في عام 1975 قدّم "جنون الشباب”، و”الحب تحت المطر”، ثم قرّر الابتعاد لعدة سنوات حتى عاد من خلال فيلم "حكاية وراء كل باب” (1979)، ثم غاب مرة أخرى، وعاد للسينما عام 1995 مع "قط الصحراء”، وشارك في العام التالي بفيلم "الوردة الحمراء” ومسلسل "وجه القمر”، وكان آخر أعماله مسلسل "حنان وحنين” عام 2007 مع صديق عمره الفنان العالمي عمر الشريف.
وطرق الولد الشقي أبواب السينما العالمية، حين شارك عام 1962 في الفيلم الإيطالي "ابن سبارتاكوس”، بطولة ستيف ريفز وإخراج سيرجو كوريوتشي، وواجه رمزي هجومًا شديدًا من النقاد، لظهوره في مشهدين فقط، وموافقته على وضع اسمه علي ملصق الفيلم في الترتيب الثالث، ما شكّل صدمة لجمهوره، واعتبروا أنها خطوة غير موفقة للنجم المصري، وذكر الأخير أن المخرج قام بتصوير لقطات كثيرة، ولكنهم أزالوها لاحقًا في المونتاج.
وكان معروفًا عن الفنان أحمد رمزي أنه شديد الخجل تجاه الغرباء أو الحوارات التلفزيونية التي يتواجد فيها الجمهور، وكان ذلك من أهم أسباب ابتعاد نجم الشاشة عن مغامرة التمثيل المسرحي.
الحياة المبكرة
وُلِد أحمد رمزي واسمه الحقيقي رمزي محمود بيومي مسعود، في 23 مارس 1930، لأسرة ثرية بمدينة الإسكندرية الساحلية، وكان والده طبيبًا وأمه أسكتلندية تدعى هيلين مكاي، وتلقى الصبي المدلل أول صدمة في حياته، وكانت عام 1939 حين فقد والده كل ثروته، وأودت تلك الكارثة بحياته، وأصبحت الأسرة تعاني ظروفًا صعبة، واضطرت والدته للخروج إلى العمل، إلى أن تمكّن شقيقه الأكبر من إنقاذ الموقف، وأن يحل محل الأب في العائلة.
واختلفت حياة الفتى المدلل عن حلم والده بأن يصبح هو الآخر طبيبًا، فقد ترك كلية الطب بعد ثلاث سنوات، واتجه للدراسة في كلية التجارة، وكان شابًا رياضيًا يمارس لعبة الملاكمة، وقادته المصادفة ليصبح نجمًا سينمائيًا.
في ذلك الوقت، ارتبط أحمد رمزي بصداقة قوية بزميل الدراسة عمر الشريف منذ فترة الصبا والشباب، وكان الأخير قد بدأ مشواره الفني، بينما رمزي تناسى تجربته الأولى مع التمثيل، عندما كان طالبًا في مدرسة "فيكتوريا كوليدج” وظهر بدور خادمة في سن 16 عامًا في مسرحية بقاعة "مسرح برنارد شو”.
وذات يوم كان رمزي والشريف يلعبان البلياردو في "نادي القاهرة”، وأثناء تواجدهما معًا دخل المخرج حلمي حليم للاتفاق مع الشريف على بطولة فيلم "أيامنا الحلوة”، وحين شاهد رمزي، وجد فيه صفات الشاب الذي يصلح للعديد من الأدوار السينمائية.
وبالفعل أسند له دورًا في الفيلم مع صديقه عمر الشريف والفنانة فاتن حمامة، والوجه الجديد وقتها عبدالحليم حافظ، وعُرض "أيامنا الحلوة” عام 1955، وحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، لتبدأ بعدها رحلة النجومية والتألق الفني للفنان الذي لُقب بـ”الولد الشقي”، وأصبح لفترة طويلة أيقونة للشباب والوسامة والشقاوة، ومن أعلى النجوم أجرًا في فترة الستينيات.
جواز في خطر
طاردت رمزي شائعات الحب، وتسببت له في أزمات أسرية كثيرة، وكان قد تزوج ثلاث مرات، الأولى عام 1956 من عطية الله الدرملي ابنة الأسرة الأرستقراطية ووالدة ابنته باكينام، والثانية كانت زيجة قصيرة لم تستمر سوى أيام من الفنانة نجوى فؤاد، التي حكت تفاصيل تلك الزيجة بعد أكثر من 60 عامًا في لقاء تلفزيوني.
وكان رمزي يشارك مع نجوى فؤاد بطولة فيلم «جواز في خطر» (1963)، ووقتها كان قد انفصل عن زوجته عطية الله الدرملي، بينما انفصلت نجوى عن زوجها قائد الفرقة الماسية أحمد فؤاد حسن، وعرض رمزي عليها الزواج، فوافقت من دون تردد، وعقد قرانهما بعيدًا عن الأضواء.
