«الوطني»: مؤشرات على اعتدال التضخم... والدولار يتأثر سلباً
• انخفاض معدل التضخم الأميركي للشهر التاسع على التوالي إلى أدنى مستوى منذ مايو 2021
تراجع صناع السياسة النقدية بـ «الاحتياطي الفدرالي» الأميركي عن توقعاتهم برفع أسعار الفائدة خلال العام الحالي، بعد أن تسببت سلسلة انهيارات بنكية في حدوث اضطراب بالأسواق الشهر الماضي، مشددين على أهمية اليقظة من احتمال حدوث أزمة ائتمانية قد تؤدي إلى زيادة التباطؤ الاقتصادي وفقاً لمحضر اجتماع الأسبوع الماضي.
ووفقاً لمحضر اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة بتاريخ 21 إلى 22 مارس «أشار العديد من أعضاء «الاحتياطي الفدرالي»، خلال مشاركتهم في اجتماع لجنة السوق المفتوحة، إلى أن الآثار المحتملة للتطورات التي شهدها القطاع المصرفي في الفترة الأخيرة على النشاط الاقتصادي والتضخم، دفعتهم إلى خفض تقييماتهم للنطاق المستهدف لمعدل الفائدة على الأموال الفدرالية الذي سيكون مقيداً بدرجة كافية».
مستويات مستهدفة
وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، انخفض معدل التضخم في الولايات المتحدة للشهر التاسع على التوالي إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ مايو 2021. ووصلت قراءة مؤشر أسعار المستهلكين السنوي إلى 5.0 بالمئة، أي أقل إلى حد ما من التوقعات، لكنها أقل بكثير من القراءة السابقة البالغة 6.0 بالمئة. في حين ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الشهري بنسبة 0.1 بالمئة، فيما يعد أقل من التوقعات وأقل بكثير من القراءة السابقة التي بلغت 0.4 بالمئة.
وفي الوقت ذاته، بلغت قراءة مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي 5.6 بالمئة على أساس سنوي وبنسبة 0.4 بالمئة على أساس شهري، بما يتسق مع التوقعات، ليسجل ارتفاعاً على أساس سنوي مقارنةً بالقراءة السابقة البالغة 5.5 بالمئة.
وعلى الرغم من تراجع ضغوط الأسعار على مستوى المؤشر العام، فإن معدل التضخم الأساسي، أحد أبرز المؤشرات التي يراقبها مجلس «الاحتياطي الفدرالي» عن كثب لتحديد قرارات السياسة النقدية، ما يزال ثابتاً ومترسخاً.
وما زالت الأسواق تتوقع رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة القادم، وفي الوقت ذاته، ارتفعت التوقعات بخفضها بوتيرة أكبر في النصف الثاني من العام، مما أثر سلبا بشدة على مؤشر الدولار الأميركي.
وفي الوقت ذاته، تراجعت أسعار المنتجين بصورة غير متوقعة في مارس، حيث أدى انخفاض أسعار الطاقة إلى تراجع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 0.5 بالمئة في مارس، مقارنة بقراءة فبراير، بعد أن ظل ثابتاً ولم يشهد أي تغيّر من يناير إلى فبراير. ومقارنة بالعام الماضي، ارتفعت أسعار الجملة 2.7 بالمئة في مارس، لتسجل أقل زيادة على مدار 12 شهراً منذ يناير 2021، وبانخفاض هائل مقارنة بالارتفاع السنوي البالغ 4.6 بالمئة في فبراير. وانخفض المؤشر الأساسي بنسبة -0.1 بالمئة على أساس شهري، بينما كشفت القراءة السنوية عن ارتفاع الأسعار بنسبة 3.4 بالمئة، مقابل 4.4 بالمئة في فبراير.
إعانات البطالة
وارتفعت الطلبات المقدمة للمرة الأولى للحصول على إعانات البطالة بواقع 11 ألف طلب، لتصل إلى 239 ألف خلال الأسبوع المنتهي في 8 أبريل، فيما توقّع الاقتصاديون ارتفاع الطلبات إلى 235 ألفا. من جهة أخرى، انخفضت طلبات الإعانة المستمرة، التي تشمل الأشخاص الذين حصلوا على إعانات بطالة لمدة أسبوع أو أكثر، مما يعد مؤشراً جيداً على مدى صعوبة العثور على عمل بعد فقدان وظائفهم، إلى 1.81 مليون طلب خلال الأسبوع المنتهي في 1 أبريل.
