وساطة إماراتية تعيد جنود مصر من السودان
• مخاوف من تمدد حرب البرهان وحميدتي إقليمياً... وواشنطن تلوِّح بالعقوبات
• حفتر ينفي دعم حميدتي... وتشاد تؤوي 300 جندي سوداني ومعارك مع إثيوبيا في الفشقة
أعلنت القوات المسلحة المصرية أمس، عودة كل قواتها من السودان إلى الأراضي المصرية، في حين أكدت الإمارات نجاح وساطتها لتأمين سلامة الجنود المصريين.
وحسب المعلومات، تم إطلاق سراح 204 جنود مصريين، بينهم 177 جرى إجلاؤهم ليل الأربعاء ـ الخميس.
وقال الجيش المصري، إن 3 طائرات عسكرية هبطت في قاعدة جوية سودانية لإجلاء الجنود، مؤكداً أنه لم تسجل أي خسائر في الأرواح.
جاء ذلك، في حين تبادل قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) الاتهامات حول الطرف المتسبب في المعارك المستمرة منذ 6 أيام، والتي تواصلت رغم تمديد الهدنة، وسط تكثيف الاتصالات لتأمين وقفٍ لإطلاق النار خلال عيد الفطر المبارك.
ومع استمرار المعارك تصاعدت المخاوف من تمدد الأزمة إقليمياً، فقد أعلنت تشاد أنها جردت سلاح نحو 300 جندي سوداني فروا إليها هرباً من «الدعم السريع»، بينما أعلن الجيش السوداني أنه خاض معارك قبل أيام مع الجيش الإثيوبي في منطقة الفشقة الصغرى المتنازع عليها.
في السياق ذاته، أكد مصدر مصري لـ «الجريدة»، أن الموقف المصري في السودان قائم على الاحتفاظ بمسافة واحدة من جميع الفرقاء، والعمل على تكثيف الاتصالات مع الأطراف المعنية داخل السودان وخارجه، من أجل العودة لطاولة الحوار والتوقف الفوري عن استخدام السلاح، نافياً أي حديث عن انحياز مصري لمصلحة طرف بعينه في الأزمة السودانية.
وكانت تقارير لوسائل إعلام أميركية بينها «وول ستريت جورنال» و«نيويورك تايمز»، أفادت بدعم مصري عسكري للجيش السوداني على حساب «الدعم السريع».
بدوره، نفى الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر أمس، تقديم الدعم لأي طرف في السودان، معلناً استعداده للوساطة لوقف القتال.
وبينما أفادت مصادر بأن وزارة الخارجية الأميركية تستعد لفرض عقوبات على أعضاء من طرفي النزاع بالسودان في محاولةٍ منها للردع، اتهم البرهان، في مقابلة مع فايننشال تايمز، حميدتي بالسعى إلى الاستيلاء على السلطة، وحمّله المسؤولية عن أعمال نهب واسعة النطاق في الخرطوم ومنطقة دارفور، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من قوات الدعم السريع خرج عن السيطرة، وقتلت موظفين من برنامج الغذاء العالمي، وهاجمت قافلة تابعة للسفارة الأميركية.
وإذ أكد البرهان، للصحيفة البريطانية، أن مطار الخرطوم ليس تحت سيطرة أي من الطرفين حتى الآن، أوضح أن حميدتي أشعل فتيل أزمة دبلوماسية باختطافه الجنود المصريين الموجودين في مهمة رسمية.
وأشار إلى أن الشعب يدعم الجيش، وبمجرد هزيمة حميدتي يمكن استئناف عملية الانتقال الديموقراطي واستكمال العملية السياسية بموجب الاتفاق الإطاري، ونقل السلطة إلى حكومة يقودها مدنيون.
في المقابل، أبلغ حميدتي «فايننشال تايمز»، أنه مستعد لوقف القتال، لكن البرهان غير مستعد لذلك، واتهمه بالمسؤولية عن نشر الخوف بين المواطنين والدبلوماسيين.
وأشار إلى أنه لم يعارض، من حيث المبدأ، ضم «الدعم السريع» إلى القوات المسلحة النظامية، وهي أهم وأبرز القضايا الخلافية مع قيادة الجيش السوداني، متهماً البرهان بعدم استعداده لتنفيذ ما يسمى باتفاق الإطار الذي كان من المقرر أن يمهد الطريق للحكم المدني.
واتهم حميدتي، البرهان بالانحياز إلى الإسلاميين الراديكاليين المصممين على استعادة ديكتاتورية على غرار البشير، مضيفاً أن «البرهان وعصابته من الإسلاميين وصلوا إلى السلطة وليسوا مستعدين للتخلي عنها».
ونفى التكهنات الغربية باحتمال انخراط مقاتلي «فاغنر» الروسية في القتال لمصلحته، مؤكداً أنه قطع علاقته مع «فاغنر» بعد أن صنفتها واشنطن هذا العام منظمة إجرامية.