وبعد الطلاق، استمرت الصداقة بينهما، وتشاركا في بعض الأفلام السينمائية، وبعد سنوات طويلة، دخلت نجوى فؤاد في خلاف مع الفنان عمر الشريف، حين عبَّرت عن رأيها في أدائه بفيلم «الأراجوز» (1989)، فقال لها: «إيش فهمك إنت في السينما؟» فغضبت منه بشدة، وفي اليوم التالي، هاتفها أحمد رمزي، وطلب منها أن تأتي لمنزله لأنه مريض، وفور دخولها فوجئت بوجود الفنان العالمي، واعتذر لها عمّا بدر منه في لحظة غضب.
شائعات الحب
استأنف رمزي حياته الزوجية مع زوجته الأولى عطية الله الدرملي، التي تزوجها بعد قصة حب كبيرة، لكن عندما سُئل عن حياته الزوجية وهل هي حياة سعيدة كان جوابه: "غاوية نكد وأنا عارف إنها بنت حلال وطيبة، لكن المصيبة أن أحب هواية لها هي نبش الذكريات المؤلمة”، وحاول رمزي كثيرًا أن يستقر مع زوجته وابنته باكينام، لكن دائمًا ما كانت زوجته تفتح الدفاتر القديمة لتقلب في سجلات مغامراته وزلاته العاطفية، فيثور ويغضب ويخرج من البيت أو يرمي يمين الطلاق، وانتهى زواجهما بالانفصال الأخير.
وتزوج أحمد رمزي من المحامية اليونانية نيكول، وأنجب منها ابنته نائلة، وابنه نواف، الذي وُلد مصابًا بإعاقة ذهنية، وكان أكثر أبناء الفنان قربًا لقلبه، واستمر زواجه من نيكول حتى رحيله.
وفي حوار لمجلة "الموعد” أجراه عام 1963، تحدث رمزي عن حياته العاطفية والزوجية، وذكر أنه قام بعملية حسابية لإحصاء عدد شائعات الحب التي التصقت به فوجدها أكثر من 200 شائعة خلال ثلاثة أشهر فقط!
ومن بين هذه الشائعات التي لا أساس لها من الصحة هي علاقة عاطفية بينه وبين صديقة عمره وزوجة صديقه الفنانة فاتن حمامة. وتسببت هذه الشائعة في فترة قطيعة بين الولد الشقي وعمر الشريف دامت لفترة حتى تصالحا من جديد.
الفن والإفلاس
في عام 1978 قرّر الفنان أحمد رمزي الانسحاب من الساحة الفنية، والعمل في بناء السفن، وقام بالفعل ببناء سفينة عملاقة، وبعد أن باعها، أراد أن يتوّسع في عمله فاقترض من البنوك، ولحظه العاثر اندلعت حرب الخليج، وخسر كل أمواله وصدرت أحكام بحبسه، فهرب من مصر هو وأسرته إلى الخارج خوفًا من المثول خلف القضبان.
وبعد عشر سنوات عاد رمزي وأسرته من الخارج، واستطاع تسوية أوضاعه المالية، لكنه أصبح مفلسًا، فعاد للعمل الفني مجددًا، وشارك في أعمال قليلة.
ورحل الولد الشقي بعد حياة حافلة بالحب والفن والغيرة والشائعات، إثر جلطة دماغية بعد سقوطه على أرضية حمّام منزله نتيجة اختلال توازنه، أثناء قيامة بالوضوء استعدادًا لصلاة الفجر، وخلت جنازته من نجوم الفن، باستثناء أحمد السقا وخالد صالح سليم ابن صديق عمره نجم الكرة الراحل صالح سليم.
قصة القلم المفقود تحت عجلات القطار
ظل أحمد رمزي يتذكر طوال حياته مرحلة الطفولة في حواراته، وأنه لا ينسى قصة "القلم الباركر” الذي أهدته له والدته، حين كان طالبًا بمدرسة "فيكتوريا كوليدج” في الإسكندرية، ويزور أسرته في القاهرة بين الحين والآخر، واتفقت معه والدته، على أن تمنحه هدية قيمة، حال حصوله على المركز الأول، واجتهد للحصول على الهدية.وذات مرة أرسلت والدته، تقول له إن شهادته وصلتها، وأنها فرحت بتفوقه وأعدت له هدية فاخرة، يحصل عليها في الإجازة القريبة، وبدأ في تخيلها، وكانت فرحته كبيرة بعد وصوله إلى منزله ووجد الهدية قلمًا من نوع "باركر” الفاخر، الذي كان استخدامه وقتذاك حكرًا على أبناء الوزراء والأمراء في المدرسة، وظل يشكر والدته على الهدية.
وأثناء عودته من الإجازة للمدرسة، وأثناء استقلاله القطار، متباهيًا بالقلم بين زملائه، وبينما كان القطار يعبر محطة طنطا (شمال غرب القاهرة)، وقع ما لا يُحمد عقباه، إذ سقط القلم منه أثناء متابعته لمشهد سير القرويين على ظهور الأبقار، فظل يصرخ ويطلب من مشرف الرحلة، النزول والتقاط القلم ولكن القطار تحرك، وظل يتوسل بطريقة هيسترية لكن طلبه المستحيل قوبل بالتجاهل.
