شارك جميل راتب في المسلسل الإذاعي «أشياء لا تباع» (1983)، تأليف كمال إسماعيل وإخراج سمير عبدالعظيم، وبطولة مجموعة كبيرة من نجوم المسرح والسينما، منهم فريد شوقي وسميحة أيوب وشريهان وفاروق الفيشاوي وأحمد بدير ووحيد سيف.
نجم الموسم
وكان قد سجَّل ظهوره الأول على الشاشة الصغيرة، عندما رشحه المخرج نيازي مصطفى لدور سجين في المسلسل البوليسي «هروب» (1976)، تأليف مدحت السباعي وبطولة نور الشريف ورجاء الجداوي، وفاروق الفيشاوي ويحيى الفخراني ومحمد وفيق.
وفي العام التالي، شارك في المسلسل الكوميدي «نجم الموسم»، تأليف عبدالرحمن فهمي وإخراج محمد فاضل، وبطولة محمد رضا وهدى سلطان، وجسَّد راتب دور «زهدي بيه علّام»، رجل أعمال يتعاقد مع المجرم «أبو شفتورة» كي يخطف الرجل الشعبي «حنفي الونش» لاعتقاده أن بإمكانه تحويل «الونش» إلى مطرب مشهور خلال ستة أشهر فقط!
صيام صيام
وتتابعت أعمال راتب الدرامية، وفي عام 1980 شارك في مسلسل «صيام صيام» للكانب صالح مرسي والمخرج محمد فاضل، وبطولة مجموعة كبيرة من النجوم، منهم يحيى الفخراني وفردوس عبدالحميد وليلى علوي وآثار الحكيم، وصلاح السعدني وهالة فاخر وعبدالرحمن أبوزهرة.
ويناقش المسلسل مغزى الصوم عن الطعام، من خلال «الأستاذ صيام» الذي يعدِّل كل يوم سلوكًا خاطئًا من سلوكياته المرتبطة بالصيام والمكمِّلة له كفرض، ومنها نتعرف على قيمة الصوم والحكمة الإلهية من فرضه وتحديد مواقيته.
وفي نفس العام، ظهر راتب كضيف شرف في مسلسل «زينب والعرش»، قصة فتحي غانم، وإخراج يحيى العلمي، وبطولة محمود مرسي وسهير رمزي وكمال الشناوي ومحمود المليجي وحسن يوسف وهدى سلطان وصلاح قابيل وعبدالمنعم إبراهيم. ويعد من أفضل الأعمال الدرامية في الثمانينيات، ويدور حول سيدة مصرية تُدعى «زينب» لها جذور تركية، تتزوج في سن صغيرة من رجل بخيل، وتحاول الخلاص منه، وتستنجد بصديقه الصحافي، وتقع وسط صراع كبير بين الجيل القديم الذي أدار المؤسسة قبل ثورة يوليو (1952) والجيل الجديد.
وقال البحر
واتجه راتب إلى عالم التشويق والإثارة في مسلسل «الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين» قصة نجيب محفوظ وإخراج ناجي أنجلو، وبطولة شكري سرحان وأحمد زكي وهالة فؤاد وإيمان سركيس وسعيد عبدالغني، ويدور العمل حول شخصية «رأفت الجوهري» الذي نجح في استرداد أمواله من مراد وزوجته السابقة مايسة، ويفر هاربًا، ويتبعه رجال مراد ويشتبك معهم بالقطار ويصاب برأسه ويفقد الذاكرة ويصبح هائمًا على وجهه، ويظهر بشخصيات مختلفة في أماكن متفرقة.
