«اجتماع جدة» خريطة طريق لعودة سورية
• وزراء الدول التسع يدعون لدور عربي لإيجاد حل سياسي... واجتماع مقبل في عمان
• الكويت تحث دمشق على إجراءات بناء الثقة منها إطلاق السجناء وإعادة اللاجئين
وضع الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الست، إضافة إلى مصر والعراق والأردن، الذي عُقد في مدينة جدة السعودية، أمس الأول، قطار عودة سورية إلى الحضن العربي على السكة، إذ اتفق المجتمعون على ضرورة عودتها إلى محيطها العربي وفق حل سياسي يحافظ على وحدتها واستقرارها وأمنها، في حين تقرر عقد اجتماع ثانٍ في غضون أسبوع للمتابعة تمهيداً للقمة العربية المقررة الشهر المقبل في الرياض.
وقال بيان صدر عن وزارة الخارجية السعودية في ختام الاجتماع، الذي شارك فيه وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح، إنه تم خلال الاجتماع «التشاور حول الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية ينهي كل تداعياتها، ويحافظ على وحدة سورية وأمنها واستقرارها وهويتها العربية، ويعيدها إلى محيطها العربي».
وأضاف البيان أن «الوزراء شددوا على أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية، وأهمية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة، ووضع الآليات اللازمة لهذا الدور، وتكثيف التشاور بين الدول العربية بما يكفل نجاح هذه الجهود».
وأوضح أن «المجتمعين اتفقوا على أهمية حلّ الأزمة الإنسانية، وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق في سورية، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم، وإنهاء معاناتهم وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم، واتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كل الأراضي السورية».
وأشار إلى أن «الوزراء أكدوا أهمية مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وتنظيماته ومكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها، وأهمية قيام مؤسسات الدولة بالحفاظ على سيادة سورية على أراضيها لإنهاء وجود الميليشيات المسلحة فيها، والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري».
وكان مقرراً أن يبحث الاجتماع تذليل العقبات التي لا تزال تحيط بمسألة إعادة عضوية سورية للجامعة العربية، وذلك قبل انعقاد القمة العربية المقبلة في السعودية، والتي ترغب المملكة أن تكون قمة لمّ الشمل، خصوصاً في ظل أجواء المصالحات الإقليمية، وأبرزها اتفاق عودة العلاقات السعودية ـ الإيرانية برعاية صينية.
ولفت مراقبون إلى أن البنود التي انتهى إليها اجتماع جدة، ليست ببعيدة عن بنود البيان الذي صدر عن اجتماع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ونظيره السوري فيصل المقداد قبل أيام، والذي دعا إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع على كل الأراضي السورية، وإنهاء وجود الميليشيات المسلحة، وضبط الحدود، ومكافحة المخدرات.
في المقابل، جدد وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح «موقف الكويت المبدئي والثابت الداعي إلى الحفاظ على وحدة وسيادة سورية وسلامة أراضيها، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية»، لافتاً إلى أن «سورية بلد عربي مهم، وركن أساسي في منظومة الأمن القومي العربي».
وإذ ذكّر بأن العمل القنصلي بالسفارة السورية في الكويت وحركة الطيران التجاري بين الكويت ودمشق لم يتوقفا، فضلاً عن حرص الكويت على تقديم كل التسهيلات لنحو 170 ألف سوري مقيم على أراضيها، أكد الصباح أن «الكويت لن تخرج عن الإجماع والتوافق العربي» في قضية إنهاء تعليق عضوية سورية في الجامعة.
وشدد على أهمية «أن تسير هذه العملية وفق الأسس والأطر السليمة واحترام قرارات جامعة الدول العربية التي من بينها أهمية اتخاذ الحكومة السورية خطوات حقيقية وملموسة نحو إجراءات بناء الثقة بما في ذلك إطلاق سراح السجناء والمعتقلين، والكشف عن مصير المفقودين، وتسهيل عودة اللاجئين والنازحين، وتسهيل عملية وصول المساعدات الإنسانية لكل المحتاجين في مختلف المناطق السورية، واستئناف أعمال اللجنة الدستورية وصولاً إلى المصالحة الوطنية».
وفي القاهرة، قال مصدر مصري مطلع لـ «الجريدة» إن مصر ليست عقبة في ملف عودة سورية إلى الجامعة العربية، لكن لديها بعض التحفظات تتعلق بحل مشكلة الميليشيات والتنظيمات المستقرة في سورية والمخاطر المرتبطة بالإرهاب، وضمانات من السلطات السورية بحل أزمة اللاجئين.
وأشار المصدر إلى أن القاهرة تربط موقفها بتحقيق إجماع عربي حول عودة سورية من ناحية، وتقديم الحكومة السورية استجابة قوية للتحفظات المصرية من ناحية أخرى.
وفي حين لم يكن متوقعاً أن يخرج اجتماع جدة بنتائج حاسمة حول إمكانية دعوة سورية إلى القمة العربية أو التصويت خلالها على إنهاء تعليق عضويتها في الجامعة، لا يزال هناك وقت كافٍ للقيام بخطوات بناء ثقة بين الأطراف قد تؤدي عملياً إلى إقناع الدول المعارضة لإعادة دمشق فوراً إلى الجامعة أو تلك التي تضع شروطاً محددة إلى خفض سقف مطالبها، وربما الاكتفاء بالتحفظ على أي قرار يخرج عن القمة، وذلك وسط سيناريوهات يتم تداولها عن احتمال دعوة الرياض الرئيس بشار الأسد للمشاركة في القمة مع إرجاء مسألة التصويت على إنهاء تعليق العضوية، مع العلم بأن قرارات الجامعة تتخذ بالإجماع.
وكان رئيس وزراء قطر وزير الخارجية، قال في مقابلة على تلفزيون قطر الرسمي، قبل ساعات فقط من الاجتماع، إن أسباب تعليق عضوية سورية في الجامعة لا تزال قائمة.
وقالت مصادر عربية، إن اجتماع عمان قد يشهد تشكيل لجنة مساعٍ حميدة للحوار مع دمشق حول متطلبات الحل السياسي للأزمة السورية.
وكان الوزير المقداد زار السعودية قبل أيام في أول زيارة رسمية منذ انقطاع العلاقات بين البلدين في بداية الأزمة السورية في 2011. وبعد أيام من إعلان دمشق تعيين سفير في تونس مواكبة لخطوة تونسية مماثلة، زار المقداد أمس الجزائر على أن يتوجه إلى تونس خلال اليومين المقبلين.