من صيد الخاطر:: «إذَا زَلّ العَالِمُ زَلَّ بِزَلَّتِهِ عَالَمٌ»
«إذَا زَلّ العَالِمُ زَلَّ بِزَلَّتِهِ عَالَمٌ»، مثل عربي قوي المعنى عظيم التأثير، فهل هناك أعظم من زلة عالم له أتباعه ومريدوه فيودي بهم وبنفسه إلى التهلكة ويَزِل بزَلته عالَمٌ بأسره؟ وهل هناك أسوأ وأعظم من زلة معلّم فتزل مع زلته أجيال تودي بمستقبل أمة بأسرها؟
حتى قيل في ذلك:
إن الفقيه إذا غَوَى وأطاعه
قومٌ غَوَوْا معه فَضَاع وَضَيَّعَا
مثل السفينة إن هَوَتْ في لجة
تَغْرَق ويَغْرَق كُلُّ ما فيها مَعَا
فالزَلّة هي مجانبة الصواب والانحراف عن قول الحقيقة، وهي سقطة وخطيئة، سواء كانت بقصد أو من دونه، وسواء كانت عن دراية أو جهالة، والزلة تكون أعظم وأفدح إذا ما صدرت عمدا عن فقيه في الدين، أو قاض وجب عليه الحكم بالعدل، أو معلّم لم يحسن اختياره.
فالعالم والمعلّم هما القدوة التي يُقتدى بها فإن زلّا زَلّ معهما من اقتدى بهما، وصدق رسولنا الكريم حين قال: «إني أخاف على أُمَّتي من أعمال ثلاثةٍ. قالوا: ما هي يا رسولَ اللهِ؟ قال: زِلَّةِ عالمٍ، وحكمٍ جائرٍ، وهوىً مُتَّبَعٍ»، وقال، صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الْعَبْد لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مَا يَتَبيَّنُ فيهَا يَزِلُّ بهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بيْنَ المشْرِقِ والمغْرِبِ»، وصدق سيدنا عمر الفاروق حين قال ثلاثاً يهدمن الدين: زلّة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مُضلُّون.
أما الإمام الشافعي، رحمه الله، فقال في موقع ومعنى آخر:
إِنَّ الفَقيهَ هُوَ الفَقيهُ بِفِعلِهِ
لَيسَ الفَقيهُ بِنُطقِهِ وَمَقالِهِ
وَكَذا الرَئيسُ هُوَ الرَئيسُ بِخُلقِهِ
لَيسَ الرَئيسُ بِقَومِهِ وَرِجالِهِ
وَكَذا الغَنِيُ هُوَ الغَنِيُ بِحالِهِ
لَيسَ الغَنيُّ بِمُلكِهِ وَبِمالِهِ
فللكلمة أهمية يحاسب عليها صاحبها كما يحاسب على عمله، وهناك حكمة خالدة لا ضير من أن يقولها العالم قبل أن يغلب عليه الهوى فيزل، فمن قال إنى لا أعلم فقد أفتى، ومن قال إنى علمت فقد جهل.
ملحوظة: منقول من التراث بتصرف.