وتقمص راتب شخصية «الدكتور تيمور» في مسلسل «وقال البحر» (1982)، تأليف أسامة أنور عكاشة وإخراج محمد فاضل، وبطولة عزت العلايلي وإلهام شاهين وفردوس عبدالحميد وصلاح السعدني، ويدور العمل حول سقوط «سالم» في فخ الطمع حينما يعثر على كنز في بئر بقاع البحر، وسرعان ما تتغير حياته ويهرب من بلده، ولكن الماضي ظل يطارده، ويحاول أهالي قريته الوصول إليه، للحصول على حقهم في الكنز.
غدًا تتفتح الزهور
والتقى راتب مع النجمة سميرة أحمد في مسلسل «غدًا تتفتح الزهور» (1984)، تأليف يوسف عوف وإخراج إبراهيم الشقنقيري، وشارك في البطولة محمود ياسين وصلاح قابيل وهالة فاخر. ويدور العمل حول سيدة ناجحة في مجال عملها، وأم لثلاثة أطفال، ولكنها وقعت في خلافات مع والد أبنائها وطلبت منه الطلاق، لتتفرغ لعملها، وتضطر للاستعانة بأحد المُعلمين لمساعدتها في دراسة أبنائها، وتتصاعد الأحداث.
ولعب راتب دور البطولة المطلقة في مسلسل «سكة الصابرين» (1987)، تأليف فتحي سلامة وإخراج حسن سيف الدين. وفي نفس العام شارك في المسلسل الكوميدي الاجتماعي «الزوجة أول من يعلم» تأليف نبيل عصمت وإخراج فايز حجاب وبطولة حسين فهمي وميرفت أمين وشهيرة وأبوبكر عزت.
وجه القمر
وقد شارك الفنان الكبير في نحو 20 عملًا دراميًا خلال العقدين الأخيرين، منها مسلسل «وجه القمر» (2000)، وجسّد فيه دور «كريم أبوالعز» أمام النجمة فاتن حمامة وأحمد رمزي ووائل نور وحسن حسني وأحمد الفيشاوي ونيللي كريم وغادة عادل، وكتبت السيناريو ماجدة خيرالله، وإخراج عادل الأعصر.
ويدور «وجه القمر» حول «ابتسام البستاني» مذيعة تلفزيونية متزوجة من رجل الأعمال «كريم أبوالعز»، ويظهر من جديد زوجها اﻷول «مصطفى قورة» الذي ظنت أنه توفي في حادث تفجير في لبنان أثناء الحرب الأهلية، وتكتشف أنه لم يمت في الحادث، وتتصاعد الأحداث.
وفي العام ذاته، شارك راتب مع خالد زكي وهالة فاخر في المسلسل الفانتازي «دنيا عجب»، تأليف بسيوني عثمان وإخراج يوسف شرف الدين، وتدور قصته حول شاب يوهم الجميع بأن له شقيق توأم يختلف عنه في كل صفاته، حتى يتمكن من معرفة ردود فعلهم ونواياهم تجاهه.
أبواب الخوف
وخاض راتب مغامرة درامية في مسلسل الرعب «أبواب الخوف» (2011)، تأليف محمد دسوقي وإخراج أحمد خالد، وبطولة عمرو واكد وبيومي فؤاد وأمير كرارة، وتدور أحداثه حول الصحافي والمترجم «آدم ياسين» المولع بالقصص المثيرة والمرعبة عن علاقة الإنسان بالعوالم الأخرى، ويبحث في كل حلقة عن أسرار حادثة أو واقعة غريبة مر عليها سنوات طويلة.
وفي عام 2016 شارك راتب في المسلسل الكرتوني «حبيب الله»، تأليف محمد هلال وإخراج أحمد حسن، وجسّد دور «الراوي» باللغة الفرنسية أمام جلال الشرقاوي، الراوي باللغة العربية، وعزت أبو عوف، الراوي باللغة الإنكليزية، ومجموعة من النجوم منهم سوسن بدر وأشرف عبدالغفور وأحمد راتب، ويتناول العمل الصورة الصحيحة للإسلام من خلال عرض أخلاقيات الرسول الكريم.
