي ألحقناه ببلدنا.