هشام سليم... لحظات حرجة مع الحرمان والسرطان

• لجأ إلى المحاكم لرؤية بناته ودعم إحداهن في تحولها إلى ذكر

نشر في 20-04-2023
آخر تحديث 19-04-2023 | 16:03
انطلق الفنان المصري هشام سليم إلى عالم الشهرة، وظهر على الشاشة لأول مرة في سبعينيات القرن الماضي، وسطعت موهبة الفتى الصغير في التمثيل، وحقق نجوميته في السينما والمسرح والدراما التلفزيونية، وتخللت حياته لحظات حرجة، وكابد محنة مرضه الأخير، وودع جمهوره في 22 سبتمبر من العام الماضي، وعمره 64 عامًا. ترك النجم هشام سليم رصيدًا كبيرًا من الأعمال الفنية المتميزة، وكان على موعد مع الأضواء والشهرة في بداية مشواره الفني، ولفت الأنظار بدور الفتى المتمرد في فيلم «إمبراطورية م» (1972)، إخراج حسين كمال، حين رشحته للدور صديقة العائلة النجمة فاتن حمامة، ثم التقى مع سيدة الشاشة العربية في أعمال أخرى منها فيلم «أريد حلًا» (1975)، وشارك في بطولته رشدي أباظة وليلى طاهر وأمينة رزق وإخراج سعيد مرزوق، و«أرض الأحلام» (1993) للمخرج داود عبدالسيد، وشارك في البطولة يحيى الفخراني وعلا رامي ويوسف داود ومحمد توفيق. وفي عام 1976 أسند إليه المخرج يوسف شاهين دور «إبراهيم» الفتى الحالم بالسفر، في فيلم «عودة الابن الضال»، وشارك في البطولة شكري سرحان وهدى سلطان ومحمود المليجي وسهير المرشدي، والمطربة الصاعدة ـ آنذاك ـ ماجدة الرومي.

توالت رحلة سليم في فضاء التمثيل، ومن أبرز أعماله في الدراما التلفزيونية، مشاركته في أعمال الكاتب أسامة أنور عكاشة «ليالي الحلمية» و«الراية البيضاء» و«أرابيسك» و«امراة من زمن الحب» و«المصراوية»، وظهر للمرة الأخيرة على الشاشة الصغيرة في مسلسل «هجمة مرتدة» مع أحمد عز وهند صبري والمخرج باهر دويدار، وعرض العمل في شهر رمضان الماضي.

رسالة تعزية أدخلته في قصة حب انتهت بزواج أغرب من الخيال

ابن المايسترو

جاء مولد هشام سليم يوم 27 يناير 1958، في القاهرة، ووالده صالح سليم نجم كرة القدم ورئيس النادي الأهلي الأسبق، والشهير بلقب «المايسترو» وكان يتمتع بشخصية كارزمية، وورث الابن عن أبيه الكثير من صفاته، وأسلوبه الحازم في التعامل مع الآخرين.

وساهمت نشأة ابن المايسترو في تعلقه بالفن منذ طفولته، فقد توطدت الصداقة بين والده وعدد من نجوم السينما، منهم الفنان العالمي عمر الشريف والنجم أحمد رمزي، وكذلك شارك نجم الكرة في بطولة عدة أفلام سينمائية، أشهرها «الشموع السوداء» (1962)، مع المطربة نجاة الصغيرة، والمخرج عزالدين ذوالفقار، و«الباب المفتوح» (1963) أمام النجمة فاتن حمامة وإخراج هنري بركات.

واقتحم هشام سليم عالم التمثيل، وكانت البداية من مسرح المدرسة، وفي ذات الوقت حرص على الانتظام في الدراسة، والنجاح بدرجات عالية، وكان والده يرفض اتجاهه للفن، وبعد تخرجه في كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، تابع دراسات حرة للأداء التمثيلي في الأكاديمية الملكية البريطانية بلندن، وتحوّل من الهواية إلى الاحتراف، وأثبت موهبته، وفرض اسمه على الساحة الفنية.

وبرع هشام سليم في تجسيد شخصيات متباينة، وقدرته على انتقاء أدواره في كل مراحل عمره، واقترن اسمه بأهم الأعمال السينمائية والدرامية، ورفض الكثير من الأعمال دون المستوى، واستطاع بتلقائيته في الأداء أن يلامس وجدان وعقل المشاهدين، وحقق المعادلة الصعبة بين النجومية والإبداع المتميز.


