يعود لبنان إلى الانقسام العمودي الذي يشبه مرحلة الانقسام بين قوى 14 و8 آذار.

وترتفع نسبة التوتر في المواقف السياسية على خلفية معركة انتخاب رئيس للجمهورية، لكن اللافت هذه المرة أن هذا التوتر يأتي في أعقاب الاتفاق السعودي - الإيراني، وبعد الانفتاح السعودي على سورية. وفي الوقت الذي يتمسك حزب الله بترشيح سليمان فرنجية الذي يحظى بدعم فرنسي، تستمر قوى المعارضة السياسية والنيابية على الاجتماع رفضاً لهذا الخيار.

Ad

ومما يعطي صورة أوضح لهذا المشهد، التجمع السياسي الكبير للقوى المعارضة لحزب الله تضامناً مع العشائر العربية في خلدة، وهو ما أدى إلى خلق مشهدية سياسية واضحة تتخطى مسألة التضامن إلى إمكانية التأسيس لمرحلة سياسية جديدة عنوانها السعي للاتفاق على مرشح رئاسي بين قوى المعارضة.

ولا يمكن تبسيط الصورة التي ظهرت في خلدة، بالنظر إلى القوى التي شاركت باللقاء التضامني، خاصة أن اللقاء جاء تحت عباءة دار الفتوى، وفي حضور حزب القوات اللبنانية، والحزب التقدمي الاشتراكي، وحزب الكتائب، ونواب مستقلون، ونواب كتلة الإعتدال، ونواب التغيير، والجبهة السيادية، وغيرها من القوى التي كانت سابقاً منضوية تحت راية «14 آذار».

وبحسب ما تقول مصادر سياسية مشاركة في اللقاء، فهو يأتي للتأكيد على رفض السير في خيار حزب الله الرئاسي، كاشفاً عن لقاءات تُعقد بعيداً من الإعلام بين هذه القوى للاتفاق على عدد من الأسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية، وحصرها بمرشح واحد قادر على أن يحظى بعدد أصوات أكبر من فرنجية، في محاولة لتجاوز مسألة ترشيحه للرئاسة، وكردّ على حزب الله بأن القوى المعارضة غير قادرة على الاتفاق على مرشح واحد، فيما مرشحها ميشال معوض لم يتمكّن من تحصيل 50 صوتاً.

ويؤسس لقاء خلدة لمرحلة سياسية جديدة، في ظل التوازنات القائمة في المجلس النيابي، إذ حتى لو لم يتم الاتفاق بين قوى المعارضة على مرشح واحد قادر على تحصيل 65 صوتاً، إلا أن معركة مواجهة ترشيح فرنجية ستتصاعد في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ضوء موقف رئيس حزب القوات، سمير جعجع، الذي أكد أن حزبه وحلفاءه سيعملون على مقاطعة أي جلسة يمكنها أن تؤدي إلى انتخاب فرنجية. وهذا يعني أن معركة فرنجية وحلفاءه لن تكون منحصرة فقط في تأمين 65 صوتاً، إنما الهدف الأساسي هو السعي لتوفير حضور 86 نائباً في القاعة العامة لتوفير انعقاد أي جلسة انتخاب، وهذا ما سيكون متعذراً في ضوء هذه المواقف التصعيدية.

هذه الوقائع تشير إلى أن الانقسام سيستمر فترة طويلة، ما لم تحصل تطورات خارجية تدفع إلى تغيير المواقف أو تؤدي إلى البحث عن حلول من شأنها أن تسهم في انتقال القوى السياسية المتعارضة من مواقفها وخنادقها باتجاه مواقف البحث عن خيارات جديدة، ولكن هذه مسألة تبدو صعبة جداً من دون توافر عناصر خارجية قادرة على التقريب في وجهات النظر، ومن شأنها أن تسهم في إنهاء الشغور الرئاسي.