رهانات قوى الفساد المندحرة في العهد الجديد
العهد الجديد حمل راية الإصلاح ودكّ أركان الفساد، ووجدنا مفاعيل هذا الإصلاح في التزام الحكومة بعدم التأثير في العملية الانتخابية وعدم تدخلها في اختيار رئيس مجلس الأمة ولجانه ومنع النواب من التوسط أيا كان كرشوة انتخابية، وضرب شراء الأصوات، واعتماد البطاقة المدنية لإنهاء نقل الأصوات، كان ذلك من الفاعلية بحيث سقطت رموز استوطنت البرلمان ردحاً من الزمن.
كما كان الوزراء في توجههم وقراراتهم يدفعون المياه صوب طاحونة إنهاء سلطة شركات الاستحواذ والأخذ بالمبادرات التي تفضي إلى ترشيد إدارة الموارد البشرية والمادية ضاربين عرض الحائط بكل مسلمات العهود المنصرمة التي أنتجت التراجع والتخلف وكل أشكال الفساد التي أتت على الأخضر واليابس.
النواب في هذا المناخ تراجع دورهم التخريبي في رهن الخدمات والمصالح التي قد يكون فيها حياة المواطن ومصالحه الضرورية بيد النائب حتى تربط الحكومة هذا المواطن وترهنه بيد النائب الذي تريده فضلا عن شراء الأصوات وكل الاسترضاءات الشعبوية التي أصبحت الآن، وستصل في هذا العهد الجديد للمواطن الذي يستحقها دون إذلاله وواسطة أحد من النواب هذا صعيد، وعلى الصعيد الآخر المتعلق باندحار قوى الفساد والاستحواذ فإن سكين الإصلاح وصلت إلى عظم مصالحهم التي بمقتضاها يتم الاستيلاء على أموال الشعب عبر مناقصات ظالمة، كما ورد في افتتاحية جريدة «السياسة» جسر ممتد عبر الربع الخالي بين المملكة العربية السعودية وبين عمان طوله 564 كيلو متر يتم تنفيذه بما يعادل 77 مليون دينار كويتي، بينما أحد الجسور في الكويت بطول 39 كيلومتراً ينفذ بمليار و335 مليون ومدة تنفيذه 14 عاماً، وجامعة نورة يتم تنفيذها خلال سنتين مع أن طاقتها الاستيعابية ضعف جامعة الشدادية بينما جامعتنا تستغرق عشر سنوات لإنجاز 30% فقط.
مجمع البوليفارد الضخم في الرياض يستغرق إنجازه عشرة شهور، ومشروع طريق الحرير الذي حمله الشيخ ناصر صباح الأحمد، رحمه الله، والذي يحتضن أضخم الموانئ مع ملحقاتها ومدينة سكنية تتسع لثلاثين ألف وحدة سكنية ومركز مالي وتجاري وترفيهي، وتحويل فيلكا إلى مركز ثقافي علمي ومزارع حديثة للأمن الغذائي، وأضخم محمية طبيعية ومولدات الطاقة المتجددة والنظيفة، وذلك عبر إدخال الصين كشريك يضمن الحماية وفرض المشروع على القوى الإقليمية، مما يقلل الصرف على التسليح في موازنة الكويت، وإيجاد فرص عمل وخلق قاعدة اقتصادية متنوعة للدخل وإنهاء الاعتماد على النفط.
كل ذلك الحلم أصبحنا هذه الأيام نرى بأم أعيننا كيف أن المملكة العربية السعودية تقود الجهود الإقليمية لتنفيذه على أرض الواقع متحدية أميركا وضاربة بتهديداتها عرض الحائط، ومستمرة في مشروعها وحشد أسباب ومقومات تنفيذه عبر التصالح مع إيران وسورية وإطفاء حرب اليمن عبر الاستقواء بالصين بثقلها الدبلوماسي المدعوم بقوتها الناعمة والخشنة واقتصادها العملاق لخلق واقع جديد، لذا يجب الآن إعادة إحياء مشروع طريق الحرير بقوة وعندنا ممن تخصصوا في هذا المشروع وقطعوا فيه أشواطاً وشرعوا في الإجراءات التنسيقية أيام الشيخ ناصر، رحمه الله، وعلى رأسهم وزير التجارة السابق فيصل المدلج.
نجد أخيراً وقد استشعرت قوى الاستحواذ والفساد ارتجاف الأرض من تحت أقدامهم فشرعوا بنفث أدخنتهم التضليلية لإرباك المجتمع وبث أضاليلهم السياسية بما يخلط الأوراق، ويزرع الفتن الممزقة لنسيج المجتمع، فأخذوا يطالبون باقتصار التصويت والترشح والمناصب القيادية على أبناء مستحقي الجنسية بالتأسيس، لن نخوض في التفاصيل ولكن لدينا يقين بحكمة القيادة وحكمة الرأي العام بأن تسحق هذه الدعوات الخبيثة، ففي الأجواء المعقَّمة تسقط الجراثيم تلقائيا، وأما الزبد فيذهب جفاءً، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
ونقول لسمو رئيس مجلس الوزراء امض في طريقك الميمون فلن يضروك إلا أذى، والأذى لا يطول إلا أهل الحق والصلاح، ولا ينصرون أبداً بل مصيرهم الخيبة والاندحار.