مع زوجته الثانية نادية الغالب مع زوجته الثانية نادية الغالب

طالب بتعديل قانون الأحوال الشخصية بسبب معاناته في لقاء ابنتيه زين وقسمت

رحلة الحرمان

تزوج الفنان هشام سليم مرتين خلال حياته، الأولى من سيدة تُدعى ميرفت النحاس، وأنجب منها ثلاث بنات (نورا، وزين الشرف، وقسمت)، وانفصلا بعد 14 عامًا، وبدأ رحلة المعاناة بين قضايا ومحاكم، لإثبات حقه في رؤية بناته.

وظلت أسباب الحرمان غامضة، وفسرها البعض بأنها تداعيات لخلافاته مع زوجته السابقة، وكان دائمًا يتحدث في هذا الأمر خلال اللقاءات التلفزيونية، وفي عام 2013، بكى أثناء ظهوره في برنامج «جملة مفيدة»، مع الإعلامية منى الشاذلي، حين طلبت منه توجيه كلمة لبناته اللواتي لم يرهن منذ عام ونصف العام.

وتحدث موجها كلامه لابنتيه زين وقسمت، قائلًا إنه على استعداد أن يعطيهن روحه، وأن المال ليس كل شيء، وأشار إلى أن ابنته نورا تعيش معه وذلك بعد أن كانت شديدة الإلحاح بالسؤال عن والدها «فرموها لي»، أما زين وقسمت فتم تربيتهما على شاكلة أخرى.

وأفصح لأول مرة عن وجود مشكلات مع زوجته الأولى، وأنها حرمته من بناته، بدعوى أنه شخص عصبي، ومتقلب المزاج، ما سبب له آلاما نفسية شديدة، وكانت تلك أصعب محنة واجهها كأب، وتعاطف معه المشاهدون، واضطر لرفع قضية رؤية، وتم الحكم فيها لصالحه، والسماح له برؤية بناته ثلاث ساعات أسبوعيًا.

واستمرت معاناة الأب هشام سليم، حتى أنه في عام 2017، طالب بتعديل قانون الأحوال الشخصية، بسبب معاناته في لقاء ابنتيه زين الشرف وقسمت، بعد أن حرمته طليقته منهما ولم يعرف عنهما شيئاً.

وخلال ظهوره مع الإعلامي الراحل وائل الإبراشي، قال إنه كان يرى ابنتيه لمدة ثلاث ساعات أسبوعيًا في مكان محدد ويمضي على أوراق وإقرارات في كل مرة يقابلهما فيها، وبعد عدة مرات التقى بهما بهذه الطريقة، شعر أن الأمر مهين له ولهما فتوقف عن ذلك.

واقترح تحسين قوانين الأحوال الشخصية، وأن يكون للطرفين الحق في حضانة الأبناء، كأن يجلس الأولاد لمدة 6 أشهر مع الأم، و6 أشهر مع الأب، لاسيما أن الكثير من الآباء يعانون بسبب القوانين، وأن مدة الثلاث ساعات غير كافية لكي يعرف الأب كل شيء عن أولاده.

سر بكاء نجم الدراما على الشاشة في برنامج تلفزيوني

الزوجة الثانية

وتزوج هشام للمرة الثانية من السعودية نادية الغالب، وبدأت قصة زواجهما من خلال رسالة تعزية إلكترونية، وجهتها له بعد وفاة والده صالح سليم يوم 6 مايو 2002 وعبرت نادية بإحدى الرسائل لهشام استعدادها للزواج منه في الجنة.

وسرد الراحل هشام سليم تفاصيل قصة الحب التي جمعته بنادية الغالب في العديد من البرامج التلفزيونية، وأن زواجهما أغرب من الخيال، واستمر لأكثر من 15 عامًا، حيث تزوج منها عام 2004 عقب وفاة والده بعامين فقط.

وجاء الأمر عن طريق المصادفة حيث تلقى في عام 2003 رسالة على البريد الإلكتروني الخاص به من امرأة تُدعى نادية في ذكرى رحيل والده، تقول فيها: «الله يرحم الوالد، أنت ماتعرفنيش لكن إحنا قرايبك في السعودية». وعقب هشام: «أنا عارف أننا عندنا عائلة في السعودية، لكن لا أعلم سوى من يأتون لزيارتنا في القاهرة». ثم تكررت المحادثات بينهما لفترة طويلة إلى أن أعجب هشام بها وبشخصيتها عن طريق البريد الإلكتروني فقط، وعند نزولها مصر مع أسرتها قرر التقدم للزواج منها.

