أتراك الخارج يفتتحون الانتخابات على وقع وعكة إردوغان
الرئيس التركي يلغي برنامجه لليوم الثاني... والرئاسة تنفي إصابته بأزمة قلبية
انطلقت أمس عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية للناخبين المقيمين خارج تركيا، فيما اضطر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي أعلن أنه مصاب بـ «إنفلونزا المعدة»، إلى إلغاء التزاماته أمس، لليوم الثاني على التوالي، وذلك قبل 17 يوماً من الاقتراع في الداخل بانتخابات رئاسية وتشريعية غير مضمونة النتائج، وتعد الأكثر تحديا له ولحزب العدالة والتنمية المحافظ، الحاكم منذ 2003.
ووفق الهيئة العليا للانتخابات، فإن 3 ملايين و416 ألفاً و671 ناخباً خارج البلاد، دُعوا إلى التصويت اعتبارا من أمس حتى 9 مايو المقبل. وفتحت صناديق الاقتراع في البعثات والممثليات التركية في 75 دولة، بواقع 156 ممثلية وبعثة، ووضعت صناديق اقتراع في المعابر الحدودية والمطارات الدولية، بما فيها مطار إسطنبول.
ومساء أمس الأول، سعى رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين التون، إلى إسكات الشائعات المنتشرة عبر وسائل التواصل حول اصابة إردوغان بأزمة قلبية. وكتب التون في تغريدة «نرفض رفضا قاطعا هذه الادعاءات بشأن صحة الرئيس التي لا أساس لها».
وبدأ الأمر مساء الثلاثاء عندما تأخّر إردوغان لمدة ساعة ونصف الساعة عن مقابلة تلفزيونية، ثم توقّف فجأة بعد 10 دقائق على بدايتها، وعاد ليظهر على الشاشة شاحب اللون، قبل أن يختصر المقابلة، موضحا أنه مصاب بـ «إنفلونزا المعدة».
وفي تغريدة كتب الرئيس التركي الذي باتت مشيته متثاقلة أحيانا في السنوات الأخيرة، في صباح اليوم التالي أنه «يرتاح في المنزل بناء على نصيحة الأطباء»، ملغيا مشاركته في 3 مناسبات عامة في الأناضول الأوسط.
وقالت وزيرة شؤون الأسرة التركية، جيريا يانيك، أمس: «لا داعي للقلق، وضعه جيد. وسيستأنف برنامجه على ما أظن (..) اعتباراً من يوم الجمعة».
لكنّ رئيس البلاد (69 عاما) قام بمداخلة عبر الفيديو خلال تدشين أول محطة نووية في البلاد، لتبديد الشائعات حول وضعه الصحي. وكان تدشين محطة أكويو في جنوب البلاد ليشكّل محطة أساسية للرئيس التركي خلال الأسبوع الراهن، وهو كان يعول على زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن هذا الأخير قرر الكلام عبر الفيديو أيضاً.
إلا أن هذه الوعكة لم تأتِ في الوقت المناسب، فإردوغان الموجود في السلطة منذ 2003، يواجه معارضة شكلت جبهة موحدة تضعها في موقع جيد، على ما تظهر نتائج استطلاعات عدة للرأي.
أما منافسة الرئيسي، كمال كليشدار أوغلو، الذي رشحه تحالف من 6 أحزاب معارضة، فقد حصل على دعم ضمني من حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد، القوة السياسية الثالثة في البلاد، والذي يعتبر صانع الملوك في الاقتراع الرئاسي. وكان إردوغان ينوي المشاركة في تجمعين انتخابين أو 3 في الأسبوعين الأخيرين قبل موعد الانتخابات.
وتتضارب تقديرات استطلاعات الرأي. وقال نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية»، نعمان قورطولموش، إن استطلاعات الرأي الأخيرة، التي أعدت في إطار الانتخابات، كشفت تفوق حزب العدالة والتنمية أمام أقرب خصومه بما يتراوح بين 10 و15 نقطة.
وذكرت وكالة بلومبيرغ أن غياب الاستجابة القوية لزلزال فبراير وارتفاع أسعار المواد الغذائية والإيجارات، يضعان إردوغان أمام فرصة واقعية لخسارة الانتخابات.
ولطالما كان إردوغان «السياسي الذي لا يمكن مسّه» في جنوب شرق تركيا المحافظ دينيا، حيث فاز بثلثَي الأصوات في هذه المنطقة خلال انتخابات 2018. وبحسب «بلومبيرغ»، فإن الناس بهذه المنطقة لا يزالون غاضبين من تأخّر الحكومة في معالجة تبعات الزلزال، حيث لا يزال الكثير من سكان مدينة كهرمان مرعش، مركز الزلزال يعيشون في خيام منصوبة بإحدى الضواحي الصناعية للمدينة. وبعد التضخم المستمر وجهود إردوغان المستمرة لإسكات المنتقدين، وتأكيد سيطرته على النظام القضائي في البلاد، دفع ذلك العديد من الناخبين إلى إعادة النظر في ولاءاتهم.
وسوف تجرى الانتخابات في ظروف «بالغة الصعوبة»، بسبب «وضع الديموقراطية» وتداعيات الزلزال، على ما يرى كبير مراقبي مجلس أوروبا الذي سيوفد بعثة مراقبة.
ومهما حدث، فإن النتيجة ستتوقف جزئيا على إقبال الناخبين الجدد، بحسب «بلومبيرغ» التي أشارت إلى أنه من بين 61 مليون ناخب مؤهل في تركيا، قد يدلي أكثر من 5 ملايين بأصواتهم للمرة الأولى.
في المقابل، قالت «الإيكونومسيت»، التي وصفت الانتخابات بأنها الأهم منذ 100 عام، إنه على الرغم من أن استطلاعات الرأي الأخيرة تُظهر تقدّم كليشدار أوغلو، فإنها تتوقع أن يتمكن إردوغان من الحفاظ على السلطة.
ووفقا لمتوسط استطلاعات الرأي التي أجريت في أبريل الجاري حول الانتخابات الرئاسية، يبدو أن كليشدار أوغلو متقدم، لكنه لا يمكن أن يتجاوز حاجز الـ 50 في المئة. ويتقدم كليشدار أوغلو في ثماني شركات إحصاء من أصل 10 أجرت استطلاعات الرأي العام، بينما احتل إردوغان المرتبة الأولى في استبيانين.
دولياً أظهر استطلاع للرأي نشره موقع «المونيتور» الأميركي امس الاول، وجود تعادل إحصائي بين إردوغان وكليشدار أوغلو، إذ حصل الاول على دعم 45.2 في المئة والثاني على 44.9 في المئة. ووفق الاستطلاع نفسه، قالت أغلبية المستطلعين (62.1 في المئة) إنهم غير راضين عن المناخ السياسي الحالي في البلاد، في حين يعتقد نحو 45.8 في المئة منهم أن البلاد كانت تسير في الاتجاه الخاطئ.
إلى ذلك، تراجعت الرئاسة التركية عن توقعاتها بعقد لقاء قمة بين إردوغان والرئيس السوري بشار الأسد الشهر المقبل. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، أمس، إن الاجتماع الرباعي المقبل بين روسيا وتركيا وإيران وسورية في موسكو، سيعقد بعد الانتخابات الرئاسية التركية، وهو ما يعني أن اللقاء بين الأسد وإردوغان لن يعقد قبل الانتخابات.