شهدت العاصمة السودانية معارك ضارية بكل أنواع الأسلحة وضربات جوية وانفجارات، وانتشرت على مواقع التواصل مقاطع فيديو وصور لنهب محال تجارية، وأغلقت عشرات المستشفيات أبوابها، رغم سريان اتفاق لوقف إطلاق النار توصل إليه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، وزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).

ورغم إعلان الجنرالين البرهان وحميدتي موافقتهما على هدنة 24 ساعة من السادسة مساء بالتوقيت المحلي يوم الثلاثاء، فإن إطلاق النار لم يتوقف، وأصدر كل منهما بياناً يتهم فيه الآخر بخرق الاتفاق.

Ad

الهروب الكبير

ولم يعد البقاء ممكنا في العاصمة، التي تضم الخرطوم ومدينتَي أم درمان وبحري على الجانب الآخر من النيل الأبيض والنيل الأزرق، مع انقطاع الكهرباء والمياه واختراق الرصاص الطائش للنوافذ وحتى الجدران، وسقوط الصواريخ أحياناً من السماء لتحول مبنى أو مستشفى إلى كومة من الأنقاض.

وسيراً أو في مركبات، على الطرق التي تغطيها الجثث وهياكل المدرعات المتفحمة، تمكن آلاف السودانيين من الخروج باتجاه المحافظات المجاورة للخرطوم، وسط أزيز الرصاص ودوي القذائف خلال التراشق بين قوات حميدتي والبرهان اللذين يقودان السودان منذ انقلابهما المشترك في 2021 والإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019.

وحتى الممثليات الدبلوماسية، التي لم تسلم من الهجمات، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تحاول تنظيم نقل رعاياها.

وبينما نددت مندوبة واشنطن بالأمم المتحدة، ليندا غرينفيلد، بشدة بالهجوم على القافلة الأميركية والاعتداء على الدبلوماسيين، ومنهم سفير الاتحاد إيدان أوهار، وعمال الإغاثة والموظفين الأمميين، بدأت وزارة الدفاع اليابانية «الاستعدادات الضرورية» لإرسال قوات لعمليات الإجلاء المحتملة لنحو 60 يابانياً، بالتنسيق مع دول كبرى أخرى.

وأغلقت الشركات والمدارس أبوابها في العاصمة منذ بدء القتال، ووردت أنباء على نطاق واسع عن أعمال نهب واعتداء، وتكونت طوابير طويلة أمام المخابز التي لا تزال تعمل.

انهيار صحي

وتحدثت نقابة أطباء السودان عن مقتل 30 مدنياً وإصابة 245 منذ إعلان الهدنة، مبينة أن عدد الضحايا المدنيين ارتفع منذ بداية الاشتباكات يوم السبت إلى 174، إضافة إلى 1041 مصاباً.

ووفق منظمة الصحة العالمية، قُتل 270 مدنياً وعسكرياً وأُصيب 2600 منذ السبت الماضي.

وحذّر وزير الصحة، هيثم إبراهيم، أمس، من أن المرافق الصحية العامة والخاصة بالعاصمة تواجه انهياراً كاملاً.

في السياق، أعلنت نقابة الأطباء «خروج 39 مستشفى من أصل 59 عن الخدمة في الخرطوم والولايات المتاخمة للاشتباكات».

مشاورات دولية

ومع احتدام القتال، أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ونظيره الأميركي، في اتصال هاتفي، أهمية وقف التصعيد.

وتحدثت نائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، هاتفيا مع مستشار رئيس الإمارات، أنور قرقاش، عن الحاجة إلى وقف إطلاق نار فوري.

كما بحث الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، سبل إيجاد حل، لاحتواء الوضع سياسياً، وشددا على «أهمية الحوار».