أعظم شعراء الرومانسية الفرنسية ممن لا يمكن أن يسمع الإنسان بيتاً واحداً من أشعاره دون أن يشعر بانفعال حزين، أو تغمره السعادة، إذ كان لأشعاره فعل السحر في نفوس معاصريه إلى درجة أن الشباب كانوا يقدمونها لحبيباتهم، والرجال إلى زوجاتهم، كأرقى أشكال الهدايا التي تلقى أجمل الاستحسان في نفوس الفتيات والنساء.
***فهذا الشاعر إلى جانب كونه رومانسياً ويحظى بإعجاب العشاق، فإنه داعية للمحبة والتسامح:
***- إذا كان عسيراً عليك أن تغفر
ما يأتيك من ضرر فلتتجنب نفسك البغضاء
ولتفسح الطريق للنسيان
فالموتى يعيشون في سلام
فاجعل كراهيتك تموت هي الأخرى بسلام
***وكذلك فإن دي موسيه، ورغم ما كان يُنشر عن مغامراته غير السوية، نجده عندما يناجي ربه، فإنه يتحدث إلى خالقه بكل خشوع:
***- إلهي... كلما غصتُ في أعماق أعماقي أجد نورك يشع
- إلهي... وجودك في حياتي أسمى درجات الطموح
- إلهي... أيها الحقيقة، السرمدية، الأبدية، كم أدين لك بالفضل
- إلهي... الكون بأسره يمجدك، وكل المخلوقات تخر ساجدة لنورك، فأنت منبع الحب
***وقد تخطَّى مجد دي موسيه فرنسا إلى بريطانيا، حيث قُورن بأعظم شعرائها، بيرون، شلي، بل قارنه بعض النقاد بشعراء العصر الإلزبيثي الأول، حيث كتب عنه سير فرانسيس بلغراڤ، وقال إنه يفضله على لامرتين وهيغو، ويصفه بالعبقري الذي يتألم من أجل البشرية عندما يصوِّر بؤسها، ويكون سعيداً حينما يصوِّر سعادتها.
***وحظي دي موسيه بمكانة خاصة في الأدب الألماني، لأنه - كما كتبوا عنه - يكره تمثيل العاطفة الإنسانية، ولا يضلل نفسه فيما يصوغه من أشعار.
***وفي السنوات الأخيرة من حياته تعرض شاعر الرومانسية دي موسيه لهجوم من أتباع مدرسة الشعر الواقعية، ولما تُوفي لم يسر في جنازته أكثر من 33 شخصاً فقط.
***والشيء الذي يثير الانتباه، أن دي موسيه لم يُنصف إلا في أواخر القرن التاسع عشر، ففي عهد الإمبراطورية الثانية بدأ نجمه يصعد، حتى بلغ مستوى لامرتين، وفيكتور هيغو، بعد أن كان قد تعرض لحملة قاسية قادها بودلير، وغيره ممن أبرزوا الكثير من مثالب حياته الشخصية، وعلى وجه التحديد علاقته العاطفية بالكاتبة جورج صاند.
***- إني أحب وأريد أن يعلوني الشحوب
- إني أحب وأريد أن أتغنى بتجربتي الطائشة
- إني أحب وأقسمت أن يكون الحب سر حياتي وعلة مماتي
أيها الناس، جميع الناس، أحبوا دون توقف، فلا معنى لحياتكم بلا حب.....
***وله بعض الومضات الفلسفية، حيث يقول:
- حين عرفت الحقيقة،
حسبتُ أنها صديقة،
وحين فهمتها،
أصابني منها التقزز
ومع ذلك فهي خالدة،
فمن لم يتبعها،
فقد كل شيء، بل فقد كرامته،
فالخير الوحيد الذي يتبقى للكائن في الحياة أن يؤمن بالحقيقة،
فالحقيقة هي ضميرك،
فإذا فقدته،
تكون قد خرجت من مملكة الله
***هناك الكثير من المؤلفات التي تناولت حياة هذا الشاعر، وتحدثت عن سلوكه العابث في المقاهي والحانات وعلاقاته النسائية وإفراطه في التأنق...
من أوائل الكتب التي أولع بها ألفريد دي موسيه هو كتاب «ألف ليلة وليلة»، الذي جعل من خياله الشعري الأكثر تميزاً عن جميع شعراء فرنسا.