شوشرة: الأزمة في أزمة
ونحن في العشر الأواخر نتضرع إلى المولى عز وجل أن يتقبل صيامنا وقيامنا ويفك كربة المكروبين، ويفرج هم المهمومين، وأن يتحدد مسارنا بعد مفترق الطرق الذي أصبحت المسافات فيه وعرة والهموم والشجون تسكن الأفئدة، فصار الكل يشكو ويبث همه حتى سئمنا من تكرار هذه العادة، لا سيما من كانت الآمال معقودة عليهم في تهدئة الأوضاع بدلاً من شحن الناس وزيادة معاناتهم وأوجاعهم.
فبدأ البعض جولاتهم الانتخابية مبكراً، وصاروا يتسابقون لتسجيل المواقف والبطولات الوهمية، ويسردون القصص التي لا نسمعها إلا بعد البطلان أو في الحملات الانتخابية ولا نعرف مصداقيتها، فيا أيها النائب البطل المبطل أو المستمر أين أنت من كل القضايا التي كنت تثيرها في الدواوين من سوء الإدارة الحكومية وغيرها؟ ولماذا لم تسجل هذه البطولات وأنت تجلس على الكرسي الأخضر؟ ولماذا تزدحم قضايا البلد وشجونه في مواسم محددة؟ ولماذا لم تتقدم بحلول عندما كنت عضوا في السلطة التشريعية؟
والأنكى من ذلك أصبح كل من هب ودب يصرح ويهاجم وينتقد وهو في حقيقة الأمر ليس إلا أداة تستخدم لتمرير ما يرغب فيه المعزب من تصعيد لخلط الأوراق والمساهمة في لخبطة الأمور وتشويه الصورة والحقائق أمام الجميع، وهؤلاء الخبثاء الذين بدأت أصواتهم تبث السموم وتسهم في تشتيت الصف يجب تكميمها، وعلى الوطنيين محاسبتهم وإلزامهم حدهم.
والمضحك والمبكي معا تكرار المصطلحات والعبارات من هؤلاء المرتزقة، فما إن يخرج أحدهم بعد أن ينتهي حديثه المسموم حتى يدخل الآخر على الخط ليكرر الكلام نفسه، وكأنهم على اتفاق مسبق وبرنامج محدد لمحاولة تشتيت المستمعين والمتابعين وإيهامهم بأمور غير واقعية ومنطقية، والطامة أن بعض المستمعين يتم اقتيادهم كالقطعان دون أن يكلفوا أنفسهم بالتصدي لهؤلاء والتفكير بمدى مصداقية حديثهم والقضايا المثارة.
وعلى الإصلاحيين والوطنيين والرموز الذين كانوا يقودون العمل السياسي العودة للمشهد بقوة، وأن يكون حضورهم هو المسيطر بدلا من أن يتركوها لمن لسانهم ينطق بالباطل ويزيفون الوقائع والحقائق والتناقضات، خصوصا أن البعض يحتاجون إلى الصحوة من الغفلة بدلا من الانخراط في مسار من يدعون الإصلاح.
آخر السطر:
ما لم يتعلموا من الماضي فلن يستوعبوا المستقبل، فالإدراك والوعي واجب في ظل تسابق المرتزقة على تشويه الحقيقة.