تراجعت عائدات السندات العالمية بشكل حاد في الربع الأول من 2023 وسط تصاعد مخاطر الركود في الولايات المتحدة.

وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، ساهمت أزمة البنوك الأميركية في تعزيز مخاوف تشديد القيود الائتمانية والضغط على السيولة، إلى جانب المخاطر المستمرة التي يتعرض لها سوق العقارات التجارية، مما تسبب في ظهور «تأثير الدومينو». ويتوقع السوق خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام الحالي، مما يعزز أسعار السندات. إضافة لذلك، لا تزال البيانات الاقتصادية الواردة ضعيفة، مما يعزز آمال استمرار تراجع معدلات التضخم. كما انخفضت عائدات السندات السيادية الخليجية بعد تأثرها بالأوضاع العالمية. ومع بداية الربع الثاني من العام، ما زالت عائدات السندات ضعيفة نسبياً رغم ارتفاعها مؤخراً، مع استمرار مخاوف الركود. وقد يؤدي تزايد المخاوف المتعلقة بتدهور الأوضاع الاقتصادية إلى تعزيز جاذبية السندات باعتبارها «الملاذ الآمن»، مما يؤدي بدوره للضغط على العائدات. وفي المقابل، يساهم تذبذب أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك النفط، في رفع حالة عدم اليقين حول مسار التضخم، مما يبقي أسواق السندات في حالة تأهب شديد.

Ad

وفي ذات الوقت، ارتفعت إصدارات السندات الخليجية بشكل أكبر خلال الربع الأول من عام 2023، إذ جمعت الحكومات والشركات في المنطقة 21.3 مليار دولار من أدوات الدين مقابل 17.2 مليار دولار في الربع الرابع من عام 2022. وكالعادة، جاءت السعودية في صدارة الإصدارات السيادية/ شبه السيادية الجديدة.

مخاوف الركود

وبدأت معدلات التضخم للاقتصادات المتقدمة في الانحسار وسط التأثيرات الناجمة عن السياسات النقدية المتشددة وانخفاض تكاليف الطاقة مقارنة بالعام الماضي. إلا ان معدلات التضخم الأساسي ما زالت مرتفعة ولم تتراجع بنفس الوتيرة. وواصلت معظم البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة، وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بعام 2022. إذ رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي سعر الفائدة 25 نقطة أساس في الاجتماعين الأخيرين، في حين رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة مرتين بمقدار 50 نقطة أساس خلال الربع الأول من العام. وجاءت الزيادات الأخيرة بالرغم من الاضطرابات المستمرة لقطاع البنوك في الولايات المتحدة وأوروبا (أزمة بنك كريدي سويس). إلا أنه ما زالت هناك توقعات تشير إلى أن دورة رفع أسعار الفائدة الحالية تقترب من نهايتها مع استمرار مساعي كبح التضخم.

وارتفعت عائدات السندات في بادئ الأمر بمستهل شهر مارس بسبب الموقف المتشدد الذي اتخذه الاحتياطي الفدرالي. لكن المكاسب سرعان ما تلاشت لاحقاً، إذ أدت أزمة بنك سيلكون فالي في الولايات المتحدة لتفاقم مخاوف الركود وإمكانية الدخول في أزمة ائتمانية، مما أدى إلى انخفاض عائدات السندات خلال النصف الثاني من الشهر. وفي الوقت الحالي، يبدو من غير المحتمل حدوث أزمة تعصف بقطاع البنوك بالكامل، إذ انعكس اتجاه سحب الودائع خلال الأسابيع الأخيرة، مما يعني حدوث استقرار نسبي للقطاع. وقد تصبح السندات متقلبة إذا عادت مخاوف عدوى انتشار تلك الاضطرابات للظهور مجدداً، مما يؤدي إلى تزايد الضغوط الجوهرية على السيولة وشروط منح الائتمان. إلا أن أي ردود فعل قوية من صانعي السياسة - كما رأينا في أواخر شهر مارس - ستساهم في حل أزمة السيولة، واستعادة الثقة، واستقرار العائدات.

وجاء انخفاض عائدات السندات في الأسواق المتقدمة بالربع الأول من 2023 بقيادة سندات الخزانة الأميركية (انخفضت عائدات السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 28 نقطة أساس)، تليها السندات الألمانية (-25 نقطة أساس) والسندات البريطانية (-18 نقطة أساس). كما انخفضت عائدات سندات الحكومة اليابانية أيضاً من السقف الذي حدده بنك اليابان والبالغ 0.5 في المئة. وأدى تغيير قيادة بنك اليابان في بداية الأمر لارتفاع عائدات السندات، إلا انها سرعان ما عادت للتراجع بسبب الغموض المحيط بإمكانية تغيير السياسة النقدية التيسيرية.