وعلى نحو مفاجئ، انفصل سليم عن زوجته الثانية، بسبب معاناتها من بعض المشكلات الخاصة، وعودتها إلى بلادها، فكان قرارهما بضرورة الطلاق، الذي تم بهدوء تام، وظل كلاهما يكن للآخر التقدير والاحترام. وظل الفنان الراحل يذكرها بالخير، وأنها سيدة تتصف بالنقاء والطيبة والوفاء.

تفاصيل الأيام الأخيرة في صراعه مع محنة المرض اللعين


في طفولته مع شقيقه ووالدهما صالح سليم في طفولته مع شقيقه ووالدهما صالح سليم
الابن نور

واجه هشام سليم أزمة عصيبة في عام 2020، وأثار الفنان وابنته نورا الرأي العام المصري، بسبب إعلانه إجراء ابنته عملية تحويل جنسي لتصبح ذكرًا، وتغيير اسمها إلى «نور».

ودعم سليم ابنته وساندها خلال إجراء عملية التحوُّل الجنسي لتستطيع أن تتجاوز هذه المرحلة الصعبة التي عاشتها في سبيل انتقالها إلى عالم الذكور، ولم يعارضها في هذا القرار وتقبله لأنه كان مدركًا أن جسدها منذ ولادتها أشبه بأجساد الذكور.

وبدأت القصة عندما صارحت نورا والدها بأنها تعيش في جسم غير جسمها، وأنها تشعر بشيء غريب، وبالفعل قامت نور بعملية تحويل جنسي، وأصبحت رجلًا اسمه نور هشام سليم، ولكنه تعرّض للكثير من الهجوم، واتهمه الكثير من الناس بالشذوذ الجنسي، وتعرض للإيذاء النفسي.

وخرج الأب عن صمته، وطلب من الناس أن ترحم ابنه «نور» وتكف عن حملات التطاول عليه، وبعد أن هدأت عاصفة الهجوم، ترددت شائعات عن زواج نور من قريبة إحدى الفنانات الشهيرات، من دون أن ينفي الخبر، ولا يزال يسعى لإثبات تحوله إلى ذكر في الأوراق الرسمية.

وظهر سليم مع ابنه في شريط فيديو، وأعلن نور تمسّكه بالجنسية المصرية، قائلًا: «أنا مصري وسأظل مصريًا ولا أرغب في ترك البلد وإذا الناس في مصر كرهتني واضطررت لأترك البلد فأنا عائلتي وأخواتي الصغار سيظلون هنا، وأنتم لأنكم تكرهونني بوظتوا (أفسدتم) حياتي»، ليرد سليم: «لا، لا يكرهونك»، ويعود ويستكمل نور: «حاولوا أن تفهموني.. لا تكرهونني من دون أن تعرفوني».

وعن رفضه استشارة طبيب نفسي بسنوات طفولة نورا، قال هشام سليم: «كنت أخشى أن يتعرض نور لسماع كلمات حول الهرمونات ومسائل أكبر من سنه، وقلت لنفسي ستأكد حين يكبر، وكنت أصر أن أقف بجواره حتى يجد طريقه الذي يرغب في السير به».

بعث الأب برسالة حب ودعم إلى ابنه نور، قال فيها: «أنا أحبك وسأظل أحبك، أنت ابني... الحياة صعبة وتحتاج لرجل وشخصية وهدف أنت تحققه».

ابن نجم الكرة المصرية يودع جمهوره في «هجمة مرتدة»

المرض والكبرياء

بدأت معاناة هشام سليم مع مرض السرطان في يوليو من العام الماضي، وفضل الابتعاد عن الأضواء وغلق هاتفه، وغادر القاهرة بحثًا عن الراحة وأقام في «العين السخنة» (شرق القاهرة)، ونفى البعض معاناة الفنان، وأكدوا أنه بحالة صحية جيدة وأن اختفاءه للاستجمام، وينتظر أن يُعرض عليه عملٌ فني يشجعه على العودة إلى التمثيل مجددًا.

وتضاربت الأقوال بين إصابته بالسرطان ومرض جلدي بسبب حبه البقاء في الشمس طوال اليوم والاستجمام أمام البحر، وبعد ذلك وضحت الحقيقة، وبكبريائه المعهود، ظل يعاني في صمت، وفي يوليو 2022، تصدر اسم الفنان هشام سليم محرك البحث «غوغل»، بعد انتشار أخبار عن تدهور حالته الصحية.

وبعد نحو شهرين، جاء الخبر الصادم برحيل الفنان المحبوب متأثرًا بالمرض اللعين، وأُسدل الستار على مشوار دام 50 عامًا من الإبداع المتميز، ولا يزال هشام سليم حاضرًا كممثل صاحب بصمة متفردة في الأداء، وإنسان واجه المِحن والأزمات بإرادة صلبة، ونال تقدير واحترام عشاق فنه الراقي.