وفي تفاصيل الخبر:
في خضم المعارك الجارية لليوم السادس بالسودان بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أعلنت مصر، أمس، تسلم جميع عناصرها العسكرية وعودة بعضهم للقاهرة، بالتنسيق مع الإمارات والصليب الأحمر الدولي والجهات السودانية، بينما أعلنت الإمارات نجاح وساطتها لإطلاق سراح الجنود المصريين.
وقال المتحدث باسم الجيش المصري، غريب عبدالحافظ، في بيان: «هبطت 3 طائرات نقل عسكرية في إحدى القواعد السودانية يوم الأربعاء، وتم تأمين شامل للقوات والإقلاع لمعظم عناصر القوة المصرية والعودة بهم للقاهرة».
وأضاف: «تم صباح اليوم الخميس (أمس) بالتنسيق مع الجهات السودانية والدول الصديقة والشقيقة واللجنة الدولية للصليب الأحمر تأمين وصول بقية عناصر الجيش لمقر سفارتنا (بالخرطوم) لإخلائهم إلى القاهرة فور توافر الظروف الأمنية المناسبة لعودتهم إلى أرض الوطن».
وأكد المتحدث «صحة وسلامة كافة العناصر المصرية التي وصلت إلى القاهرة والموجودة بالسفارة المصرية بالخرطوم».
وكشفت «الخارجية» المصرية، في بيان، أنها «قامت بالتنسيق مع الإمارات لتأمين سلامة بقية الجنود الموجودين لدى قوات الدعم السريع وتسليمهم لسفارة مصر في الخرطوم»، ووجهت الشكر إلى الصليب الأحمر لدوره في تلك الجهود، مضيفة أن مصر والإمارات تدعمان وقف إطلاق النار.
الإمارات والسودان
من جانبها، أعلنت الإمارات نجاح وساطتها في تأمين سلامة الجنود المصريين، مؤكدة التزامها ومصر بمواصلة جهودهما الرامية إلى وقف الاقتتال وللعودة للإطار السياسي والحوار لحل جميع الخلافات.
وغداة تأكيد الجيش السوداني ليل الأربعاء-الخميس إجلاء 177 جندياً إلى مصر»، قالت قوات الدعم السريع: «تقديراً للعلاقات التاريخية والأخوية، ووفاء بالتزامنا المعلن بالمحافظة على رعايا الشقيقة مصر، وامتثالاً للقوانين والأعراف الدولية، قمنا بتسليم 27 عسكرياً من رعاياها للصليب الأحمر الدولي».
وأشارت قوات الدعم السريع إلى أن «الجنود المصريين كانوا موجودين في قاعدة مروي وتحفظت عليهم في الفترة من 15 إلى 20 أبريل، وهم في حالة صحية ممتازة حتى لحظة تسليمهم بكافة متعلقاتهم».
وأضافت أنها «تود أن تتقدم بوافر الشكر لمصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، كما تشكر جهود الإمارات والسعودية وجميع الدول الشقيقة والصديقة التي تواصلت مع قيادة الدعم السريع في هذا الشأن»، معربة عن شكرها الخاص للصليب الأحمر على التعاون والتنسيق.
تدخلات إقليمية
في هذه الأثناء، نفى الجيش الوطن الليبي بقيادة خليفة حفتر، أمس، تقديم الدعم لأي طرف في السودان، معلناً استعداده للوساطة لوقف القتال.
ورداً على اتهام صحيفة وول ستريت جورنال لحفتر بإرسال طائرة إمدادات عسكرية واحدة على الأقل إلى حميدتي، قال المتحدث باسم الجيش الوطني أحمد المسماري: «ننفي نفيا قاطعا ما تتناوله وسائل الإعلام الرخيصة والمأجورة بتقديم الدعم لطرف ضد آخر، ونقوم حاليا بالاتصالات العاجلة مع الأطراف المعنية للوقف الفوري للاقتتال وتوفير الظروف المناسبة للتهدئة وتغليب المصلحة الوطنية، وتشكيل لجنة من الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي للخروج من الأزمة».
وأشار تقرير «وول ستريت» الى دعم مصري للبرهان، الا أن مصادر مصرية جددت تأكيدها أن مصر تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف.
وأعلنت تشاد قيامها بتجريد كتيبة سوادنية مؤلفة من 330 جنديا من السلاح بعد ان حاولت عبور الحدود في حين تم رصد فرار سودانيين باتجاه الحدود التشادية. ومن جهة أخرى أعلن الجيش السوادني انه خاض معارك قبل ايام مع الجيش الإثيوبي في منطقة الفشقة الصغرى التي كان الطرفان يتنازعان السيطرة عليها.
وتقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر أن «الخارجية» الأميركية تستعد لفرض عقوبات على أعضاء من طرفي النزاع في السودان في محاولة منها للردع، في حين دعا الاتحاد الأوروبي إلى وقف القتال فورا في السودان.
