يتتبع الأستاذ في كلية الآداب بجامعة الكويت د. عبدالله القتم سيرة الشاعر أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي، عبر إصدار قيم ضمن الإصدارات التي تعنى بالشخصيات الفريدة، والتي تعرضت للإهمال من قبل الباحثين.

ويقول د. القتم، في مقدمة إصداره الذي جمع فيه وحقق شعر الأسدي، «علم من أعلام الشعر السياسي في عصر صدر الإسلام والعصر الأموي، ولكن هذا الشاعر الفحل أهمله التاريخ لا لعدم أهميته، ولكن لأنه يحمل فكراً مختلفاً، فدعوته للسلام ونبذه للحروب والصراعات واتخاذه من السلم طريقاً لحياته أدى بالمؤرخين إلى إهماله، وكان من رأيه عدم الدخول في الصراعات بين أقطاب السياسة».

Ad

ويضيف: «كان للأسدي رأي لا يتنازل عنه، وهو معرفة الحق من الباطل، فيناصر الحق بالطرق السلمية، لذا نرى السياسيين يتحاشونه ويتجنبون آراءه، وعلى الرغم من مدحه لبعض السياسيين في عصره لكنه مدح لا يرقى إلى مستوى التأييد السياسي، فعيب عليه بعض أشعاره لأنه في مدحه لا يرتقي إلى صفات المدح الأساسية، وهي الفضائل المعروفة العفة، والشجاعة والعقل والكرم».

إهمال الباحثين

ويتابع د. القتم: «جمع الأستاذ الباحث الطيب العشاش شعر أيمن بن خريم في جمع دیوان، فله فضل السبق، لأنه سلط الضوء على هذا الشاعر الذي أهمله المؤرخون ولم يجمعوا شعره، وفي أثناء قراءاتي استرعت انتباهي قصائد وقطع لم أجدها في الديوان المطبوع لأيمن بن خريم، لذا عقدت العزم على البدء في جمع ما تفرق من شعره فوجدته يتفوق على ذلك الديوان بعدة أمور:

أولا: الموجود في الديوان 22 مقطوعة، وما جمعته في هذا الكتاب بلغ 36 مقطوعة، أي بزيادة%63، ثانيا: عدد الأبيات في الديوان وصل إلى 119 بيتا، بينما في الكتاب بلغ 167 بيتا، أي بزيادة%40.3، ثالثا: هناك قصائد في الديوان ناقصة، أو أن جامع الديوان لم يعثر على تكملتها، فأسعفني البحث في إكمالها حتى أصبحت قصائد كاملة، رابعا: تصحيح بعض المعلومات التي وردت في شرح بعض أبيات الديوان وذكرناها في مواضعها من هذا الكتاب، خامسا: ضم هذا الكتاب شرحا لمعظم الألفاظ المبهمة، وتعريفا للشخصيات التي وردت في شعر أيمن بن خريم، سادسا: تلقيت من الدكتور علي ارشيد المحاسنة ما نشره في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني بعض ما فاتني من أبيات أيمن فلة الشكر والامتنان، وعلى هذا يكون هذا الكتاب قد أضاف إضافات كبيرة إلى الديوان، ونكون بذلك قد خدمنا العلم، وأضفنا لبنة في البناء الثقافي العربي، ونرجو ممن وجد نقصا، أو هفوة أن ينبهنا إليها خدمة للعلم. والله نسأل التوفيق والسداد».

شاعر وجداني

ويكتب د. القتم حول الشاعر: «ما قيل عن شعر أيمن بن خريم قليل نسبيا، ذلك أن ما خلفه من شعر يعد قليلا، على الرغم من وصف أيمن بأنه خليل الخلفاء لحلاوة لسانه وجودة شعره، وظرفه، إلا أنه قليل الشعر ومعظم من تحدث عن أيمن وصفه بأنه شاعر، أو أن غير فصيح شعره جيد، ومن هذه الأقوال ما ذكره عمر فروخ من أنه شاعر وجداني مجيد الألفاظ، سهل التراكيب، متين النسيج، على أن معانيه تغمض أحيانا».

ويبدو عند ملاحظة ما استعمله أيمن بن خريم من بحور الشعر أنه استعمل البحور ذات الجرس الموسيقي الرنان والدقة في الإيقاع والألحان، فمن بحوره:

1 - الوافر: ذكر الباحثون عن هذا البحر أنه أوفر البحور نغماً، وأعذبها وقعاً على الأذن، وقال عنه سليمان البستاني: الوافر ألين البحور، يشتد إذا شددته، ويرق إذا رققته.

2 - المتقارب: وقالوا عنه إنه متماوج الموسيقى ومتواتر الإيقاع، وهو من أوفر البحور جزالة ولينا.

3 - الطويل: من أكثر البحور شيوعا في شعر القدماء من العرب، يصلح للتصوير العاطفي والمعاني المتدفقة، قال عنه سليمان البستاني: الطويل بحر خضم، يستوعب ما لا يستوعبه غيره من المعاني.

4 - البسيط: هذا البحر جزلة موسيقاه، ودقيق إيقاعه، يستخدم في الجدية والموضوعات المهمة.