بطل «الشموع السوداء» يرفض دخول ابنه عالم التمثيل

ظلت علاقة هشام سليم بوالده ممتدة، حتى بعد رحيل الأب صالح سليم، أسطورة النادي الأهلي، ودائمًا ما كان الابن يروي ذكرياته مع والده، وحبه الشديد له، ويصف علاقتهما بأنها أقرب إلى الصداقة، وأنه تعلَّم الكثير من نصائحه، وسار على نهجه في عمله وحياته الخاصة.

ورغم تلك الصداقة كان صالح سليم بطل فيلم «الشموع السوداء» وأفلام أخرى، يرفض دخول ابنه هشام مجال الفن، خوفًا عليه من تعرضه لأزمات طالت بعض النجوم، وانحسرت عنهم الأضواء.

في أحد لقاءاته التلفزيونية، قال هشام: «والدي كان يرى الفن مثل كرة القدم من الممكن أن يغدر بصاحبه، وفي البداية كان يعارض دخولي مجال الفن، وبعد فترة اقتنع، والشيء الوحيد الذي حذرني منه والدي هو الغرور».

فاتن حمامة تكتشف الفتى المتمرد في «إمبراطورية ميم»

مشاجرة بنات سليم مع ياسمين عبدالعزيز

في عام 2016، وقعت مشادات عنيفة بين الفنانة ياسمين عبدالعزيز وابنتي الفنان الراحل هشام سليم «زين وقسمت» وصلت إلى حد التشابك بالأيدي، أثناء وجودهن في شاليهين متجاورين، بقرية سياحية في الساحل الشمالي.

وتسببت الابنة الصغيرة «زين» في أزمة بين والدها وزميلته الفنانة ياسمين عبدالعزيز، وعانت الأخيرة بسبب حفلات صاخبة تقام كل ليلة وتستمر حتى الخامسة فجرًا، وأعربت عن استيائها فخرج لها مجموعة من الأولاد والبنات ومن بينهم فتاة، عرفت بعد ذلك أنها ابنة هشام سليم، أجابوها بأنهم أحرار فيما يفعلونه.

بادرت ياسمين بالسؤال: «وأين أسركم وأهاليكم؟»، ليتطوّر الأمر إلى درجة أن ياسمين أكدت أن ابنة هشام سليم شتمتها بألفاظ صعبة وضربتها بالهاتف الجوال في وجهها، وأن الواقعة حدثت أمام أمها وأولادها.

ورفعت ياسمين عبدالعزيز دعوى قضائية، ما أدى لصدور حكم قضائي، بعد خمسة أشهر من الواقعة، ضد زين ابنة هشام سليم البالغة من العمر ـ آنذاك ـ 17 عامًا، بالحبس لمدة 3 أشهر.

وعلق هشام سليم على الأزمة، أن ياسمين عبد العزيز ذهبت لمنزله في الساحل الشمالي المجاور لمنزلها، وطلبت من ابنتيه تخفيض صوت التلفزيون، واستجابت إحداهما للطلب، فيما كانت ابنته الأخرى مشغولة بالحديث في الهاتف، فاعتقدت ياسمين أنها تقوم بتصويرها، وبناء على ذلك تهجمت عليها وجذبتها من شعرها، وعلى الفور تدخلت ابنته الأخرى لتدافع عن شقيقتها ووقعت المشاجرة.

وتضاربت الآراء حول هذه القضية، فهناك من أيد ياسمين عبدالعزيز في موقفها، وهناك من استاء لوصول الأمر إلى هذا النحو بالغ الخطورة أمام الجمهور، فيما كان من الممكن السيطرة على هذه المشكلة بصورة أكثر ودية.

وتصاعدت الأزمة، عندما ذهبت قوة من الشرطة للقبض على ابنة هشام سليم من المدرسة، وكتب الأخير: «السيد وزير الداخلية، اليوم، وصل إلى مدرسة بنتي القاصر بوكس (عربة شرطة) من قسم الهرم للقبض على بنتي في المدرسة، هل هذا يعقل.. هل وصلنا إلى هذا الحد؟».

وأعلن سليم بعدها أنه حاول الاتصال بياسمين أكثر من مرة لإنهاء الأزمة لكنها لم ترد على اتصالاته، وفي النهاية نجحت مساعي الصلح بين النجمين، وقررت الفنانة التنازل عن القضية، وكتبت عبر صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل: «بعد اعتذار زين هشام والأستاذ هشام سليم، قررت أن أتنازل عن القضية، وعفا الله عما سلف».

back to top