يبقى ما لم يُعلن في زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان إلى لبنان هو الأهم من بين كل المواقف التي أطلقت.

وفي خلاصة واضحة للزيارة، يمكن التقاط مؤشرات عديدة، أبرزها دعوة وزير الخارجية الإيراني لعدد من النواب من كتل مختلفة لعقد لقاء معه، فيما رفضت كتل متعددة، ولا سيما مسيحية وسنيّة، المشاركة في اللقاء.

Ad

أما المؤشر الآخر، فكان زيارة عبداللهيان إلى الجنوب، وتحديداً منطقة مارون الراس لتدشين تمثال جديد للجنرال الإيراني قاسم سليماني الذي اغتاله الأميركيون في بغداد، وزراعة شجرة زيتون، وهي خطوة لها رمزيتها بما يتعلق بالسلم أو بالحرب. وبناء على هذه المؤشرات قال عبداللهيان إن إيران حاضرة في بيروت، وحريصة على هذا الحضور بعد الاتفاق السعودي - الإيراني، وأن هذا الاتفاق لا يشمل الجبهة مع إسرائيل.

سياسياً، لم يتدخل عبداللهيان في تفاصيل الملف اللبناني، خصوصاً مسألة انتخاب رئيس للجمهورية، وقد أكد في أكثر من محطة ومناسبة أن هذا الملف بيد اللبنانيين الذين يجب أن يتفقوا فيما بينهم، وهذا يعني أن إيران تُوكل إدارة هذا الملف إلى حزب الله، وتحديداً الأمين العام الحزب حسن نصرالله، وقد حضر الملف بتفاصيله في اللقاء بين الرجلين.

فيما هناك سؤال أساسي يُطرح حول ما تم بحثُه أيضاً ربطاً بالاتفاق السعودي - الإيراني، وإمكانية الذهاب إلى تفاوُض مباشر بين السعودية وحزب الله، مادامت طهران توكل الملف اللبناني للحزب، لا سيما أن إيران تريد للرياض أن تتفاوض مع حلفائها، كما حصل في اليمن، أو في سورية، أو حتى في العراق، بشكل غير مباشر، وتبقى الإجابة عن هذا السؤال رهن الأيام المقبلة.

في خلال زيارة عبداللهيان إلى بيروت، تم الإعلان عن زيارة سيجريها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سورية الأربعاء المقبل، وهي الأولى لرئيس إيراني إلى دمشق منذ اندلاع الأزمة عام 2011. وقد أجلّت هذه الزيارة مراراً، حيث كانت طهران تشترط الحصول على استثمارات كبيرة مقابلها، وهو ما تعقّد أكثر الآن في ظل الانفتاح العربي عليها. وتشير المعلومات إلى أن الرياض كان قد طلبت من دمشق عدم الاستمرار في منح طهران استثمارات طويلة الأجل، والتخفيف من الوجود العسكري الإيراني.

وبحسب ما تؤكد المعلومات، فإنّ الإيرانيين وحزب الله عملا على اتخاذ إجراءات للتخفيف من المشاهد العسكرية والأمنية للإيرانيين والحزب العلنية والمكشوفة، من خلال إزالة حواجز في مناطق متعددة من دمشق، وعملية إعادة تموضع للقوات.

وفي ظل هذه التطورات، تنطوي زيارة رئيسي على أهمية كبرى، نظراً لما سيتم الاتفاق عليه، بينما المؤشر الأول الذي يمكن استنتاجه يرتبط بإثبات إيران وجودها في سورية أيضاً، بعد الاتفاق السعودي - الإيراني، وفي ظل الانفتاح العربي على دمشق، ومطالبتها بخطوات أساسية لخروج القوات الأجنبية من الأراضي السورية.

لا بدّ لرئيسي أن يكون حاملاً الكثير من العروض لدمشق، وقد يكون من بينها مساعدات مالية كبرى لطالما طالبت بها دمشق، وقد يكون من مصلحة طهران تلبيتها الآن، وفق ما تقول مصادر متابعة.