وبعد وصوله إلى الإسكندرية، هاتف والدته باكيًا، وصوته يتحشرج من شدة الخوف والحزن لفقد أغلى هدية في حياته، وأخبرها رمزي بالمكان الذي سقط فيه القلم الباركر، وطلب منها الاتصال بوزير المواصلات لوجود صلة قرابة بينه وبين عائلة والده. وهدأت والدته من روعه، ووعدته بالبحث عن القلم المفقود.
وسخر منه زملاؤه في المدرسة لانتشار قصة وزير المواصلات الذي سيترك مهام منصبه، ليبحث بنفسه عن قلم الطالب أحمد رمزي، لكنه كان لديه إيمان عميق بالعثور على القلم.
وبعد أيام، فوجئ رمزي بطرد أرسلته والدته، وبداخله القلم الباركر، مع رسالة منها تقول له فيها إن وزير المواصلات عثر على القلم المفقود، فأصبح فخورًا بقلمه بين زملائه في المدرسة.
وبعد ثلاثة أعوام، وعندما كبر أحمد رمزي، عرف حقيقة القصة وأخبرته والدته، أنها اشترت له قلمًا آخر غير القلم المفقود حتى لا يحزن، وأنه من غير المعقول أن يترك وزير المواصلات مشاغله كي يبحث عن قلم تلميذ حتى إن كان هذا القلم الباركر غالي الثمن.
40 جنيها أول أجر تقاضاه في «أيامنا الحلوة»
كشف الفنان الراحل أحمد رمزى، خلال أحد البرامج التلفزيونية عددًا من الأسرار الخاصة عن مسيرته الفنية، وقال إن أول أجر حصل عليه كان 40 جنيهًا، وبمرور الوقت وصل إلى ألف جنيه، وذلك خلال تصويره فيلم "هي والرجال” (1965) مع الفنانة لبنى عبدالعزيز وأحمد مظهر.وأصبح رمزي من أعلى النجوم أجرًا، وظل اسمه يتصدّر ملصقات الأفلام، ولكن مع ظهور جيلٍ جديد من النجوم، منهم محمود ياسين ونور الشريف وحسين فهمي، آثر الفتى الوسيم الابتعاد عن السينما في منتصف السبعينيات، حتى لا يقدّم تنازلات فنية، وشارك بعدها في أعمال قليلة منها "قط الصحراء” (1995)، مع الفنانة نيللي ويوسف منصور.
عاشق السينما يحاول الانتحار في مزرعة الخراف!
كان الفنان أحمد رمزي معروفًا بشقاوته المفرطة في فترة الطفولة، وذكر في مقابلة صحافية أنه حاول الانتحار شنقًا وهو في سن العاشرة، حين أراد أن يقلِّد أفلام رعاة البقر والسفاحين التي كانت تستهويه، فذهب إلى كوخ أحد رعاة الخراف على نهر النيل، وانتهز فرصة عدم وجود صاحب الكوخ، وأمسك بمجموعة من الحبال، وحاول شنق نفسه وجرحت رقبته وسالت منها دماء غزيرة، لكنه نجا من الموت بأعجوبة.نيكول تكشف أسرار زوجها الراحل
كشفت السيدة نيكول زوجة الفنان أحمد رمزي بعض أسراره الشخصية، بعد رحيله ومنها أنه كان يعشق العُزلة والوحدة، ويحب الهدوء والبساطة بعيدًا عن أضواء الشهرة، وكان النجم الوحيد في مصر الذي يقضي فصل الشتاء في الساحل الشمالي.وذكرت نيكول أن زوجها الفنان الراحل لم يكن يحب الحديث في السياسة، وكان يكره البيزنس ولا يحب أن يضيع وقته في السعي وراء المال، ويعشق شرب الشاي وتناول الأيس كريم بصحبتها.
وعن تفاصيل قصة حبها مع الولد الشقي، قالت: "أول مرة رآني كان في عيد ميلادي الـ 16في بيتنا بضاحية الزمالك في القاهرة، ووقتها كان والدي أقام حفلة صغيرة، وأحمد رمزي حضر مع بعض أصحابه، ولم يكن والدي يعرفه ولا أنا أيضًا، وابنة عمي كانت معجبة به جدًا، لكني لم أكن قد شاهدت أفلامه”.
وأوضحت نيكول أنها أكملت دراستها بعد ذلك، ولم تره وسمعت أنه تزوج ثم طلق زوجته لاحقًا، وشاءت الأقدار أن يتقابلا مجددًا ليتزوجا ويظلا معًا لمدة 45 عامًا.
وكشفت زوجة الفنان الراحل أن فتحة القميص التي تميَّز بها رمزي في أفلامه لم تكن شقاوة مثلما قال البعض، بل كانت تعبيرًا عن فنان وإنسان فتح قلبه للحياة وللعالم.