لبنان ينتظر الإيقاع السعودي - السوري
لا يمكن للبنان إلا التمحيص بالإيقاع السوري. وتيرة التفاهمات الإقليمية ما بعد الاتفاق السعودي- الايراني تتسارع، ينتظر لبنان دوره ولكن دون امتلاك أي معطيات، وسط قناعة بأن كل هذه التطورات سيكون لها انعكاساتها على الساحة المحلية في استحقاقات كبيرة، أبرزها انتخابات رئاسة الجمهورية.
ويبقى الأهم هو التطور السعودي- السوري ما بعد الملف اليمني، وهنا من غير المعلوم حتى الآن إذا ما كانت سورية مقابل اليمن وليس لبنان، على أن يبقى البلد الصغير مؤجلاً إلى تفاهم سعودي- إيراني مباشر، أم إذا كان هناك محاولة لدخول العنصر السوري كمؤثر.
عملياً، فإن البيان الصادر عن اجتماع وزيري خارجية السعودية وسورية، يريح لبنان لناحية ملف اللاجئين، خصوصاً عبر التشديد على ضرورة إعادة اللاجئين إلى مناطقهم وأراضيهم. ولكن سياسياً لا يزال من المبكر توقع كيفية انعكاس هذا التطور، خصوصا أن العبرة ستبقى بالتنفيذ وبما يمكن لدمشق أن تقدّمه من تنازلات. في هذا السياق، تستمر القوى المهتمة بالملف اللبناني في تحركاتها الهادئة، وسط معلومات تتحدث عن متابعة قطرية مستمرة لزيارة وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد بن عبدالعزيز الخليفي، إلى جانب معلومات تفيد عن اجتماعات عقدت عبر تقنية الفيديو واجتماعات أخرى في طور الانعقاد لمواكبة الاتصالات.
في الموازاة، تحدثت المعلومات عن زيارة أجراها المستشار في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل الثلاثاء الفائت إلى السعودية، حيث التقى بالمسؤولين عن الملف اللبناني، لاستكمال البحث في المسار الرئاسي، وبحسب ما تقول المعلومات فإن الموقف الفرنسي لا يزال على حاله انطلاقاً من تسويق فكرة انتخاب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، في مقابل إرضاء القوى المسيحية الأخرى لا سيما التيار الوطني الحرّ وحزب القوات اللبنانية بمكاسب سياسية في السلطة. بينما لا يزال الموقف السعودي على حاله بفرض هذا الطرح، لا سيما مع التشديد على فكرة أنه لا يمكن الذهاب إلى تسوية لانتخاب رئيس للجمهورية بدون موافقة المسيحيين. وهذا ما حاولت السفيرة الفرنسية العمل على تجاوزه في الداخل اللبناني من خلال جولتها الأخيرة ومحاولة إقناع أحد الأطراف المسيحيين بالسير بهذه التسوية، ومن بين ما عرض على القوات اللبنانية منحها منصب حاكم مصرف لبنان، في مقابل عرض للتيار الوطني الحرّ باختيار قائد الجيش الذي يريده.
إلى جانب هذا المسار، هناك معطيات أخرى تشير إلى قرب الفرنسيين من الوصول إلى قناعة بصعوبة وصول فرنجية للرئاسة، وبالتالي الذهاب للبحث عن المرشح الثالث، في حين تقول المعلومات إن الفرنسيين يتريثون في الإعلان عن هذا الموقف باعتبار إمكانية حصول أي تغير يؤدي إلى نجاح طرحهم. بينما في المقابل، تشير مصادر متابعة إلى أن هناك تفاهماً أميركياً، سعودياً قطرياً ومصرياً حول التمسك بالمواصفات ومعارضة المقاربة الفرنسية.
كل ذلك يعني أن حلّ الأزمة اللبنانية لا يزال بطيئاً جداً، وأبطأ من وتيرة الملفات التي تجد طريقها إلى تحقيق التقدم على مستوى المنطقة. ولكن احتمال من اثنين فقط يقود إلى تسريع مسار الحلّ اللبناني، وهذا قد يكون مرتبطاً بالعلاقة السورية- السعودية، كإقدام السوريين على تسليف موقف لمصلحة السعودية في لبنان انطلاقاً من الملف الرئاسي، أي انسحاب سليمان فرنجية من السباق، أو العكس، أي أن تكون انعكاسات التقارب السعودي- السوري إيجابية لمصلحة فرنجية من خلال حصول الرياض على ضمانات من طهران، ودمشق و«حزب الله»، وبالتالي غض النظر عن معارضة وصول فرنجية، ولكن حينها سيقع الأمر على عاتق الديناميكية الداخلية التي تعارض وصول رئيس تيار المردة إلى الرئاسة.