ماكرون يلجأ إلى هولندا لتخفيف عزلته
• عاصفة انتقادات لتصريحاته حول الاستقلال الاستراتيجي عن واشنطن بعد عودته من بكين
في حين استمرت الانتقادات على ضفتي الأطلسي لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد عودته من الصين، والتي دعا فيها مجدداً إلى الاستقلال الاستراتيجي عن الولايات المتحدة، وحث ضمنياً أوروبا على أن تكون على مسافة واحدة من واشنطن وبكين في قضية تايوان، بدأ ماكرون أمس زيارة لهولندا، هي الأولى لرئيس فرنسي منذ عام 2000، في محاولة تهدف على ما يبدو إلى البحث عن حليف أوروبي مع تزايد عزلة باريس.
وعرض ماكرون، خلال كلمة بمعهد «نيكسوس» الهولندي في لاهاي، رؤيته للسيادة والأمن الأوروبيين على الصعيدين الاقتصادي والصناعي، ودفع باتجاه اعتماد خطة استثمارات ضخمة في الصناعة الخضراء في أوروبا، رداً على خطة مماثلة أطلقها الرئيس الأميركي جو بايدن.
ويسعى ماكرون إلى تعزيز التقارب مع هولندا منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مما أعاد خلط أوراق التحالفات داخل التكتل، كما سعى الرئيس الفرنسي إلى تعزيز الروابط مع عواصم أخرى في طليعتها روما ومدريد، خارج المحور التقليدي الفرنسي- الألماني، خصوصاً وسط خلافات كبيرة وحادة مع المستشار الألماني أولاف شولتس.
وتمكنت ألمانيا من استمالة هولندا إلى مشروعها للدفاع الجوي «درع السماء» الذي سيعتمد إلى حد كبير على معدات أميركية وإسرائيلية، في حين عُزلت باريس عن المبادرة التي باتت تضم 17 دولة أوروبية.
وكان ماكرون أثار الجدل، في مقابلة نشرتها الأحد صحيفة «ليزيكو» Les Echos الفرنسية، قال فيها: «لا نريد الاعتماد على الآخرين في المواضيع الحرجة»، مبيناً أن منها الطاقة والذكاء الاصطناعي والشبكات الاجتماعية.
وأثارت دعوته، في المقابلة ذاتها، إلى الإبقاء على مسافة واحدة في مسألة تايوان و»خفض الاعتماد على الأميركيين» في المجال الدفاعي، انتقادات وتساؤلات.
وكتب الخبير في معهد البحث الاستراتيجي في باريس أنطوان بونداز: «ماكرون يجعل من الولايات المتحدة المسؤولة الوحيدة عن التوتر، لا الصين، رغم أن هدفها السيطرة على تايوان وتغيير الوضع القائم».
ورأى مدير المعهد البولندي للعلاقات الدولية سلافومير ديبسكي أنه «حصل موت دماغي في مكان ما بالتأكيد»، مستخدماً توصيفاً أطلقه ماكرون في الماضي على حلف شمال الأطلسي وأثار ردود فعل شديدة.
ويبقى الأوروبيون الشرقيون الذين عانوا لوقت طويل من النظام السوفياتي، شديدي التمسك بحلف «الناتو» والحماية الأميركية، وينظرون بتشكيك إلى الدفاع الأوروبي الذي تدعو إليه فرنسا.
غير أن الأمر لا يقتصر على «الشرقيين»، فقد قال نوربرت روتغين عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الألماني (بوندستاغ) إن ماكرون «يعزل نفسه بشكل متزايد في أوروبا ويضعف الاتحاد الأوروبي». وقال روتغين: «أعتقد أن الحديث عن السيادة الأوروبية لا علاقة له بالواقع»، مضيفاً أنه يتعين تطبيق هذا الحديث فقط في حالة أوكرانيا، والسؤال عما إذا كانت فرنسا أو أوروبا هي التي تحمي الأمن الأوروبي أم أن الولايات المتحدة هي التي تفعل ذلك مجدداً.
وفي مقطع فيديو نشر على «تويتر»، قال السيناتور في مجلس الشيوخ الأميركي الجمهوري ماركو روبيو إنه إذا كانت أوروبا لن تنحاز إلى أي من الولايات المتحدة أو الصين بشأن الوضع في تايوان «إذن ربما لا ننحاز إلى أي جانب (فيما يخص أوكرانيا)».