مبيعات التجزئة
تراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 1 بالمئة في مارس، بأكثر من الانخفاض الذي توقعه الاقتصاديون البالغ 0.4 بالمئة. وباستثناء أسعار السيارات والبنزين المتقلبة، انخفضت المبيعات بنسبة 0.3 بالمئة. وكان إنفاق المستهلكين قوياً في يناير وفبراير، لكنّ الاقتصاديين يعزون الأداء إلى الطقس الدافئ غير المعتاد الذي عزز إيرادات التجزئة والمطاعم إلى جانب السفر. وكانت مبيعات التجزئة قد تباطأت في أواخر عام 2022، مع توقّع العديد من الاقتصاديين استئناف هذا الاتجاه في ظل استمرار ارتفاع معدلات التضخم ومواصلة رفع سعر الفائدة وتشديد قيود منح الائتمان المصرفي، مما يؤدي إلى الحد من الإنفاق الاستهلاكي.
رد فعل الأسواق
ويشير رد فعل السوق إلى توقعات بمواصلة «الاحتياطي الفدرالي» رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في مايو، إلا أن تشديد شروط الائتمان الناجم عن الضغوط التي تعرّض لها قطاع البنوك أخيراً عزز التوقعات بحاجة «الاحتياطي الفدرالي» لخفض أسعار الفائدة قريباً. وأنهى مؤشر الدولار الأسبوع على انخفاض ملحوظ مقابل اليورو والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري، معوضاً معظم خسائره في ظل استمرار التقلبات التي يعززها عدم وضوح الرؤية في الأسواق.
أما بالنسبة إلى تداولاته مقابل الين الياباني، فقد تمكّن الدولار من إنهاء تداولات الأسبوع دون تغيّر، وذلك بعد جلسة تداول اتسمت بالتقلّب.
من جهة أخرى، أنهت عائدات سندات الخزانة لأجل عامين تداولات الأسبوع عند مستوى 4.10 بالمئة، مواصلةً بذلك الاتجاه الهبوطي الذي اتخذته من أعلى مستوياتها المسجلة في شهر واحد عند 5.0823 بالمئة.
وعلى صعيد الأسهم، ارتفعت المؤشرات الرئيسية، حيث أدت البيانات التي تشير إلى اعتدال الأسعار للحد من القلق بشأن المدى الذي سيستمر فيه «الاحتياطي الفدرالي» رفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم.
أما بالنسبة للذهب، فقد واصل الارتفاع إلى مستويات غير مسبوقة، مع استمرار مخاوف الركود في تحفيز الطلب على الملاذ الآمن، ووسط توقعات بأن مجلس «الاحتياطي الفدرالي» قد بدأ إعادة ضبط مسار رفع أسعار الفائدة. وأنهى المعدن الثمين تداولات الأسبوع عند مستوى 2.004.17 للأونصة. وفي ذات الوقت، تخلّى كل من خام غرب تكساس الوسيط ومزيج خام برنت عن بعض مكاسبهما بنهاية الأسبوع، في ظل استمرار مخاوف الركود، وأنهيا تداولات الأسبوع عند مستوى 82.52 و86.31 دولاراً للبرميل على التوالي.
تراجع مبيعات التجزئة في أوروبابنك كندا يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير للاجتماع الثاني على التوالي
في منطقة اليورو، تقلصت مبيعات التجزئة بنسبة 0.8 بالمئة على أساس شهري، كما كان متوقعاً، إذ انخفض حجم مبيعات التجزئة بنسبة 1.8 بالمئة لوقود السيارات، و0.7 بالمئة للمنتجات غير الغذائية، و0.6 بالمئة للأغذية والمشروبات، وعلى أساس سنوي، انخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 3.0 بالمئة.
وأشارت عدة مصادر إلى أن آراء صانعي السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي متقاربة بشأن رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في مايو. وفي إطار مساعيه لكبح جماح التضخم، رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس على مدار 6 اجتماعات متتالية. وتميل توقعات السوق نحو رفعها بمقدار 25 نقطة أساس في مايو وسط التقلبات التي شهدها القطاع المالي الشهر الماضي، هذا إلى جانب الارتفاعات السابقة لأسعار الفائدة التي لم تؤثر بعد على الاقتصاد، مما يشير إلى أن هذا قد يكون الوقت المناسب لإبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة. وأكدت مصادر أخبارية أن القرار غير مؤكد، حيث لا يزال العديد من أعضاء البنك المركزي الأوروبي، مثل النمساوي روبرت هولزمان، يضغطون لرفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس.
الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة
شهد الاقتصاد البريطاني حالة من الركود، إذ أظهرت أحدث قراءة للناتج المحلي الإجمالي على أساس شهري تغيّراً بنسبة 0.0 بالمئة منذ فبراير، مقابل توقّع النمو بنسبة 0.1 بالمئة. وكان نمو الناتج المحلي الإجمالي لقطاع البناء، الذي يمثّل 6.0 بالمئة من الاقتصاد، بنسبة 2.4 بالمئة، من أبرز العوامل الرئيسية المؤثرة على النمو الاقتصادي في فبراير. لكن الرقم القوي الذي تم تسجيله في شهر يناير (0.3 بالمئة على أساس شهري) منح بريطانيا شريان الحياة، مع توقّع المملكة المتحدة تجنّب الوقوع في براثن الانكماش بالربع الأول من العام، كما توقّع بنك إنكلترا الشهر الماضي، باستثناء انكماش بنسبة 0.6 بالمئة في مارس. وتشير أحدث توقعات صندوق النقد الدولي التي صدرت هذا الأسبوع إلى وقوع بريطانيا في ذيل قائمة الاقتصادات الرئيسية على مستوى العالم من حيث توقعات النمو الاقتصادي عام 2023. ويتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.3 بالمئة.
توقُّف بنك كندا مؤقتاً عن رفع سعر الفائدة
أبقى بنك كندا على سعر الفائدة دون تغيير للاجتماع الثاني على التوالي، مشيراً إلى إن البيانات الأخيرة تعزز الثقة في استمرار تباطؤ التضخم، حيث أبقى صناع السياسة النقدية بقيادة محافظ البنك المركزي، تيف ماكليم، سعر الإقراض لليلة واحدة عند مستوى 4.5 بالمئة، بما يتسق مع التوقعات، مع تأكيد استعدادهم لرفع سعر الفائدة إذا استدعت الضرورة.وقال البنك في بيان «يتوقع البنك أن تتراجع معدلات التضخم وفقاً لمؤشر أسعار المستهلكين بسرعة إلى نحو 3 بالمئة بحلول منتصف العام الحالي، ثم ينخفض بوتيرة تدريجية إلى مستوى 2 بالمئة المستهدف بنهاية عام 2024»، وأرجع البنك تباطؤ وتيرة انخفاض معدلات الفائدة إلى أسعار الخدمات ونمو الأجور.
وكان بنك كندا في السابق أقل تحديداً بشأن موعد وصول التضخم إلى المستوى المستهدف، قائلاً إن ذلك سيحدث في وقت ما من العام المقبل. وفي ذات الوقت، رفع بنك كندا توقعاته للنمو لهذا العام إلى 1.4 بالمئة مقابل 1.0 بالمئة في يناير الماضي.
صندوق النقد الدولي يراجع توقعات النمو
صرح صندوق النقد الدولي بأن معظم الدول ستتجنب الركود، لكنه توقّع تباطؤ وتيرة النمو العالمي هذا العام. وتوقّع صندوق النقد الدولي أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العالمي إلى نحو 2.8 بالمئة لعام 2023، أقل 1 بالمئة من تقديراته في يناير الماضي. ويتوقع الصندوق أن يبلغ معدل التضخم الكلي نحو 7.0 بالمئة هذا العام، مقابل 8.7 بالمئة في وقت سابق، على أن يتراجع أكثر عام 2024 ليصل إلى 4.9 بالمئة.كذلك توقّع أن تنكمش اقتصادات بعض الدول مثل المملكة المتحدة وألمانيا هذا العام، مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3 و0.1 بالمئة على التوالي للبلدين. ومن جهة أخرى، من المتوقع أن تسجل الولايات المتحدة واليابان نمواً متواضعاً في الناتج المحلي الإجمالي، بنحو 1.6 و1.3 بالمئة على التوالي.
وأخيراً، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تكون الصين والهند من بين الاقتصادات الأسرع نمواً عام 2023 بمعدلات نمو يبلغ 5.2 و5.9 بالمئة على التوالي.