استحوذ الرقم سبعة على وجود لافت في المعتقدات الغابرة لارتباطه بالعناصر الأساسية للطبيعة، وهي الأرض والماء والنار والهواء والفضاء والضوء والظلام، فقدّسه الهنود والجرمان كل وفق خصوصية ارتباطه بأسرار الكون، كما لفت في المعتقدات البوذية وجود الأفيال السبعة التي تتصدّر مداخل معابدهم بما قد يرمز الى الخطوات السبع التي خطاها بوذا عند مولده والسنين السبع التي سعى فيها للبحث عن الحقيقة!
وقد عنى الرقم سبعة كثيراً للسومريين والبابليين الذين أطلقوا لفظه على كلمة «كل» معبّرين بذلك عن القوة والتمام والكمال في النظام الكوني، وفي السياق نفسه حدد اليونانيون عجائب الدنيا المعمارية بسبعة بما قد يرتبط ربما بأسطورتهم التي تشير الى سبعة آلهة رئيسة في الأولمبيا، وهم زيوس وهيرا وبوسيدون وديمتر وأبولو وآرتيميس وأثينا، الأمر الذي تتكرر رمزيته في عدد مدرجات هرم سقارة الفرعوني بإشارة الى عدد درجات سلّم الصعود إلى السماء حسب ما يعتقد قدماء المصريين.
من جانب آخر، حظي الرقم سبعة بهالة قد تقترب من حد القداسة لدى أتباع الديانتين اليهودية والمسيحية، إذ ارتبط هذا الرقم بأيام خلق الكون وبالأسماء الإلهية والسفر المقدس وبعدد الموبقات والفضائل، وكذلك بعدد شموع المنظومة الإنارية لدى اليهود، وقد ورد في كتبهم المقدّسة أن الله أبلغ نوحاً- عليه السلام- قبل الطوفان ونزول المطر بسبعة أيام، وكان عدد الحيوانات الطاهرة التي دخلت الفلك معه سبعة، وكان اليوم السابع هو الذي استقر فيه الناجون وأول يوم أشرقت فيه الشمس وانكشح الغيم.
أما في الشريعة الإسلامية فنعرف أن شهادة التوحيد تتكون من سبع كلمات وأن «السبع المثاني» هي آيات سورة الفاتحة، وأن الطفل يؤمر بالصلاة عند بلوغه سبع سنوات، وأن تكبيرات العيدين سبعاً في الأولى، وأن أشواط الطواف حول الكعبة المشرّفة هي سبعة، وبالعدد نفسه يسعى المسلمون بين الصفا والمروة ويرمون إبليس اللعين بالجمرات الكبرى، ولا ننسى في السياق بعض الأمور المرتبطة صراحة في القرآن الكريم والسنّة الشريفة بهذا الرقم، كعدد البقرات والسنابل في حلم فرعون، وعدد الليالي التي سخّر فيها الله الرياح على قوم عاد، وكعدد طبقات السماء والأراضي وأبواب جهنم، وعدد السنابل التي تنبتها حبّة الإنفاق في سبيل الله، وكالسبعة الذين يظلهم الله في ظله، والتمرات التي تحصّن المرء من تأثير السم والسحر، ناهيك عن عدد غسلات نجاسة الكلب وغير ذلك مما ارتبط ورداً ببعض الشعائر والأفعال المندوحة.
ومن اللافت ارتباط الرقم سبعة بكثير من الثوابت والمسلّمات الكونية والإنسانية المعروفة منذ القدم الى يومنا هذا، فالكواكب السيارة المكتشفة في مجموعتنا سبعة، وأيام الأسبوع سبعة، ودرجات السلم الموسيقي بالعدد نفسه، وكذلك الألوان الأساسية التي تجتمع في الطيف الضوئي وقوس المطر، ودون أن ننسى عدد مدارات الإلكترونات التي تحيط بنواة الذرة، وعدد الأجيال التي تحتفظ فيها جينات السلف ببعض تأثيراتها على الخلف، وكذلك عدد البحار والقارات، والمعادن الأساسية في العالم وهي الحديد والنحاس والذهب والفضة والرصاص والقصدير والزئبق، إضافة إلى أنه يمكن تقسيم العام الزمني الى سبع فترات رئيسة، وهي الثواني والدقائق والساعات والأيام والأسابيع والشهور والسنوات.