تزوج جميل راتب مرة واحدة من السيدة الفرنسية مونيكا مونتيفير، وجمعت بينهما قصة حب، وكانت تعمل مديرة مسرح الشانزليزيه، كما أنها ممثلة ومنتجة مسرحية، ولها نشاطات إنسانية كثيرة، لكنهما لم يرزقا بأبناء، وبعدها لم يفكر في الزواج وكرّس حياته من أجل الفن. وكان عندما يذهب إلى باريس يقوم بزيارتها في بيتها الريفي لأنهما بعد فترة من الزواج كانا شبه منفصلين، ولكنه كان يكن لها احترامًا كبيرًا، وظلت صداقتهما ممتدة حتى النهاية.
وتناثرت الشائعات أن لدى راتب ابنة مختفية عن الأنظار، ولكنه نفى ذلك في مقابلة تلفزيونية، وأكد أنه لم يتزوج إلا مرة واحدة، ولم ينجب من زوجته «مونيكا» وبعد انفصالهما، أضرب عن الزواج، ولم يفكر بعدها في الإنجاب على الإطلاق.
وفي الآونة الأخيرة، ظهرت برفقة جميل راتب سيدة تشبهه تمامًا تُدعى ريري راتب وتجددت الشائعات مرة أخرى، ورجح البعض أنها ربما تكون ابنة للفنان الراحل، خاصة أن السيدة وجميل راتب نفسه، رفضا التعليق على تلك الادعاءات.
لكن ريري راتب خرجت عن صمتها عقب إعلان رحيل جميل راتب في وذكرت في تصريحات صحافية، إنها مجرد قريبته، وتعتبره بمثابة عمها، وأنهما يتمتعان بعلاقة عائلية وثيقة، وكانت تحرص على زيارته والاطمئنان عليه وعلى صحته من وقت لآخر.
اقترن جميل راتب بلقب «الأرستقراطي» واعتقد قطاع كبير من الجمهور أنه يعيش في ثراء، كما هو شائع عن نجوم الفن، وتكشفت الحقائق بعد رحيله، عندما ذكر هاني التهامي، الذي كان يتولى إدارة أعمال الفنان الراحل، لمدة 15عامًا، أن راتب عاش حياة قوامها الأساسي «الستر والبساطة»، ولم يكن يملك أي عقارات أو سيارات أو أموال، وخلال السنوات الأخيرة من حياته باع منزله في أحد الأحياء بالقاهرة، واستبدله بمنزل مستأجر، واسترده صاحبه بعد وفاة راتب مباشرة.
المحطة الأخيرة
شهد العام الأخير من حياة جميل راتب، مواقف عدة أثبتت أن هذا الفنان الاستثنائي مغرم إلى أقصى حد بالتمثيل، بل إنه من الفنانين القلائل على مستوى العالم الذين استمر إبداعهم بعد عمر التسعين، مثل نجوم هوليوود روبرت دوفال وكلينت ايستوود وكريستوفر بلامر وإيلي ولاك.
وفي مارس 2018، ظهر جالسًا على كرسي متحرك أثناء تكريمه في مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، وظل «الجنتلمان» حاضرًا بأدائه المتوهج حتى اللحظات الأخيرة، رغم أنه لا يتمكن من السير جيدًا، وامتزج التمثيل بالحقيقة، حين ظهر جالسًا على نفس الكرسي المتحرك كضيف شرف في مسلسل «بالحجم العائلي» الذي عُرض على الشاشة الصغيرة في مايو 2018، بطولة يحيى الفخراني وميرفت أمين، وإخراج هالة خليل.
وفي سبتمبر من نفس العام، تعرض جميل راتب لمتاعب صحية، وأصبح بحاجة للبقاء في المستشفى تحت الرعاية والمتابعة المستمرة، ولكنه فقد صوته فجأة، ما أثر في حالته النفسية، ولم يستطع الأطباء أن يفعلوا شيئًا بسبب تقدمه في العمر.