البرهان وحميدتي
وبينما يستعد المسلمون في جميع أنحاء العالم للاحتفال بعيد الفطر، تحدث البرهان وحميدتي لصحيفة فايننشال تايمز عن رؤيتهما لاقتتالهما، الذي بدأ فجأة وبدون أي تلميح غداة تناولهما الإفطار معاً يوم الجمعة 14 الجاري في منزل نائب قائد الجيش شمس الدين الكباشي، بحضور مبعوث الأمم المتحدة فولكر بيرثيس.
واتهم البرهان حميدتي بالسعي للاستيلاء على السلطة، وحمّله المسؤولية عن أعمال نهب واسعة النطاق في الخرطوم ومنطقة دارفور، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من قوات الدعم السريع خرج عن السيطرة، وقتلت موظفين من برنامج الغذاء العالمي، وهاجمت قافلة تابعة للسفارة الأميركية.
وإذ أكد البرهان، للصحيفة البريطانية، أن مطار الخرطوم ليس تحت سيطرة أي من الطرفين حتى الآن، أكد أن حميدتي أشعل فتيل أزمة دبلوماسية باختطافه الجنود المصريين الموجودين في مهمة رسمية.
وأشار إلى أن الشعب يدعم الجيش وفور هزيمة حميدتي يمكن استئناف عملية الانتقال الديموقراطي واستكمال العملية السياسية بموجب الاتفاق الإطاري، ونقل السلطة إلى حكومة يقودها مدنيون.
في المقابل، أبلغ حميدتي «فايننشال تايمز»، بأنه مستعد لوقف القتال، لكن البرهان غير مستعد لذلك، واتهمه بالمسؤولية عن نشر الخوف بين المواطنين والدبلوماسيين.
وأقرّ حميدتي بأن قوات البرهان تتمتع بميزة القوة الجوية، بالإضافة إلى المدفعية الثقيلة، لكنه شدد على أن لدى قواته استعدادات كاملة على مستوى الميدان، وأن ساحة المعركة ستحدد كل شيء.
وأشار إلى أنه لم يعارض من حيث المبدأ ضم «الدعم السريع» إلى القوات المسلحة النظامية، وهي أهم وأبرز القضايا الخلافية مع قيادة الجيش السوداني. وقال إن «لقوات الدعم السريع دوراً محدداً، وقوات الدعم السريع لم ترفض الاندماج»، متهمًا البرهان بعدم استعداده لتنفيذ ما يسمى باتفاق الإطار الذي كان من المقرر أن يمهد الطريق للحكم المدني.
ونفى التكهنات الغربية باحتمال انخراط مقاتلي «فاغنر» الروسية في القتال لمصلحته، مؤكداً انه قطع علاقته مع «فاغنر» بعد أن فرضت عقوبات أميركية عليها.
واتهم حميدتي البرهان بالانحياز إلى الإسلاميين الراديكاليين المصممين على استعادة دكتاتورية على غرار البشير، معتبراً أن «البرهان وعصابته من الإسلاميين وصلوا إلى السلطة وليسوا مستعدين للتخلي عنها».
معارك ضارية
ولليوم السادس على التوالي، تواصلت المعارك بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في الخرطوم ومدن أخرى، وتبادل الطرفان اتهامات ببدء كل منهما هجوماً على مقار تابعة للآخر، بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كلا منهما، فضلا عن القصر الجمهوري والقيادة العامة.
ولم تصمد، أمس الأول، المحاولة الجديدة لوقف إطلاق النار، واستمر إطلاق النار ودوي الانفجارات عشية عيد الفطر في الخرطوم، بينما يحاول المجتمع الدولي انتزاع هدنة من قائدَي الجيش وقوات الدعم السريع في نزاعهما على السلطة.
وفي المدينة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من خمسة ملايين نسمة، تهرع العائلات إلى الطرق للفرار من الغارات الجوية والرشقات النارية ومعارك الشوارع، التي أودت بحياة أكثر من 270 مدنيا منذ السبت، وتتركز في الخرطوم ودارفور في الغرب.
وعشية عيد الفطر، اجتمع من جديد أمس، مسؤولو الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والمنظمات الإقليمية الأخرى للدعوة إلى وقف لإطلاق النار.
وسُمع إطلاق نار في بحري ومدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، وتحدث سكان عن عمليات كر وفر في أم درمان، التي تحرك إليها الجيش لمنع وصول تعزيزات للدعم السريع، والفاشر، التي تمكن من السيطرة على إحدى قواعدها.
وحلقت طائرات حربية في أجواء الخرطوم وقصفت رتلاً دخلها عن طريق المويلح جنوب أم درمان، في حين أكدت قوات الدعم السريع إسقاط مروحيتين خلال تصديها للهجوم.
وقتل ثلاثة أشخاص وأصيب أربعة آخرون جراء اختراق دانة طائشة لمنزل بمنطقة الموليح في أم درمان، فيما قتل 9 أطفال على الأقل وجرح أكثر من 50 في الاشتباكات الجارية في الخرطوم ودارفور وشمال كردفان، بحسب منظمة اليونيسيف.