في النظام السياسي الكويتي هناك ثلاث سلطات: تشريعية وتنفيذية وقضائية، يقر الواقع بحلول مناكفات اعتيادية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بين حين وآخر حول تفسير وفهم بعض مواد الدستور لطبيعة صياغة الدستور، فنصوصه ذات مبادئ عامة ومجردة، وبسبب اختلاف وجهات النظر وتعدد الآراء وتباين المصالح والمنافع عند الأطراف المتنازعة. المحكمة الدستورية في المشهد السياسي العام والعلاقة المتبادلة والمتقلبة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لا تتدخل، وهي عند إطلاقها لأحكامها لا تميل لسلطة ضد أخرى، فهي ليست محكمة لفض خصومة ودعاوى أو غالب ومغلوب، ولا تشرع بنص جديد ابتداءً، فمن مهامها تفسير نص دستوري محدد طلب منها من قِبل إحدى السلطتين لتوضيح مدلوله والمقصود منه والسياسة العامة التي أريد تحقيقها، استناداً وتطبيقاً منها للمادة (١٧٣) من الدستور.

البعض علّق على حكم المحكمة الدستورية الأخير بأنه لم «يفرض» المشروعية الدستورية، وأعتقد أنه ليس من مهام واختصاص المحكمة الدستورية ذلك، نعم المحكمة لها حق النظر في أسباب حل مجلس الأمة بالنص الدستوري للمادة (١٠٧): «للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، على أنه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى، وإذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات...»، وظرف المستقبل «إذا» الوارد بالنص يتضمن شرطا مفهوماً مقطوعاً بوجوده– أي وجود السبب– وهو قبول أو رفض المحكمة الدستورية لأسباب حل المجلس الواردة بالمرسوم، وهذا ما ذكرته المحكمة في منطوقها «أنّ المحكمة تباشر رقابتها على المرسوم الصادر بالحل للتأكد من مدى التزامه بالقيود والضوابط...»، فليس للمرسوم هنا الحق «المطلق» كما يقول البعض، فالنصوص القانونية لا تخلو من شروط وضوابط واستثناءات وكلمة «مطلقاً» غير مستساغة لفظاً ومكروهة فهماً.

Ad

أحد المعلقين القانونيين يذكر أن المحكمة الدستورية من خلال هذا الحكم منحت لنفسها سلطة فوق كل السلطات وتجاوزاً على صلاحيات سمو الأمير، وهذا بحق ما لم تدعه المحكمة الدستورية يوماً ما، بل هي موئل ومصدر لتحديد مسؤولية كل سلطة وحدودها، وهي تلزم نفسها بضوابط وحدود ومهام حتى لا تتداخل مع غيرها من السلطات، وأحكامها تصدر باسم صاحب السمو أمير البلاد، مما يحفظ للأمير سموه ورفعته. كما يُرَدد بعض وجوه الانتقاد للمحكمة بأحكام سابقة لم تتعرض فيها المحكمة لمواجهة وقائع محددة كحكمها في مرسوم حل مجلس الأمة عام ١٩٨٦م، والرد على ذلك بأن «المحكمة ذاتها قد أعادت النظر في توسيع دورها من رقابة السلطة القضائية على أعمال السلطات العامة وإيجابية ذلك» والذي ذكره الخبير الدستوري د.محمد الفيلي لجريدة «الشرق الأوسط».