ورحل سفير السينما المصرية في 19 سبتمبر 2018، عن عمر ناهز 92 عامًا، وكان قد أوصى بدفنه في مصر، وأن تُقام له جنازة فقط، وألا يقام عزاء، ولكن نقابة المهن التمثيلية المصرية أقامت عزاء له حضره عدد قليل من رموز الوسط الفني، منهم أشرف زكي نقيب الممثلين، وانطوت رحلة فنان عاشق لوطنه، وسار عكس التيار من العالمية إلى المحلية.
أبرز كلمات الرثاء في وداع «سفير السينما»
توالت كلمات الرثاء في وداع الفنان جميل، بعد رحلة فنية طويلة ومتميزة، وكتبت السفارة الفرنسية، على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «رحل هذا الممثل الكبير الفرنسي - المصري الجنسية. وكانت حياته المهنية التي جابها بين ضفتي المتوسط ترمز وحدها إلى الطابع الوثيق في العلاقات بين فرنسا ومصر، في المسرح كما في السينما، إن كاريزما جميل راتب تجعله فنانًا لا يمكن نسيانه».وتقدمت السفارة الأميركية في القاهرة بنعي رسمي على حسابها الرسمي بموقع «تويتر»، جاء فيه: «بالإضافة إلى عمله الاستثنائي في السينما المصرية، يتذكره الأميركيون باعتزاز من دوره في فيلم (لورانس العرب)».
ووصف المخرج محمد فاضل، الفنان الراحل بأنه «مثقف وصاحب شخصية متفردة، وأنه استطاع بعد عودته من فرنسا عام 1974 أن يُوجِد لنفسه مكانًا خاصًا به في الدراما التلفزيونية المصرية خاصة، وتعاونا معًا في عدة أعمال، منها (أحلام الفتى الطائر)، و(نجم الموسم)، و(صيام صيام)، و(وقال البحر)، و(الراية البيضا)، وعلى الرغم من أنه عاش في فرنسا مدة طويلة، لكنه كان أول الملتزمين بالحضور إلى موقع التصوير».
وقال الفنان محمد صبحي: «جميل راتب أبي الحبيب وصديقي الحميم وفناني المفضل، عرفته إنسانًا وفنانًا عظيمًا لم يأخذ حقه، وربما بذهابه يتذكرون تكريمه الحقيقي، رحل ومعه أطيب سيرة وأعظم تاريخ وإنجاز إنساني، ولا متعة للفن بعده».
ونعته الفنانة هند صبري قائلة: «كان لي شرف العمل معه في فيلم (جنينة الأسماك).. رُقي وبساطة وإتقان وثقافة.. إنه من الفنانين النادرين الذين تحدوا الحدود وعملوا مع مخرجين عرب وعالميين، وبلغات ولهجات متعددة».
بطل «الكيف» ضيف شرف في نسخة الفيلم الدرامية
تمتع الفنان جميل راتب بنظرة ثاقبة في انتقاء أدواره، لذا رفض المشاركة في الكثير من الأعمال خلال سنوات عمره الأخيرة، من منطلق أن هناك دخلاء على السينما، بخلاف ظهور منتجين يعملون من أجل التجارة والربح وليس حبًّا للفن.وكانت مقتنعًا بأن تحويل الأفلام القديمة الناجحة إلى أعمال درامية تلفزيونية، نوع من الإفلاس الفني، وحين عُرض عليه المشاركة في مسلسل «الكيف» (2016) بعد سنوات من اشتراكه في النسخة السينمائية، رفض الأمر بشدة، ولكن المخرج محمد النقلي عرض عليه السيناريو، ووجد أن هناك تطورًا كبيرًا في الشخصيات المُقدَّمة، وربطها بالتغيرات الطارئة على المجتمع المصري، ورحب بالظهور كضيف شرف في المسلسل.