وفي الرياضيات، يشير المختصون الى أن الرقم 7 هو الوحيد والفريد بين مجموعة الأرقام من 1 إلى 10 الذي لا يقبل القسمة أو المضاعفة ضمن أرقام تلك المجموعة، فالأرقام من 1 الى 5 يمكن مضاعفتها والرقم 9 يمكنه قسمته على 3.
تبقى الإشارة الى اقتران رقم سبعة بكثير من الموروثات الشعبية والعبارات التي تتردد على ألسنتنا دون أن نفكّر بسرّ ارتباطها بهذا الرقم ومن أمثلة ذلك «السبع صنايع»، و«السبع وجوه» و«السبع أرواح» و«السبع خطايا»، و«الدقات السبع» وكذلك «المعلّقات السبع» في الشعر العربي، حتى أن هذا الرقم ربط حديثاً في الغرب بكثير من الإنجازات والكتب والمعارف المعاصرة، كأفضل سبعة أفلام في التاريخ، وأكثر سبعة أشياء يكرهها الأزواج في الطرف الآخر، والبنود السبعة التي يجب أن يتضمنها أي اتفاق، ومحاور الذكاء السبعة... إلخ.
***
أثناء تدبري بالدلالات الممكنة للرقم 7 والبحث في أسراره، مع الحرص على ألا يجرّني ذلك الى توهّم حقائق دون دلائل ولا إلى التورط بمعتقدات فاسدة أو تكهنات واهية، صدف أن برز في نشاطات الحكومة السابقة لقاء معالي وزيرة الأشغال العامة ووزيرة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة د.أماني بوقماز بممثلي 7 سفارات للتداول في فكرة استقطاب الشركات الأجنبية ذات الخبرة والكفاءة من خلال القنوات الدبلوماسية لتأهيلها ودخولها في المناقصات المتعلقة بصيانة الطرق والشوارع.
فخدمت المصادفة «أماني» والأماني، إذ اكتسب الرقم سبعة معناه الرمزي لدى قدماء الصينيين فاعتبروه رمزاً للحظ الجيد والازدهار والتوازن، ومثّل في الهندوسية الصدق والحكمة والإدراك، كما رمز في الثقافة الشرقية الى النصر، في حين دّل في الثقافة الغربية على الأمل والتجدد.
وها أنا كما جميع المحبين للكويت يحدونا الأمل بأن يجد اللقاء السباعي نتائجه السريعة، إذ لا شك في أنه لقاء غير مسبوق في دولة الكويت، فلم نسمع سابقاً بلقاء رسمي-دبلوماسي هدفه التباحث في شؤون محلية تدخل في الاختصاصات الاعتيادية للوزارات والجهات الحكومية المعنية، لكن ما يزيل أي استغراب في هذا الشأن هو أهمية التفكير من خارج الصندوق وضرورة العمل الجاد والسريع على صيانة الطرق المترهلة يوماً بعد يوم، الأمر الذي يلتقي مع الحرص الأكيد لدى القيادات والمسؤولين على السلامة العامة لمرتادي الطرق والشوارع من مواطنين ومقيمين.
ورغم أهمية هذه المبادرة فإنه يجب التنبه إلى العقبات القانونية والواقعية التي قد تحول دون تحقيقها على الوجه المطلوب، الأمر الذي يتمثل بعدم وجود موقف حاسم وواضح بشأن الانفتاح على دخول الشركات الأجنبية الى السوق المحلي ومساهمتها مباشرة في مشاريع وأشغال عامة دون المرور الإلزامي بمتطلب الوكيل المحلي أو دون استحصالها على ترخيص من هيئة تشجيع الاستثمار المباشر التي بمجرد أن ترخص لأي شركة أجنبية وفقاً لقانون إنشائها رقم 116 لسنة 2013 تصبح الشركة كياناً كويتياً ينطبق عليه كل ما ينطبق على باقي الكيانات المحلية من حيث الحقوق والواجبات.
* كاتب ومستشار قانوني.